خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا محبي الشعر وعشاق القوافي أينما كنتم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحيات قلبية خالصة وأطيب الأماني نبعثها اليكم ونحن نجدد اللقاء بكم بين دروب محطة اخرى من محطات برنامجكم الأسبوعي المتجدد دوماً سير القصائد. رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: أيها الكرام سنستكمل في هذا اللقاء مسيرتنا بين جوانب شخصية الشاعر العراقي المعاصر مظفر النواب وقصيدته التي كتبها وهو يعيش الضياع والغربة في المنافي "وحشة الطرقات" حيث الحنين الى الوطن يمتزج بالسخط السياسي والتمرد على الواقع السياسي الذي تسبب في تلك الغربة الطويلة التي عاشها الشاعر بين المدن والعواصم حاملاً معه هموم وطنه الصغير العراق ووطنه الكبير العالم العربي بكل تناقضاته ومفارقاته وجراحه ومآسيه التي تدمي القلوب والتي كثيراً ما تدفع الشاعر الى القسوة في مخاطبة المتسببين في هذا الواقع. ندعوكم أيها الأحبة الى متابعتنا.
أواه اذ طال الفراق
وعاش موتي غربة اخرى
بغير ترابه
سأصيح في الليل البهيم
أنا العراق!
متى اعود الى العراق؟
ليغسل النهران وعثاء الزمان ووحشتي
وأعود أمي نخلة
وأنا بجانبها فسيل
اللب أبيض ناصع
ويبث السعف الخصبة النسمات
ما من نسمة إلا ومني
أتأمت بدل الربيع اثنين
يامولاي
لو زرت العراق، قف
قف لي في محراب الوجود
قبل العتبات
شمر عن هدير الروح
يعرفك العراق من الهدير
ستضاف رغم الجوع
في بلد يغذي الأرض
بسمت ثعالبه
ومات الناس من مرض سياسي وبيل
ولقد يكون الحزن بنا
مخلوقاً متوحشاً
لكنه وحش خرافي نبيل!
المحاورة: أيها الأحبة نحن وأنتم بإنتظار تكملة حديث خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان، السلام عليكم دكتور
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أختي الكريمة وتحياتي الخالصة للمستمعين الكرام.
المحاورة: حياكم الله ونرحب بكم دكتور من جديد ونرجو منكم مواصلة حديثكم الذي بدأتموه في حلقة البرنامج الماضية حول شاعر التمرد الثورة والحنين الى الوطن أحياناً، هذا الحنين الذي قد يخفف للحظات من حدة لهجة الشاعر ونزعته الملازمة له للهجوم على الواقع المرير فنرجو أستاذ التركيز هذه المرة على أشعار الشاعر ونتاجاته.
الشحمان: نعم إن شاء الله تعالى سوف نكمل الحديث حول هذا الشاعر العراقي مظفر النواب الذي له إمتدادات واسعة في جميع أنحاء العالم بفضل قصائده التي تميزت بطرح القضايا السياسية وهموم الأمة، هذا الذي يميز قصائده كلها تقريباً سوى بعض القصائد التي كتبها في الحنين الى الوطن والتي لم تخلو كما تفضلتم هي الأخرى من طرح الهموم السياسية وخاصة أزمة الأنظمة الدكتاتورية وأزمة الانسان المثقف الذي عانى ويعاني من قمع هذه الأنظمة. مظفر النواب كما قلنا حياته كانت حافلة بالكثير من الأحداث وربما بالكثير من المغامرات. قلنا في الحلقة السابقة، أشرنا الى أنه نتيجة هذه القصائد التي نظمها عندما كان في العراق ذاق مرارة السجن حيث سجن عدة مرات حتى أن طريقة خروجه من السجن كانت عجيبة، يقولون إنه حفر مع زملاءه نفقاً تحت السجن واستطاع عن طريق هذا النفق الهروب عن السجن وتوارى عن الأنظار في مسقط رأسه بغداد وظل متخفياً. وكما قلنا كان هروبه الأول الى جنوب العراق، الى الأهوار ومن ثم الى ايران. واشرنا في الحلقة الماضية أنه نظم قصيدة جميلة عندما وقع في قبضة السافاك قبل الثورة الاسلامية في ايران وتم تسليمه من قبل النظام السابق الى السلطات في العراق فنظم في هذا المجال قصيدة طويلة وكما قلنا قصائده مطولة جداً وهو يتميز دائماً أنه يحاول أن يتعمق في التفاصيل والجزئيات. هذه القصيدة التي تحمل عنوان "بكائية على صدر الوطن" يشير فيها الى الأماكن بشكل صريح ويقول فيها:
في طهران وقفت أمام الغول
الشحمان: يقصد يعني المفتش او المحقق
تناوبني بالسوط والأحذية الضخمة
عشرة جلادين
وكان كبير الجلادين
له عينان كبيت نمل أبيض مطفأتين
الشحمان: معذرة
وشعر خنازير ينبت من منخاريه
الشحمان: وطبعاً هذه تعتبر لغة بسيطة في قاموس الشاعر مظفر النواب وأن هناك الكثير من العبارات نضطر الى حذفها
وفي شفتيه كلمات كان يقطرها في أذني
ويسألني من انت؟
خجلت أقول: قاومت الاستعمار
فشردني وطني
غامت عيناي من التعذيب
رأيت النخلة، ذات النخلة
والنهر المتشدق بالله
وأصبح الشط الآن قريباً مني
والله كذلك كان هنا
الشحمان: والله طبعاً موجود في كل مكان
وإحتشد الفلاحون عليّ وبينهم
الشحمان: هنا يستخدم بعض الرموز التاريخية كعادته
وإحتشد الفلاحون عليّ وبينهم
علي وأبو ذر والأهوازي
ولومومبا وجيفارا
لاأتذكر!!!
فالثوار لهم وجه واحد في روحي
غامت عيناي من التعذيب
تشقق لحمي تحت السوط
فحط على رأسي في حجريه
وقال تحمل، فتحملت!!
وجاء الشعب وقال: تحمل، فتحملت!
والنخلة قالت وأنهر قالت، فتحملت!
وشق الجنب
وهبت نسمات
لاأعرف كيف أفيق عليها بين الغيبوبة والصحوة؟
الشحمان: في هذه القصيدة التي يطرح فيها همومه ومعاناته في العراق ايضاً لاينسى القضية الفلسطينية فيقول:
وهبت نسمات
لاأعرف كيف أفيق عليها بين الغيبوبة والصحوة؟
تمواج وجه فلسطين
فهذه المتكبرة الثاكل
تحضر حين يعذب أي غريب
أسندني الصبر المعجر في عينيها
فنهضت!
وقفت امام الجلاد
بصقت عليه من الأنف الى القدمين
فقدت رأسي ثانية بالأرض
وجيء بكرسي حفرت هوة رعب فيه
ومزقت الثواب عليّ
الشحمان: هذه قصيدة طويلة جداً وتعتبر من القصائد الرائعة التي مزج فيها الشاعر مظفر النواب بين هموم وطنه وبين هموم العالم العربي والاسلامي بشكل عام. لاأدري هل هناك من وقت؟
المحاورة: على مايبدو دكتور معنا دقيقتان من الوقت
الشحمان: لا تفضلوا انتم بإكمال إنشادكم للقصيدة المختارة.
المحاورة: شكراً لكم دكتور، بعد هذا الحديث المفيد والشيق جداً الذي تفضلت به نستأذنك الان دكتور في إستئناف جولتنا في رحال بكائية الشاعر مظفر النواب على الوطن عبر قصيدته "وحشة الطرقات" حيث يواصل الشاعر التعبير عن حنينه الى الوطن ولكن بطريقته المتمردة الساخطة الخاصة به، متسائلاً في نهاية قصيدته عن مصير وطنه وهل قدر له أن تدوم محنته الى مالانهاية؟ فكونوا معنا.
اشرب
فديتك أسكت الأوجاع والمذياع
باعونا خرافاً جملة او مفرداً
بل انزلوا مالايقال الى الحذاء
وظروف عصيبة
ولنا سلاح آخر
النفط!!
اين زمانك ياعراق؟
أم الزمان صار مثلك قتيل؟
قالوا: يامعاذ الله
بل نبكي بباب الدولة الكبرى زماناً
فقد يجدي العويل
اشرب فديتك
وإسق الكرمة حظها
وأخرج الى طرقات هرّج
بالدموع وبالصياح
وإصبعي الوسطى
كفرنا بدكاكين إبن آوى
ياحلاقات الجيوب
بمشطكم والماء والصابون والكرسي طبعاً
والمرايا
إنما اين العراق؟
أغيبة اخرى الى زمن طويل؟؟
المحاورة: وهكذا مستمعينا الكرام إنتهت هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد وخصصنا هذه الحلقة للشاعر العراقي المعاصر مظفر النواب. مع جزيل شكرنا لكم دكتور لهذه الايضاحات المفيدة شكراً لكم دكتور
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: إن شاء الله سنلتقي بك دكتور وبمستمعينا الكرام في الحلقة المقبلة من البرنامج حتى الملتقى أطيب المنى، في امان الله.