ايها الاخوة الاحبة المؤمنون .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لم ينس رسول الله صلى الله عليه وآله اوصياءه الائمة الهداة عليهم افضل الصلاة والسلام، ان يذكرهم بحنين وشوق، وان يعرف بهم لامته انهم سيقدمون على هذه الدنيا فيعرفون بالعلم الالهي اليقين والعبادة التي لا مثيل لها، وبالتقوى والهدى والحق والفضيلة، ما يجعلهم اوضح الناس واشخصهم انهم خلفاء رسول الله حقاً وصدقاً.
والامام الحسن العسكري عليه السلام كان احدهم، ذكره الله تعالى في حديثه القدسي الشريف بعد ذكر ابيه الهادي عليه السلام، فقال: اخرج منه الداعي الى سبيلي، والمعدن لعلمي الحسن.
كذلك ذكره النبي صلى الله عليه وآله في احاديث متعددة روتها كتب السنة وعلمائهم فضلاً عن كتب الشيعة وعلمائهم كما في رواية ابن عباس ورواية ابي سليمان الراعي، ورواية جابر الانصاري، حيث قال صلى الله عليه وآله فبعده أي بعد الامام الهادي الوصي، ابنه الحسن يدعى بـ العسكري.
والان ايها الاحبة الاعزة لنستمع الى هذا الامام الوصي كيف يحدثنا عن جده المصطفى صلى الله عليه وآله وبما يذكره؟!
في معرض دفاعه عن الحريم النبوي الشريف قال الامام الحسن العسكري عليه السلام في ظل الآية المباركة: «فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله» (البقرة،۷۹). قوم اليهود كتبوا صفة زعموا انها صفة محمد صلى الله عليه وآله، وهي خلاف صفته وقالوا للمستضعفين هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان. ومحمد صلى الله عليه وآله بخلافة وهو يجيء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وانما ارادوا بذلك ان تبقى لهم على ضعفائهم رياستهم.
وسئل الامام العسكري عليه السلام يوماً هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يناظر اليهود حديثاً والمشركين طويلاً مفصلاً في بعض احتجاجات النبي صلى الله عليه وآله موثقاً بالآيات الكريمة والاحاديث الشريفة، في رد الوليد بن المغيرة وابي جهل، والعاص بن وائل السهمي، وعبد الله بن ابي امية المخزومي، من ذلك قوله صلى الله عليه وآله قوله لعبد الله: يا عبد الله اما ما ذكرت من اني آكل الطعام كما تأكلون، وزعمت انه لا يجوز، لاجل هذا ان اكون لله رسولاً، فانما الامر لله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وهو محمود وليس لك ولا لاحد الاعتراض عليه بـ لمَ وكيف، يا عبد الله انما بعث الله نبيه ليعلم الناس دينهم، ويدعوهم الى ربهم، ويكد نفسه في ذلك آناء الليل ونهاره، فلو كان صاحب قصور يحتجب فيها، وعبيد وخدم يسترونه عن الناس، اليس كانت الرسالة تضيع، والامور تتباطأ او ما ترى الملوك اذا احتجبوا كيف يجري الفساد والقبائح من حيث لا يعلمون به ولا يشعرون!
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: واما قولك ما انت الا رجل مسحور، فكيف اكون كذلك وقد تعلمون اني في صحة التمييز والعقل فوقكم، فهل جربتم علي، منذ نشأت الى ان استكملت اربعين سنة خزية او زلة او كذبة او خيانة، او خطأً من القول، او سفهاً من الرأي؟! اتظنون ان رجلاً يعتصم طول هذه المدة بحول نفسه وقوتها او بحول الله وقوته؟!
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل رأيت يا عبد الله طبيباً كان دواؤه للمرضى على حسب اقتراحهم؟! وانما يفعل به ما يعلم صلاحه فيه، احبه العليل او كرهه، فانتم المرضى، والله طبيبكم، فان انقدتم لدوائه شفاكم وان تمردتم عليه اسقمكم.
واما في تقديس النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وبيان فضائل نبوته المباركة، فقد كانت للامام الحسن العسكري عليه السلام مواقف وكلمات من ذلك قوله: نعم الاسم محمد، وقوله سلام الله عليه كذلك: ان الله تعالى بجوده وكرمه قد من على عباده بنبيه محمد صلى الله عليه وآله بشيراً ونذيراً ووفقكم لقبول دينه، واكرمكم بهدايته.
وفي رسالة اخرى كتب عليه السلام وجعل لكم باباً تستفتحون به ابواب الفرائض، ومفتاحاً لسبيله، لولا محمد والاوصياء من ولده لكنتم حيارى كالبهائم لا تعرفون فرضاً من الفرائض وهل تدخل مدينة الا من بابها، فلما منَّ عليكم باقامة الاولياء بعد نبيكم قال الله في كتابه: (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً).
وفي رسالة الى قوم اخرين كتب الامام العسكري سلام الله عليه وانما خاطب الله عز وجل العاقل، وليس احد يأتي بآية، او يظهر دليلاً اكثر مما جاء به خاتم النبيين وسيد المرسلين.
وفي جواب له الى من سأله عن احد معاني قول رسول الله صلى الله عليه وآله للامام علي عليه السلام: (من كنت مولاه فهذا مولاه).
قال الامام العسكري: اراد "أي النبي" بذلك ان يجعله علماً يعرف به حزب الله عند الفرقة.
وفي ذكر الصلوات على الحجج الطاهرين، تلا الامام العسكري هذه العبارات الشريفة، «اللهم صل على محمد كما حمل وحيك، وبلغ رسالاتك وصل على محمد كما حل حلالك وحرم حرامك وعلم كتابك، وصل على محمد كما اقام الصلاة وآتى الزكاة، ودعا الى دينك، وصل على محمد كما صدق بوعدك واشفق من وعيدك، وصل على محمد كما غفرت به الذنوب، وسترت به العيوب، وفرجت به الكروب، وصل على محمد كما دفعت به الشقاء وكشفت به الغماء واجبت به الدعاء ونجيت به من البلاء وصل على محمد كما رحمت به العباد واحييت به البلاد»... الى آخر الدعاء المبارك الشريف.
وهو الموصي سلام الله عليه بقوله: اكثروا ذكر الموت وتلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله ... يا رسول الله ايها المصطفى:
عليك صلاة الله ما لاح بارق
وما لعلع الحادي سحيراً بمكة
وما حسن مشتاق وما ان عاشق
وما سار ركب طالباً ارض طيبة
*******