خبير البرنامج: الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة:بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل محبي الشعر وعشاق القوافي اهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء. نجدد اللقاء بكم بين دروب الشعر ودنيا القوافي لنتواصل عبر لغة الشعر من خلال سيرة اخرى من سير القصائد حيث سنخرج إعتباراً من هذه الحلقة من عصور الشعر الكلاسيكية لنخترق الزمن حتى نبلغ العصر الحديث الذي مايزال يحفل بالكثير من روائع الشعر وجميلات القصائد فأهلاً ومرحباً بكم وندعوكم لأستقلال مركبة البرنامج لنحط بها عند ضفاف نتاجات الشعراء المعاصرين.
المحاورة: شاءت الصدف أن نبتدأ جولتنا بين رحاب الشعر المعاصر بقصيدة للشاعر العراقي المعاصر علي جعفر العلاق الذي يعد من شعراء جيل الستينات في العراق. هذا الشاعر الجنوبي الذي لملم أشياءه وحزم حقيبته قبل عشرات السنين ليرتحل بعيداً عن وطنه كما رحل الكثير من نظراءه، ليحمل همومه معه وليقتات بزاد احزانه بعيداً عن وطنه وبعيداً عن بساتين النخيل وتموجات نهر الفرات. حيث ترك عنده ذكريات طفولته واحلام شبابه وحيث الموهبة الشعرية التي ورثها من ذلك العهد والتي تحولت فيما بعد الى الناي الذي غدا يعزف من خلاله ألحان الغربة والإكتواء بالفراق. فلنستمع معاً مستميعنا الأفاضل الى هذا الناي الحزين الذي تتدفق منه الألحان البابلية الشجية قبل أن يجمعنا اللقاء بضيفنا الكريم الدكتور سعدي الشحمان، نستمع معاً الى هذه القصيدة.
الغيوم الخفيفة تجرفها الريح
صوب النهر
غابة ومساء قديم
فندق وغيوم تمسح أذيالها
بالشجر
كانت الريح باردة
ماتزال تهب فتدفع للنهر غيماً جديداً
وسيدة تتشبث من هلع متتع بفتاها
مطر فوق معطفها
مطر فوق احلامها
مطر شفتاها
مطر عالق بالشجر
والرياح تهب على عاشقين
يغيبان في خضرة الريح طوراً
وطوراً يذوبان تحت المطر
المحاورة: أيها الأحبة الحزن هو الشيمة التي غدا معظم الشعراء العراقيين المعاصرين يطلقها من نايات غربتهم. ترى ما هو السر في ذلك؟ وماهي إنعكاسات هذه المظاهر وإسقاطاتها في أشعار علي جعفر العلاق؟ هذا السؤال وجهناه الى خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، سلام عليكم دكتور
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وحياكم الله وحيا المستمعين الكرام في هذا اللقاء الذي يتجدد معكم
المحاورة: حياكم الله دكتور اهلاً ومرحباً بكم. دكتور ماهي إجابتكم عن السؤال الذي ذكرناه
الشحمان: نعم إن شاء الله نحاول أن نجيب على السؤال خلال الدقائق القليلة المتوفرة حول الشاعر العراقي المعاصر السيد علي جعفر العلاق والذي ذكرتم أنه ينتمي الى جيل الستينات وهذا رأي النقاد وانا أرى أنه ينتمي الى جيل السبعينات او الثمانينات يعني الفترة الفاصلة بين السبعينات والثمانينات. هو لايعتبر شاعراً وحسب وإنما يعتبر ناقداً له الكثير من المؤلفات النقدية في مجال الشعر والدواوين الشعرية المعاصرة التي تصدر من شعراء أبناء جلدته في العراق. هو ايضاً أكاديمي وأستاذ جامعي متخصص في اللغة العربية وآدابها، يحمل شهادة الدكتوراه من احدى الجامعات البريطانية. يتميز بنشاطه الثقافي والأدبي الغزير اذ كان يعمل في فترة من الفترات رئيساً لتحرير احدى المجلات الأدبية الذائعة الصيت..
المحاورة: خارج العراق دكتور؟
الشحمان:داخل وخارج العراق. وهي مجلة الأقلام وبالاضافة الى عمله الأكاديمي في الجامعات وهو عضو في اتحاد الأدباء في العراق، شارك في الكثير من المهرجانات والمؤتمرات الأدبية الشعرية داخل العراق وخارجه. هو يذكرنا بشعراء آخرين من مثل شاعر سبق وأن تطرقنا اليه بلند الحيدري والسيد جمال الدين، ينتمي الى جيل يلمع بأسماء الكثير من الشعراء
المحاورة: المرموقين
الشحمان: نعم الكبار من مثل يوسف الصائغ، من مثل سرغون بولس، من مثل فاضل الغزاوي وحميد سعيد وحسب الشيخ جعفر وغيرهم من الشعراء الذين سبقوه بفترة قليلة من شعراء الستينات من القرن الماضي. يبدو لشاعرنا من تجاربه الشعرية نلاحظ بعض التأثيرات الأدونيسية إن صح التعبير في شعره، تأثر في بعض قصائده بالشاعر اللبناني أدونيس وايضاً نلاحظ أنه تلقى بعض التأثيرات من الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب كما نلاحظ في قصيدته التي تفضلتم بإنشاد بعض أبياتها..
المحاورة: دكتور ربما ترى طابع الحزن طاغياً على أشعاره
الشحمان: نعم ذكرت أنه ينتمي الى الجيل الذي شد رحاله وفارق الوطن إعتباراً من الثمانينات والتسعينات ومن الذين عانوا الغربة وإكتووا بنارها وأصدروا خلال تواجدهم في الغربة الكثير من الدواوين الشعرية.
المحاورة: دكتور اذا تسمحون نأخذ فاصل وبعد الفاصل نعود لنتحدث عن الأجواء الموجودة في القصيدة التي إخترناها لهذا الشاعر وهو علي جعفر العلاق إبقوا معنا مستمعينا الكرام
سير القصائد
برنامج يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أنتم معنا في رحاب هذا البرنامج الذي يستعرض روائع الشعر العربي على مر العصور من خلال التعاون مع خبراء الأدب والشعر
سير القصائد
يبث لحضراتكم مساءاً عند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من كل يوم اثنين ويعاد بثه في الساعة السادسة واربعين صباحاً من يوم الأربعاء حسب التوقيت المحلي لمدينة طهران
المحاورة: أهلاً ومرحباً بكم من جديد مستمعينا الأفاضل نعود الى ضيفنا في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان. دكتور ماهي الأجواء التي ينقلنا اليها الشاعر من خلال قصيدته عاشقان التي نحن بصددها؟ ترى من هما هذان العاشقان؟ ولماذا هذه الأجواء الغائمة والندية التي يؤطر بها الشاعر قصيدته؟
الشحمان: نعم هذه القصيدة هي ضمن القصائد التي انشدها في الغربة ويغلفها الحزن ويعبر من خلالها عن الحنين الى الوطن والعاشقان اللذان يذكرهما الشاعر هما الشاعر نفسه والوطن، يعقد حواراً بين نفسه وبين وطنه وتجمعهما مناجات ومكاشفة. ونلاحظ أن اللغة التي تسيطر على هذه القصيدة بالاضافة الى الحزن الذي يغلفها نلاحظ أنها لغة نقية، لغة خالصة، لغة قد ينفرد بها علي جعفر العلاق في بعض الجوانب. ومن أهم المواصفات التي تستوقفنا في هذه اللغة هي الوضوح، يحاول الشاعر دائماً أن يستخدم تركيبات واضحة، تركيبات لغوية قد تكون بسيطة..
المحاورة: بعيدة عن التعقيد
الشحمان: نعم واضحة الدلالة على المعنى بحيث لاتتعب القارئ ولفي نفس الوقت تعتبر لغة شعرية فهي من نوع الأسلوب الشعري السهل الممتنع في نفس الوقت. ايضاً نلاحظ أن الشاعر يهتم بالعنصر العاطفي ويحاول أن يوظف اللغة في سبيل تجسيد هذا البعد. انا لاحظت بعض النقاد قال عن أشعار السيد علي جعفر العلاق يقول "يبدو علي جعفر العلاق خادماً للغة وسيداً لها" يعني هو يخدم اللغة من خلال محاولته إبتكار تعبيرات جديدة في اللغة التي يوظفها في شعره وهو سيدها في نفس الوقت، يعني يتحكم بها وتغذيه بثروة لغوية كبيرة. الحقيقة الحديث عن علي جعفر العلاق يطول ويطول وهناك الكثير من المعلومات والكثير من النماذج الشعرية التي أضطر أن أغض الطرف عنها خشية الإطالة.
المحاورة: نعم قد داهمنا الوقت كالمعتاد دكتور. على العموم نشكركم بجزيل الشكر وإيضاحاتكم حول هذا الشاعر
الشحمان: أشكركم على حسن الإستضافة.
المحاورة: شكراً لكم دكتور وشكراً لهذا الحضور وشكراً على هذه الإيضاحات. مستمعينا الأفاضل سنلتقي بكم بإذن الله تعالى في الحلقة المقبلة من برنامج سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. دوماً نحييكم والى اللقاء.