خبير البرنامج:الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل محبي الأدب وعشاق القوافي أينما كنتم السلام عليكم. تحياتنا القلبية وأمنياتنا الخالصة نبعثها اليكم ونحن تغمرنا البهجة ويفيض علينا السرور لتجديد اللقاء بكم عند محطة اخرى جديدة من محطات برنامجكم الأسبوعي سير القصائد راجين أن تكونوا قد قضيتم معنا حتى الآن أحلى الأوقات العامرة بعبق الشعر وعطر القوافي. أيها الأفاضل كونوا معنا.
المحاورة: أيها الأحبة من أرض لبنان، أرض الجمال والطبيعة الغناء والتاريخ العابق بعطر الحضارة والعراقة والأدب والفن، الأرض المعطاء التي قدمت للبشرية وللعالم العربي الكثير الكثير من المواهب الأدبية والفكرية التي تركت آثارها واضحة على مسيرة الشعر والأدب والفكر. إخترنا لكم شاعرنا وقصيدتنا لهذا الأسبوع، إنه الشاعر الكبير الذي تلألأ أسمه في سماء الشعر العربي المعاصر لعقود، سعيد عقل، صاحب العقل المجدد والأطروحات الجريئة في اللغة الشعرية والرائد في مجال المسرح الشعري والملاحم التاريخية والشعر الموسيقي الذي تغنى به الكثيرون وتحول الى أنشودات تترنم بها الألسن على إيقاع القوافي والأوزان والصور الشعرية الحالمة والتعابير القريبة الى القلوب والأسماع بوقعها الموسيقي المحبب الى القلوب. في الحقيقة فإن هنالك الكثير من القصائد والمقطوعات الشعرية التي تستحق التوقف عندها في شعر عقل ولكننا أحببنا أن نحط الرحال في هذا القسم الأول من القسمين اللذين خصصناهما لإستعراض قصائد هذا الشاعر عند قصيدته الشهيرة التي جال بها الشاعر بين جنبات الديار المقدسة حيث مهو الأفئدة وملتقى الأرواح المؤمنة وحيث كعبة القلوب والأبصار فقدم لنا رائعة من أجمل ما يمكن أن يقال عن مهبط الوحي وعن كل تلك الحشود القادمة من كل فج عميق. فلنستمع معاً الى الشاعر وهو يصور لما بريشة الفنان القدير موسم الحج العظيم وصوره والمعاني الرائعة التي يثيرها في النفس وذلك قبل أن يجمعنا اللقاء بخبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان ليحدثنا عن الشاعر والقصيدة. تابعونا أيها الأفاضل.
غنيت مكة أهلها الصيدا
والعيد يملأ أضلعي عيدا
فرحوا فلألأ تحت كل سما
بيت على بيت الهدى زيدا
وعلا أسم رب العالمين على
بنيانهم كالشهب ممدودا
ياقارئ القرآن صل لهم
أهلي هناك وطيب البيدا
من راكع ويداه آنستا أن
ليس يبقى الباب موصودا
أنا أينما صلى الأنام رأت
عيني السماء تفتحت جودا
لو رملة هتفت بمبدعها
شجواً لكنت لشجوها عودا
المحاورة: أبيات جميلة ورائعة حقاً نقلتنا للحظات الى تلك الأجواء الروحية والايمانية التي تحفل بها الديار المقدسة كل عام عندما ينفر الحجيج من كل صوب وحدب ليلبوا نداء خالقهم وليحييوا تلك الشعائر الابراهيمية المفعمة بمعاني التوحيد والتضحية والفداء فما رأيكم ضيفنا الكريم الاستاذ الدكتور سعدي الشحمان بصاحب هذه القصيدة وماهي مكانته بين الشعراء العرب المعاصرين وبماذا تميز عنهم في أسلوبه وأغراضه؟ بداية أهلاً ومرحباً بكم دكتور.
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: في الحقيقة أشعر بالسرور لتجديد اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور، شكراً لهذا الحضور. مارأيكم بصاحب هذه القصيدة ومكانته الشعرية بين المعاصرين بالطبع؟
الشحمان: في الحقيقة الأمر كما تفضلتم سعيد عقل يعتبر من كبار الشعراء المعاصرين، يحتل مكانة خاصة ومتميزة في مسيرة الشعر العربي المعاصر في لبنان خاصة وفي العالم العربي بشكل عام. يعتبر من الشعراء الغزيري الانتاج، ساعده على ذلك العمر الطويل الذي حباه الله تعالى به فقد عاش أكثر من قرن. ولد عام ۱۹۱۲ وتوفي في السنة الماضية عام ۲۰۱٤ فعاش قرناً كاملاً وناف على هذا القرن بقليل فكأنه كما يقول النقاد كان شاعر هذا القرن. لذلك يعتبر هو من أهم الشعراء اللبنانيين وأسهم في الكثير من المجالات يعني بالاضافة الى الكتابة حيث كان كاتباً صحفياً وبدأ حياته بالكتابة الصحفية وايضاً كان كاتباً لعدد من المسرحيات التاريخية وايضاً نظم عدداً من هذه المسرحيات وخاصة في مجال تاريخ لبنان حيث كانت في البداية دعواته محدودة بالاطار القومي والوطني اللبناني بالدرجة الأولى والشامي بالدرجة الثانية حيث إخترع في هذا المجال بعض الحروف وأصدر لغة خاصة وصحيفة بهذه اللغة إستمدها من الحضارة الفينيقية التي كان موطنها لبنان وبلاد الشام إلا أنه يبدو أنه تراجع عن هذه الدعوة فيما بعد من مراحل حياته..
المحاورة: نعم كان هو الوحيد الذي سلك هذا الطريق أم كان غيره؟
الشحمان: لا، كانت هناك دعوات كثيرة في تلك الفترة يعني فترة الأربعينات والخمسينات وحتى الستينات. ظهرت الكثير من الدعوات الوطنية والقومية الضيقة في لبنان مثلاً، في مصر ايضاً ظهرت مثل هذه الدعوة وتأطير الحضارة المصرية بالحضارة الفرعونية مثلاً وما الى ذلك، الى أن هذه الدعوات لم تكتب لها الحياة وسرعان ما واجهت الفشل في هذا المجال. على كل حال سعيد عقل يعتبر من الشعراء الموهوبين والشعراء المتمكنين، دعوته الى الوطنية لم تمنعه لأن يكون لنفسه ثقافة واسعة، ثقافة موسوعية، اذا راجعنا دواوينه الشعرية ومسرحياته الشعرية نجد فيها وتشهد لهذا الرجل بالثقافة الموسوعية في مجال الأدب العربي وفي مجال العلوم اللغوية وفي مجال التاريخ وخاصة تاريخ الأدب ولعل القصيدة التي تفضلتم بإنشاد بعض من أبياتها تشهد له بذلك وتشهد له بوضوح بفصاحته وبجزالته وبجمال الصور والمعاني التي قدمها في أشعاره وخاصة في هذا النوع من الأشعار وايضاً بالشاميات التي عرف بها، القصائد التي تغنى من خلالها بلبنان وببلاد الشام والتي كان يعتبرها الوطن الأكبر.
المحاورة: اذا تسمحون لنا دكتور نأخذ فاصل وبعد الفاصل نتحدث أكثر عن القصيدة التي قرأناها في هذا اللقاء.
الشحمان: إن شاء الله
سير القصائد
برنامج يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أنتم معنا في رحاب هذا البرنامج الذي يستعرض روائع الشعر العربي على مر العصور من خلال التعاون مع خبراء الأدب والشعر.
سير القصائد
يبث لحضراتكم مساءاً عند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من كل يوم اثنين ويعاد بثه في الساعة السادسة وأربعين دقيقة صباحاً من يوم الأربعاء حسب التوقيت المحلي لمدينة طهران.
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم أيها الأفاضل وأنتم برفقة برنامجكم سير القصائد من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أحباءنا نعود الى ضيفنا الكريم في الستوديو
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: حياكم الله دكتور. قبل الفاصل تحدثنا عن القصيدة وتحدثنا عن الشاعر ومكانته الشعرية وعن أسلوبه الى حد ما، حبذا لو نتحدث أكثر عن هذه القصيدة، ماذا عن القصيدة التي تعد من روائع الشعر العربي الحديث في وصف موسم الحج والى أي مدى وفق الشاعر في تصوير الأجواء الروحانية التي يحفل بها هذا الموسم؟
الشحمان: في الحقيقة كان الشاعر سعيد عقل موفقاً وناجحاً الى حد كبير في تصوير المشاعر التي تنتاب الانسان المسلم وهو يؤدي مناسك الحج رغم أن شاعرنا لم يكن مسلماً، في الحقيقة كان مسيحياً ولكنه أبدع في وصف هذه الفريضة المباركة، أبدع من حيث الصور ومن حيث المعاني شكلاً ومضموناً، قدم لنا شعراً يفيض بالسلاسة، قدم لنا شعراً يثير الهدوء، يثير الطمأنينة في النفس من خلال الأسلوب واللغة الشعرية التي تميز بها. بالمناسبة سعيد عقل كان يتميز بلغة شعرية لها خصائص تميزه بشدة عن بقية الشعراء. هذه الخصوصية هي البعد عن لغة الكآبة وهي لغة وطابع أكثر الشعراء وهي لغة الكآبة والحزن، كان بعيداً كل البعد عن هذه اللغة، كان يحاول أن يشيع جواً من البهجة والسرور في القصيدة وفي نفس المتلقي لهذه القصيدة لذلك فإنه نجح الى حد كبير في تصوير الأجواء الروحية.
المحاورة: نعم ايضاً نلاحظ كلماته وتعابيره في نفس الوقت جميلة وبسيطة ايضاً.
الشحمان: نعم سهل وممتنع
المحاورة: نعم بعيدة عن التعقيد
الشحمان: بعيدة عن التعقيد واضحة ولايتسنى لكل انسان أن يأتي بمثل هذا الأسلوب الذي جمع بين الوضوح والبساطة والسلاسة وأوكد على السلاسة في هذا الأسلوب، أسلوب واضح جداً وكأنه يعبر عن نفسه ويتحدث عنها ويجعلنا نعيش أجواء القصيدة التي تعتبر من أروع ما قيل في الشعر العربي في وصف فريضة الحج. وإن شاء الله سوف نكمل في الحلقة القادمة حديثنا
المحاورة: نعم للأسف الشديد لقد داهمنا الوقت دكتور، شكراً لكم وشكراً لمستمعينا الأفاضل حتى الملتقى في حلقة جديدة من سير القصائد نترككم في رعاية الله. شكراً لكم دكتور
الشحمان: نشكركم على حسن الاستضافة
المحاورة: شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الكرام في امان الله