البث المباشر

الشاعر علي احمد سعيد (أدونيس) ۱

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:31 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام علكم ورحمة الله تعالى وبركاته كل المراحب بكم أيها الأحبة في هذا اللقاء الذي يتجدد معكم عبر برنامجكم الاسبوعي سير القصائد آملين أن تقضوا معنا أطيب الوقات وأحلاها مع ما أعددناه لكم في حلقة هذا الأسبوع من مختاراتنا الشعرية. ندعوكم لمرافقتنا.
المحاورة: لازلنا نعيش العوالم الشعرية الغريبة والغامضة للشاعر السوري المعاصر الذي شاء أن يتخذ لنفسه لقباً او اسماً مستعاراً خرج به عن المألوف بين أقرانه من الشعراء ألا وهو أدونيس تاركاً وراءه اسمه الحقيقي علي احمد سعيد تلك العوالم التي حاول أن يطبق فيها نظريته في الحداثة الشعرية، هذه النظرية التي أثارت عاصفة من الجدل بين النقاد مازالت قائمة بين منتقد ومؤيد لها وبين لائذ بالصمت ومتحفظ في إعلان رأيه ولكنه على أية حال خلفت لنا نتاجات شعرية نلحظ فيها اللغة الشعرية الساحرة بكلماتها وعباراتها، لغة تشهد لصاحبها بالتميز وعمق التجربة الذاتية ومحاولة إستبطان الموضوعات الانسانية المطروحة فيها كما تشهد لنا بذلك قصيدته التي إخترناها لكم مستمعينا الأفاضل لحلقة هذا الأسبوع من سير القصائد والتي تحمل العنوان "أغنيات" فلنعش لحظات مع هذه القصيدة.

سكنت وجهها

سكنت في نخيل من الصمت

بين رؤاها وأجفانها

بيتها شارد

في قطيع الرياح

وأيامها سعف يابس ورمال

من يقول لزينب عيناي ماء

ووجهي بيت لأحزانها

ألمح الآن احزانها

كالفراشات تضرب قنديلها

حرة ذاهلة

وأراها تمزق منديلها

ألمح الآن امي

وجهها حفرة

ويداها وردة ذابلة

كان هذا ممراً الى بيتها

كثيراً خبئتنا شجيراتها

ورسمنا في تقاطيعه خطانا

وهنا كان مروان يجمع أصحابه

مات ميثاقهم وماتوا

وإنمحت هذه العتبات

أخذوه الى حفرة، حرقوه

لم يكن قاتلاً، كان طفلاً

لم يكن، كان صوتاً يتموج

يعلو مع النار

يرقى على درجات الفضاء

وهو الآن شبابة في الهواء

لبس منديلها

ليلثم وجهاً

او يرد الغبار

ولبس لكي يمسح الدمع منديلها

كان منديلها راية

ترك القافلة ومزاميرها وهواها

مفرد ذابل

جلبته الى عطرها

وردة ذابلة


المحاورة: عبارات تشبه عبارات الكهان والمتنبئين الى حد كبير تلك التي تناهت الى مسامعنا من قصيدة الشاعر أدونيس صاحب اللغة الشعرية الخاصة به. ربما غلفها الغموض والابهام ولكنها رغم ذلك لغة شعرية لايمكن لأحد صياغتها سوى من تمتع بالموهبة الشعرية. ربما كانت التجربة الشعرية التي تنتظم هذه القصيدة امرأة من الجنوب، قد تكون أماً وقد تكون الأخت الكبرى، المهم أن هناك شهيداً يطالعنا من بين الضباب الذي غلف الشاعر به قصيدته بعبارته القصيرة المقطعة المتدفقة كأنها الحكم والقوانين الأزلية الثابتة. على أي حال مستمعينا الأفاضل نترك الآن الحديث لضيفنا الكريم خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الاستاذ الدكتور سعدي الشحمان ليكمل حديثه حول اللمسات الحداثوية التي تميزت بها قصائد الشاعر أدونيس. دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المحاورة: حياكم الله دكتور أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: حياكم الله. نعم سوف نتكلم في هذه الحلقة من البرنامج حول الشاعر السوري المقسم الى إنتمائين، سوريا ولبنان، سوريا من حيث المولد ومن حيث الأصل ولبناني من حيث الاقامة والعيش حيث أمضى فترة طويلة من حياته في البلد الذي أحبه ..
المحاورة: وهو علي احمد سعيد
الشحمان: نعم اسمه الحقيقي علي احمد سعيد. أطلق على نفسه وخلافاً لما إعتاد عليه الشعراء العرب قديمهم وحديثهم، أطلق على نفسه اسم أدونيس. فأدونيس يذكرنا بالحضارة الفينيقية القديمة التي انتشرت في بلاد الشام التي كانت حضارة بحرية وبلاد الشام تطل على البحر الابيض المتوسط. وهو إله وربما كان نصف إله يجسد عند الكنعانيين وعند الفينيقيين وبعد ذلك عند الاغريق يجسد الربيع والخصب، قصته معروفة إنتقلت الى الحضارة اليونانية وهو حبيب الإلهة عشتار عند البابليين القدامى. على كل حال إختياره لهذا الاسم هو...
المحاورة: تأثره بالاسم
الشحمان: نعم تأثره بالأسطورة وتأثره الى حد كبير بالحضارة الفينيقية وميله الى استخدام وتوظيف الرموز والأقنعة.
المحاورة: كما نشهد ذلك في أشعاره كثيراً دكتور
الشحمان: نعم وهي ظاهرة واضحة حتى أنه يعتبر من الشعراء التموزيين على ما يصطلح عليه الذين وظفوا الرموز والأقنعة القديمة في أشعارهم. على كل حال زوجته ايضاً هي أديبة
المحاورة: نعم خالدة سعيد
الشحمان: الأديبة خالدة سعيد، لم يدخل مدرسة نظامية كما هو معروف حتى بلغ سن الثالثة عشرة وبدأت حياته العلمية والثقافية. حفظ القرآن الكريم كما حفظ الكثير الكثير من الأشعار القديمة
المحاورة: سبحان الله أكثر الشعراء الذين تناولنا حياتهم وسيرتهم الذاتية رأينا هذه الركيزة اذا صح التعبير وفي معظمهم هو حفظ القرآن الكريم بعيداً عن الاتجاهات الفكرية
الشحمان: نعم ونحن نتحدث عن الناحية الفنية وعن القيمة الفنية وعن موهبة الشاعر. يعتبر أدونيس من الشعراء الذين يتمتعون بموهبة رغم أنه يعتبر من الشعراء المثيرين للجدل من حيث النظرية التي طرحها واثارت الكثير من النقاش والجدل بين اوساط النقاد والشعراء الآخرين وهي نظرية الحداثة الذي طرحها في كتابه او في أطروحته التي قدمها للدكتوراه وهي الثابت والمتحول. على كل حال كان في أول عهده بالشهرة عندما ألقى قصيدته الوطنية أمام رئيس الجمهورية السورية في ذلك الوقت عام ۱۹٤٤ فنالت إعجابه وتبنته الدولة وأرسل الى المدارس النظامية وتخرج من جامعة دمشق وتخصص في الفلسفة لأنه كان ميالاً بطبيعته الى الفلسفة.
المحاورة: كذلك نلحظ هذا في أشعاره دكتور يعني يتميز بفلسفة خاصة
الشحمان: نعم نعم يميل في أسلوبه الشعري والمعاني التي يطرحها ينبئها بأنه متأثر بالفلسفة الى حد كبير والموضوع يستحق الدراسة بشكل مستقل. نعم بالتحديد في عام ٥٦ غادر سوريا متجهاً الى لبنان في مطلع شبابه، في لبنان إلتقى بالشاعر يوسف الخال وأصدر مجلة الشعر المعروفة في عام ٥۷ وبعد ذلك نال درجة الدكتوراه في الأدب في مطلع الثمانينات وكما قلت قدم أطروحته الثابت والمتحول التي أثارت سجالاً طويلاً وبعدها غشي الأوساط الجامعية حتى أنه كان يدعى أستاذ زائر او استاذ مدعو الى بعض جامعات فرنسا ومراكزها البحثية، كذلك الى سويسرا والولايات المتحدة وألمانيا. نال عدداً كبيراً من الجوائز العالمية فإستطاع أن يتجاوز ويخترق حدود العالم العربي في شهرته، ترجمت اعماله الى ثلاثة عشرة لغة منها اللغة الفارسية. على كل حال حديثنا عن هذا الشاعر الكبير يكون له صلة إن شاء الله في الحلقة القادمة.
المحاورة: نعم مع الأسف الوقت قد داهمنا نشكركم بجزيل الشكر وسنستضيفكم في الحلقة المقبلة من البرنامج ونكمل الحديث حول الشاعر ادونيس الذي اسمه الحقيقي علي احمد سعيد الشاعر السوري المعاصر فشكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الكرام حتى الملتقى أطيب المنى في امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة