يذكر ان المرحوم السيد حسين كوه كمري كان قادماً من مكان ولاحظ انه لم يبق لوقت تدريسه سوى نصف ساعة ففكر مع نفسه بالذهاب الى مكان الدرس وانتظار طلاه ولما وصل الى المكان المقرر شاهد في اقصى المسجد شيخاً متحمساً يجلس بين طلابه وهو يلقي عليهم درسه، انصت السيد حسين الى حديثه فشعر ان هذا الشيخ الذي لا يروق لاحد منظره محقق من الطراز الاول.
وفي اليوم التالي قرر السيد المجيء الى المسجد عن عمد ليستمع الى هذا الشيخ المحاضر، فجاء واستمع وناله العجب مما سمع واخذ في كل يوم يأتي في الوقت المعين ليستمع اكثر حتى حصل له اليقين بان هذا الشيخ افضل منه في العلم والتدريس وانه بنفسه يستفيد منه شيئاً جديداً، وطلابه هو يستفيدون من هذا الشيخ اكثر مما يمكن ان يستفيدوا منه. وهكذا وجد السيد نفسه في صراع بين الدنيا والآخرة فالآخرة تقتضي التسليم للافضل والدنيا تقتضي العناد وحب الذات ولكنه في اليوم التالي وعندما اكتمل عدد طلابه افتتح السيد حديثه قائلاً: اريد اليوم ان احدثكم في موضوع جديد وهو ان هذا الشيخ الذي يجلس اقصى المسجد مع هذه المجموعة من الطلاب اقدر مني على التدريس واكفأ مني وانا ايضاً ممن يستفيد منه ويحسن بنا جميعاً ان نجلس منه مجلس الطلاب الى استاذهم. وانتقلوا جميعاً الى حلقة درس هذا الشيخ المجهول الذي كانت تبدو عليه آثار الفقر والذي لم يكن سوى آية الله الشيخ مرتضى الانصاري والذي نال فيما بعد لقب استاذ المتأخرين.
*******
يقول سماحة السيد عادل العلوي عن استاذه المرحوم سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي رحمه الله قائلاً: كان يقيم صلاة الجماعة في المواعيد الثلاثة "الصبح والظهرين والعشاءين" في حرم وصحن السيدة المعصومة عليها السلام.
حدثني أنه حينما استوطن قم المقدسة لم تكن تقام في الفجر صلاة الجماعة في الحرم الشريف، فقبل عاماً كان الوحيد الذي سبق الناس الى الحرم قبل طلوع الفجر بساعة من دون انقطاع حتى في الشتاء، وفي الليالي القارسة البرد، وقد امتلئت الازقة بالثلوج كان يحمل "جرافة" صغيرة ويفتح الطريق حتى يصل الحرم فيجلس خلف الباب منتظراً فتحها.
قال: كنت اصلي وحيداً في بادئ الامر ثم ائتم بي واحد وهكذا ازدادت صلاة الجماعة التي استمرت الى آخر ليلة من حياته.
يقول السيد العلوي: انما حدثني بهذه الشاهد لحديثه الشيق حول المثابرة والاستقامة والصمود في العمل وكيف ان اهل العلم يصبرون في الدعوة الى الله سبحانه وتعالى، ان البداية في ومن نفس الانسان، وبالتالي بركات الله ورحمته تنزل عليه.
كان رحمه الله يجيب يومياً عن عشرات الرسائل، التي ترسل اليه من داخل ايران وخارجها لا سيما من مقلديه.
اذكر في الايام الاخيرة من عمره الشريف قد جاءته رسالة مفصلة من احدى البلاد الافريقية تضم "170" سؤالاً وقرأتها عليه في ثلاثة ايام، وكان يملي علي جوابها في كل يوم ساعة تقريباً. كان يقضي حوائج الناس بالقدر المستطاع، ولا يثني عزيمته كبر السن، ولا الامراض والاسقام، ولا الهموم والاحزان، ولا القيل والقال. بل بكل صلابة وقوة وحول من الله يقاوم المصاعب والمشاكل وكان خير مقال للخلق الاجتماعي وافضل آية للآداب الاجتماعية الحسنة.
*******