يقول العلامة الحاج الشيخ علي اكبر الهي خراساني: في مطلع شبابي وبعد ان صاهرت العالم الرباني آية الله الحاج ميرزا حسن علي مرواريد عام 1388هـ ذهبت ابحث عن دار اشتر بها بمواصفات تناسب رغبتي وظروفي، وبعد بحث ومتابعة علمت ان آية الله السيد عماد الاسلام البختياري رحمه الله يريد ان يبيع داره ومن حسن الطالع انها كانت تتصف بالمواصفات التي أريدها. ولما التقيت بالسيد قال انه عرض داره للبيع وجاءه من رغب في شرائها ولكن الصفقة لم تعقد فاذا كنت راغباً فيها فأني افضل بيعها عليك مع تخفيض الفي تومان ايضاً (اي عشر قيمة الدار) شريطة ان تأتيني الساعة الثامنة من صباح يوم السبت في دائرة التسجيل الرسمي وبيدك عشرون الف تومان.
علاوة على رغبتي في داره لاتصافها بالمواصفات المطلوبة عندي وتفضله بالتخفيض في سعرها فانها كانت من الناحية المعنوية ذات بركة خاصة لأنها لأحد المتقين الذي كان قد صلى فيها سنوات طويلة وعبد فيها ربه وعقد فيها مجالس التعزية الحسينية كل اسبوع.
فودعت السيد الجليل وانا افكر في كيفية جمع هذا المبلغ خلال يومين. فالمطلوب الآن هو (20) الف تومان، وليس عندي الا عشرة الاف، اعطاني اياها والدي حفظه الله، اتصلت بكل من يستطيع ان يوفر لي قرضاً مقداره عشرة الاف تومان وبذلت جهدي ولكن كل الابواب التي طرقتها لم تفتح بوجهي وقد كانت الساعات الاخيرة من يوم الجمعة تمضي، ومعها يكاد اليأس يقضي على املي ويخيب امنيتي في الحصول على تلك الدار.
مع اذان المغرب ليلة السبت جئت الى حرم الامام الرضا (عليه السلام) بحال من الانقطاع الى الله تعالى، وقفت امام الضريح الشريف متوسلاً الى الله عزوجل بالولي الرؤوف، وبالفعل كنت منقطعاً اليه عزوجل بعد ان يأست من جميع الاسباب وكنت افكر بهدية اقدمها للامام الرضا (عليه السلام) التي لا يردها الا بالاحسان أليس هو كريماً من اولاد الكرام؟
فألقي في روعي ان اصلي لكل معصوم من المعصومين الاربعة عشر (عليهم السلام) ركعتي صلاة، اعقبهما بالصلاة على محمد وآله الف مرة فيصبح المجموع (28) ركعة و(14000) من الصلوات على محمد وآل محمد.
قرأت الزيارة ثم جلست عند جهة الرأس الشريف وبدأت بأداء هذه الصلوات اهديت الركعتين الاوليين الى النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله) وعقبتهما بألف صلاة عليه وعلى اله النجباء الطاهرين، ثم اهديت مثلها الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ثم الصديقة الحوراء فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ثم الامام الحسن، ثم الامام الحسين ثم الائمة من ولده السجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة المهدي (عليهم السلام).
وحين فرغت نظرت الى الساعة فرأيت انها كانت تشير الى وقت اذان الفجر. قمت الى جهة قدمي الامام الرضا (عليه السلام) فقلت له: «هذا ما استطعت عمله لكم، ولا قياس بينه وبين ما تستطيعون عمله لي، والكريم لا يرد المحتاج يا مولاي».
قلت هذا وخرجت لأدرك صلاة الصبح جماعة خلف الشيخ مرواريد فرأني العالم الفاضل الحاج الشيخ ضياء الدين الاملي-ابن المرجع الديني المرحوم الشيخ محمد تقي الاملي فتعانقنا وسألني عن حالي فقلت له: التمسك الدعاء؟
فقال: بالله عليك، أخبرني ماذا طلبت من الامام الرضا (عليه السلام)؟
قلت: حاجة ماسة، اذا اراد فهو يشفع لي عند الله لقضائها.
قال: ما رأيك ان تأتيني هذا اليوم لنتناول وجبة الفطور معاً؟ انا قادم من طهران ونزلت ضيفاً عند العلامة السيد جعفر سيدان، وانت صديقه، قلت: حسناً.
ودعته وانطلقت الى صلاة الجماعة. ومع طلوع الشمس طرقت باب منزل السيد سيدان امتثالاً لدعوة الشيخ الآملي ولصداقتي مع السيد. وهنا بيت القصيد، ماذا يا ترى يمكن ان يحصل في هذا المنزل؟
بعد تناول الفطور سألني الشيخ الآملي مرةً اخرى عن حاجتي فذكرتها له فأدخل يده في جيبه حالاً واخرج رزمة هي المبلغ الذي به يكمل ثمن الدار!
نظرت الى الساعة فاذا بها الساعة السابعة، لم يبق على الموعد الا ساعة واحدة، حيث يفترض ان اكون حاضراً في دائرة التسجيل الرسمي، والا ذهبت عني الدار. ولقد ادهشتني هذه الاستجابة السريعة للدعاء. فنظرت الى الشيخ نظرة تعجب وشكر ثم ودعته مسرعاً الى الدائرة، حتى دخلتها والساعة هي الثامنة بالضبط وكان السيد البختياري صاحب الدار قد اعد واكمل الاوراق وكان ينقصها تواقيعنا! فوقعناها.
واخيرا صارت الدار لي، والعجيب انني لما اردت القيام بتجديد بنائها فيما بعد استمر الشيخ الاملي بكرمه وعطائه وهو يقول: ابن دارين مماثلتين واحدة لي والاخرى لك فلما اكتمل البناء قال لي: هذه الدار كلها لك ولا اريد منك شيئاً وانما قلت ذلك لأجل ان تأخذ المال مني ولاتتردد. وهذا من جميل التوفيقات الالهية، جزاه الله عني خير الجزاء واسكنه فسيح جناته مع الاولياء. وقد عشت في تلك الدار 12 سنة ورزقت فيها اولاداً وعشت عيشة هنيئة.
مستمعي الكريم فحينما نشعر بانسداد الابواب البشرية اعلم ان الله يدعوك الى بابه يريد ان يذكرك بما قد نسيته والامر مشروط بايمانك بالغيب وانقطاعك لله وحده. ونحن بحاجة مع الايمان الخالص والانقطاع الحقيقي ان نجعل الطاهرين من اولياء الله وسيلة الى الطلب، فإنهم الشفعاء الذين اذن لهم الرحمن بالشفاعة ورضي لهم قولا، فهم منارات الطريق اليه. ان في هذه القصة مواقف عقائدية واخلاقية وشرعية كلها نابعة من بصيرة الايمان بالغيب فهل نحن من الذين يؤمنون بالغيب؟
*******