خبير البرنامج: الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الأفاضل ونحن نجدد اللقاء بكم عند هذه المحطة الجديدة من برنامجكم الأسبوعي بين ربوع الأدب والشعر سير القصائد آملين أن تجدون فيه كل ما يريح النفس وينعش الأرواح والأذهان عبر ما نختاره لكم من روائع الشعر العربي على مر العصور. ندعوكم لمرافقتنا.
المحاورة: أيها الأحبة موضوع قصيدتنا في محطتنا لهذا الأسبوع من البرنامج، المدح والفخر بالنفس وهي للشاعر الأندلسي الذي لقب بمتنبي الشرق إبن دراج القسطلي، القسطلي أصلاً والقرطبي نشأة. فلقد قام إبن دراج بنظم قصيدة عارض بها قصيدة صاعد البغدادي متمنياً أن تكون همزة وصل بينه وبين المنصور حاكم الأندلس وعسى أن يثبته في ديوان شعراءه ويغدق عليه من هباته خاصة وأن الشاعر كان قليل المال كثير العيال مع رقة حاله وزوال سلطان أجداده في قسطلة. فمن المعروف أن أجداده كانوا سادة بلدة قسطلة وحكامها أي أنه ألف العيش الرغيد والحياة الناعمة وظل على تعلقه بحياة القصور والاتصال بالرؤساء. وتعتبر هذه القصيدة مستمعينا الكرام أول ما انشده ابن دراج في حضرة المنصور، وقد بدأ الشاعر قصيدته بخطاب الى امرأته على عادة الشعراء الجاهليين وبعدها يصف لوعة فراقه لأسرته ويذكر آلامه في وداع الزوجة والولد وأخيراً يقف وكأنه شاعر جاهلي ليصف رحلته وصعوبتها التي تهون امام شوقه لزيارة خليفة البلاد المنصور العامري. مستمعينا الأفاضل قبل أن يجمعنا اللقاء مع خبير البرنامج الدكتور سعدي الشحمان دعونا نستمع الى مقطع من هذه القصيدة.
دعي عزمات المستضام تسير
فتمجد في عرض الفلى وتغور
لعل بما أشجاك من لوعة
النوى يعز ذليل او يفك أسير
ألم تعلمي أن السواء هو التوى
وأن بيوت العاجزين قبور
ولم تزجر طير السرى بحروفها
فتنبأك إن يمن فهي السرور
دعيني أرد ماء المفاوز آجناً
الى حيث ماء المكرمات نمير
واختلف الأيام خلفة فاتك
الى حيث لي من غدرهن خفير
فإن خطيرات المهالك ضمن
لراكبها أن الجزاء خطير
ولما تدانت للوداع وقد هفى
بصبري منها أنة وزفير
تناشدني عهد المودة والهوى
وفي المهد مبغوم النداء صغير
عيين بمرجوع الخطاب ولفظه
بموقع اهواء النفوس خبير
تبوء ممنوع القلوب ومهدت
له أذرع محفوفة ونحور
فكل مفدات الترائب مرضع
وكل محيات المحاسن ذير
المحاورة: مستمعينا الأفاضل قصيدة رائعة حقاً تشهد بمعانيها وفخامة أسلوبها وجمال صورها وتمكن صاحبها من ازمة اللغة والتعبير بشاعرية الشاعر الفذة وقريحته الشعرية الفياضة وموهبته التي إنتزعت الاعجاب والتقدير من نقاد الشعر. ونحن مستمعينا الأفاضل لانريد إطالة الكلام حول الشاعر وشاعريته وخصوصياته فلقد تكفل بذلك خبير البرنامج الدائم الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، اهلاً ومرحباً بكم دكتور.
الشحمان: حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: والسلام على المستمعين الأكارم يسرني أن أجدد اللقاء بكم
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور شكراً لهذا الحضور. اليوم شاعرنا هو الشاعر الأندلسي ابن دراج القسطلي، ماذا عن قصيدتنا التي إخترناها لهذا الأسبوع دكتور؟
الشحمان: حديثنا يدور في هذه الحلقة من البرنامج وربما في الحلقة القادمة ايضاً إن شاء الله عن شاعر آخر من شعراء الأندلس، هذه الفترة يعني القرن الرابع الهجري والقرن الخامس الهجري تحفل بالكثير من الأسماء البارزة من الشعراء في المشرق وبالتحديد في الأندلس. تحدثنا عن بعض الشعراء وفي هذه الحلقة نتحدث عن ابن دراج القسطلي الذي كان هو الآخر من شعراء القرن الرابع يعني أواخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الهجريين. هذا الشاعر الكبير الذي جمع بين الأدب وبين الشعر فيعتبر كاتباً وشاعراً في نفس الوقت وكما ألمحتم هو نشأ في قسطلة، ولد في قسطلة وأمضى طفولته وردحاً من شبابه في هذه المدينة وكانت أسرته من الأسر المعروفة، السر النبيلة اذا صح التعبير في تلك المدينة..
المحاورة: حيث عاش مع أسرته عيشة رغيدة..
الشحمان: نعم نعم كما تفضلتم وألم بالكثير من مصادر الأدب والثقافة والتي أسهمت في تكوين شخصيته الأدبية والشعرية وألم بعلم النحو واللغة والأدب والأخبار والأنساب وحتى الفقه ايضاً. حتى برز في مجال الكتابة ومجال نظم الشعر الذي نحن بصدده في هذا البرنامج وحتى صار كما يقول النقاد فحلاً من فحول الشعر في زمانه وهو كذلك بالفعل فالكثير من النقاد شهدوا له بتفوقه وبراعته في مجال نظم الشعر حتى لقبه بعض النقاد بمتنبي الشرق وهو حقاً كذلك، عرف بفصاحته وجزالته رغم أن الغرض الذي تطرق اليه لم يكن من الأغراض التي يبرز فيها الجانب العاطفي والاحساس ففي هذا المجال عادة الشعراء يبدعون نظراً الى وجود الدافع ولكنه ايضاً برز في مجال المدح بالتحديد وضمن هذا الغرض الكثير من الأغراض الفرعية الأخرى ففي المدح تحدث عن نفسه وفخر بنفسه كما نلاحظ في هذه القصيدة التي تفضلتم بإنشاد بعض من أبياتها.
المحاورة: اذا تسمح لنا دكتور شكراً لهذه الايضاحات. نأخذ فاصل ومن ثم نواصل الحديث عن شاعرنا لهذا الأسبوع ابن دراج القسطلي، تابعونا مستمعينا.
سير القصائد
برنامج يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أنتم معنا في رحاب هذا البرنامج الذي يستعرض روائع الشعر العربي على مر العصور من خلال التعاون مع خبراء الأدب والشعر.
سير القصائد
يبث لحضراتكم مساءاً عند الساعة التاسعة وأربعين دقيقة من كل يوم اثنين ويعاد بثه في الساعة السادسة وأربعين صباحاً من يوم الأربعاء حسب التوقيت المحلي لمدينة طهران.
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الأفاضل وأنتم برفقة سير القصائد من اذاعة طهران العربية. نعود الى ضيفنا في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان. دكتور قبل الفاصل تحدثنا شيئاً عن الشاعر ابن دراج القسطلي وأغراضه الشعرية وكما ذكرتم أبدع في المدح، هل هناك أغراض شعرية اخرى ايضاً أبدع فيها وايضاً لو تحدثونا أكثر عن مقامه اذا صح التعبير بين شعراء المغرب العربي؟
الشحمان: نعم كما قلت بعض النقاد يعتبرونه من أبرز شعراء الأندلس وانا ايضاً أرى كذلك لأنه شاعر يتمتع بالقريحة الشعرية، يتمتع بالموهبة الشعرية. صحيح أنه في بعض أشعاره قلد الشعراء الجاهليين لكن تقليده كان مستساغاً، تقليده كان متقناً. نجح في التقليد وأضاف بعض الجديد الى أغراض الشعر ولاأدري لماذا يذكرني او يشبه الى حد كبير او لنقل أحد الشعراء المعاصرين وهو محمود سامي البارودي او ربما كان محمود سامي البارودي متأثراً بهذا الشاعر. اذا لاحظتم أشعار سامي البارودي نلاحظ الجزالة والفخامة هما السائدتان في أشعاره خاصة في مجال المدح، ايضاً محمود سامي البارودي تطرق أكثر من الأغراض الأخرى الى المدح والفخر وايضاً ابن دراج القسطلي فخر بنفسه كثيراً كما نلاحظ ذلك عند المتنبي ايضاً وربما كان ابن دراج القسطلي متأثراً الى حد كبير بالمتنبي وخاصة في القصائد التي مدح فيها سيف الدولة وايضاً ابن دراج خصص قصائده لمدح العامري حاكم الأندلس في ذلك الوقت. على كل حال الحديث يطول عن ابن دراج وإن شاء الله في الحلقة القادمة سنكمل الحديث ونتحدث عن أشعاره أكثر.
المحاورة: نعم داهمنا الوقت. إن شاء الله. مشكور دكتور سعدي الشحمان وشكراً لكم مستمعينا الأفاضل، حياكم الله وحتى الملتقى مستمعينا الكرام نستودعكم الله.