خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات وكل التحايا القلبية الخالصة نبعثها اليكم من قلوبنا المتلهفة للقاءكم كل اسبوع حيث تجمعنا معاً آفاق الشعر واجواء القصائد التي خلدها التاريخ وإستعصت على الزوال والنسيان لروعتها وجمالها وأبعادها الانسانية. ندعوكم أيها الأحبة لتكونوا برفقتنا عبر محطتنا لهذا الأسبوع والتي سنستكمل فيها تجوالنا في عالم الكاتبة والشاعرة الجزائرية المعاصرة احلام مستغانمي.
المحاورة: أحبتي المستمعين تواصل الشاعرة احلام مستغانمي في المقاطع المتبقية من قصيدتها النثرية "حان لهذا القلب أن ينسحب" تواصل حديثها عن الزيف الذي يرين على العلاقات التي من المفترض أن تكون انسانية ملئها الدفء والحرارة والصدق لتعلن في النهاية انسحاب قلبها من دوامة هذا الحب المصطنع، هذا الحب الذي لايمنح المحبين الشوق واللهفة ونسيان مرور الوقت واللحظات لأنهما ببساطة يبقيان اثنين ولايتحولان الى واحد، ولأنهما يتقاطعان في اتجاههما ولاينظران نحو أفق واحد يحملهما نحو التوحد الذي يمثل الجوهر الأصيل للحب الحقيقي. فلنستمع أيها الأفاضل الى حديث قلب الشاعرة وهي تعلن إحتجاجها على هذا الزيف الذي يغتال علاقات الحب الانسانية.
إختلفنا بتطرف
إختلفنا بتطرف لنثبت أننا
لم نعد نسخة طبق الأصل عن بعضنا
تناقشنا بصوت عال
حتى نغطي على صمت قلبنا
الذي عودناه على الهمس
نظرنا الى ساعتنا كثيراً
نسينا أن ننظر الى بعضنا بعض الشيء
إعتبرنا!!
لأننا أخذنا من وقت بعضنا الكثير
ثم عدنا وجاملنا بعضنا البعض
بوقت اضافي للكذب
لم نعد واحداً
صرنا اثنين
على طرف طاولة مستطيلة
كنا متقابلين
عندما إستدار الجرح
أصبحنا نتجنب الطاولات المستديرة
الحب أن يتجاور اثنان
لينظرا في الاتجاه نفسه
لا أن يتقابلا
لينظرا لبعضهما البعض
تسرد عليّ همومك الواحد تلو الآخر
أفهم أنني ما عدت همك الأول
أحدثك عن مشاريعي
تفهم أنك غادرت مفكرتي
تقول إنك ذهبت الى ذلك المطعم الذي لاأسألك مع من؟
أقول إنني سأسافر قريباً
لاتسألني الى أين؟
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم من جديد أيها الأفاضل وأنتم برفقة برنامجكم الأدبي سير القصائد من اذاعة طهران العربية. أحبتي نستأنف حوارنا مع خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره في الستوديو ليكمل حديثه الذي بدأه في الحلقة السابقة حول الشاعرة الجزائرية المعاصرة احلام مستغانمي وعالمها الشعري. دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته تحياتي لكم وللمستمعين الكرام
المحاورة: وتحياتنا لك دكتور ونرحب بكم كل الترحيب. دكتور في الحلقة الماضية من البرنامج تحدثتم عن الشاعرة الجزائرية المعاصرة والأديبة احلام مستغانمي فنرجو منكم إستكمال الحديث حول هذه الأديبة.
الشحمان: نعم إن شاء الله سوف نكمل الحديث الذي يبقى ناقصاً عن هذه الكاتبة والشاعرة المبدعة احلام مستغانمي التي يلمع اسمها في سماء الأدب الانساني والشعر المعاصر وأنا اعتبرها مفخرة للأدب العربي المعاصر الذي قدمته النساء الأديبات في هذا المجال..
المحاورة: كغادة السمان مثلاً
الشحمان: نعم غادة السمان وغيرها الكثير من الأسماء التي تبدو لنا وتلوح في سماء الأدب العربي المعاصر وخاصة في مجال الشعر وفي مجال اللغة الشعرية. تحدثنا عن أسلوبها وبقي أن نشير في هذا القسم من حديثنا المقتضب الى البعض من نتاجاتها الأدبية والشعرية، قلنا إنها كاتبة وشاعرة في نفس الوقت، كاتبة روايات وكاتبة القصائد النثرية ولكن نتاجاتها كلها تعتبر من الشعر في الحقيقة لأن كل ما كتبت كتبته بلغة شعرية..
المحاورة: حتى الروايات دكتور؟
الشحمان: حتى الروايات نعم. لكني أشير هنا الى بعض المؤلفات التي قدمتها طيلة مسيرتها الشعرية وهي الان في الستين عام. من مثل على مرفأ الأيام، مجموعة من القصائد النثرية كتبتها في بداية الثمانينات، كتابة في لحظة عري في عام ۷٦ وروايتها الأشهر او سلسلة روايتها المتصلة ببعض وهي ذاكرة الجسد وفوضى الحواس وعابر سرير وخاصة روايتها الأشهر والتي تعتبر من روائع الأدب الروائي العربي في العصر الحديث حيث حصلت هذه الرواية على جائزة نجيب محفوظ في عام ۹۸ والتي قال عنها وعن مضمونها وعن سبب تميز هذه الرواية، قال أحد النقاد وهو يؤيد ما ذهبت اليه من انها حتى في روايتها تنزع نزعة شعرية، يقول الرواية أي ذاكرة الجسد: عبارة عن قصيدة مكتوبة على كل البحور وليست لغة شعرية فحسب وإنما كتبتها على كل البحور والأوزان، على بحر الحب وبحر الأيديولوجيا وبحر الثورة الجزائرية من مناضليها ومرتزقيها وابطالها وقاتليها وسارقيها، هذه الرواية لاتختصر على ذاكرة الجسد وحسب ولكنها تختصر تاريخ الوجع الجزائري والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي آن لها أن تنتهي.
أحب هنا أن أقرأ شيئاً نتاجاتها الشعرية في مجال القصيدة النثرية، لها الكثير كما لاحظتم من الدواوين الشعرية ولكن هنا انشد بعض المقاطع من قصيدة جميلة ورائعة لها، تبدو فيها وكأنها فيلسوفة وحكيمة تحاول إصطياد المفارقات والمتناقضات من الحياة وعنوان هذه القصيدة مواسم لاعلاقة لها بالفصول، تقول في هذه القصيدة:
هنالك مواسم للبكاء الذي لادموع له
هنالك مواسم للكلام الذي لاصوت له
هنالك مواسم للحزن الذي لامبرر له
هنالك مواسم للمفكرات الفارغة والأيام المتشابهة البيضاء
هنالك أسابيع للترقب وليال للأرق
وساعات طويلة للضجر
هنالك مواسم للحماقات واخرى للندم
ومواسم للعشق وأخرى للألم
هنالك مواسم لاعلاقة لها بالفصول
الشحمان: لاأدري هل بقي لي شيء من الوقت
المحاورة: على ما يبدو لايزال معنا دقيقتان
الشحمان: نعم اكمل بعض المقاطع
المحاورة: نعم تفضل دكتور
الشحمان: طبعاً القصيدة كلها تبدأ بهذه الكلمة هنالك
هنالك مواسم للرسائل التي لم تكتب
للهاتف الذي لايدق
للإعترافات التي لن تقال
للعمر الذي لابد أن ننفقه في لحظة رهان
هنالك رهان يلعبه قلبنا على طاولة القمار
هنالك لاعبون ماهرون يمارسون الخسارة بتفوق
هنالك بدايات السنة أشبه بالنهايات
هنالك نهايات أسبوع أطول من كل الأسابيع
هنالك صباحات رمادية لأيام لاعلاقة لها بالخريف
هنالك عواصف عشقية لاتترك لنا من جوار
وذاكرة مفروشة لاتصلح للإيجار
هنالك قطارات ستسافر من دوننا
وطائرات لن تأخذنا أبعد من أنفسنا
الشحمان: الى آخر هذه القصيدة ولاأريد أن أطيل عليكم وعلى المستمعين الكرام رغم روعة هذه القصيدة وجماليتها وعمق تأثيرها في النفس. في الحقيقة بإختصار تعتبر هذه الأديبة مفخرة من مفاخر الأدب النسوي المعاصر في مجال الرواية وفي مجال الشعر. أرجو أن أكون قد وفيت حقها.
المحاورة: كل الشكر والتقدير لكم ضيفنا الكريم الدكتور سعدي الشحمان على هذا الحديث الذي سبرتم من خلاله أغوار شخصية الكاتبة والشاعرة الجزائرية المعاصرة احلام مستغانمي
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الكرام لطيب متابعتكم وحتى الملتقى في حلقة جديدة من برنامجكم سير القصائد نترككم في رعاية الله الى اللقاء.