بسم الله الرحمن الرحيم احبتنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم. من دواعي سرورنا وإبتهاجنا أن نجدد اللقاء بكم عبر برامجنا التي نقدمها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ومنها برنامجكم الأسبوعي هذا حكايا وخفايا والذي نلتقي في كل محطة منه بين رحاب قصة او حكاية او أسطورة من حكايات العالم وأساطيره التي لاتنتهي طالما كان الانسان يمتلك هذه القدرة العجيبة والمدهشة على التخيل وربط الحقيقة بالخيال.
مستمعينا الكرام من منا لم تتناهى الى سمعه أخبار جبل قاف التي تزدحم بها كتب التفسير والحديث والتاريخ والجغرافية القديمة حتى أن بعض المفسرين فسر القاف التي إستفتح الله تعالى احدى السور القرآنية التي عرفت بهذا الاسم بأنها اشارة الى هذا الجبل وأقسم به لعظم شأنه وكونه يمثل آية من آيات الله الكبرى في الأرض وذلك في قوله تعالى "ق والقرآن المجيد". ومع ذلك فقد كان وجود هذا الجبل مثار جدل دائم كان ومايزال دائراً محتدماً بين الباحثين القدامى والمعاصرين حيث اختلفوا في آراءهم وأقوالهم حول حقيقة وجود جبل قاف الذي يقال إنه يحيط بالعالم السفلي بجوف الأرض فقد وردت في نظرية الأرض المجوفة أي ان الأرض فارغة من داخلها او فيها الكثير من التجاويف داخلها حيث تتسع لوجود بعض الأشياء، وردت الظاهرة الى ظاهرة جغرافية وهي أن جبل قاف ليس جبلاً واحداً وإنما هو عبارة عن عدة جبال أطلق الله سبحانه وتعالى عليها هذا الاسم في كتابه العزيز حيث جاء في القرآن الكريم "ق والقرآن المجيد" كما نقل من كتاب عرائس المجالس أن معنى قاف جبل يقال له جبل قاف ونقل من كتاب قصص الأنبياء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أن هذا الجبل هو أعلى قمة في الأرض. نعم مستمعينا الكرام لم يجمع المسلمون على معنى قاف فإن لهم في المعنى آراء كثيرة منها أن قاف حرف من حروف الهجاء مثل الأف والياء والتاء فهذه القصة اذن تحتمل الحقيقة والخيال وربما أريد منها تفسير بعض الظواهر الطبيعية من مثل تثبيت الأرض من خلال هذا الجبل وفروعه فقد ورد أن له الكثير من الفروع الممتدة في باطن الأرض وهناك ايضاً تفسيرات ذات دلالات دينية منها أن الله تعالى اتخذ من هذا الجبل واسطة لإنزال غضبه وعقابه على الأمم المتمردة والمنحرفة عن جادته من خلال تحريك تلكم الفروع والعروق لإحداث زلازل وهزات لاتبقي ولاتذر، الى غير ذلك من التفسيرات التي سنتعرف عليها عند ذكرنا لحكاية هذا الجبل كما جاءت في كتب الأحاديث والتاريخ والجغرافية فكونوا معنا.
نحييكم من جديد احبتي الأفاضل وأنتم تتابعون برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. فيما يلي سنستعرض لكم أعزاءنا الأفاضل قصة جبل قاف كما وردت في كتب الأحاديث والتاريخ ولكم الحكم في شأن صحتها او عدمها بغض النظر عن دلالاتها والرموز الكامنة فيها حيث تقول الأخبار في قصة هذا الجبل الذي عرف ايضاً بإسم جبل الزمرد إن الله عزوجل أنبت من الياقوت جبلاً فأحاط بالأرضين السبع على مثل خلق الياقوتة في حسنها وخضرتها وصفاءها فصارت الرضون السبع في ذلك الجبل كالأصبع في الخاتم وإرتفع بإذن الله عزوجل في الجو حتى لم يبق بينه وبين السماء إلا ثمانون فرسخاً ومابين السماء والأرض مسيرة خمسمئة عام للراكب المسرع. ثم انبت الله عزوجل هذه الجبال التي على وجه الأرض في برها وبحرها من ذلك الحبل فهي عروق ذلك الجبل متشعبة في الأرضين السبع وخلق الله في عروق ذلك الجبل ألوان المياه التي تجري في البحور من البياض والخضرة والسواد والصفرة والحمرة والكدر والعذب والمالح والمنتن والزاعق، فإذا أراد الله عزوجل أن يزلزل قرية أوحى الى ذلك الحبل أن يحرك منه عرق كذا وكذا فإذا حركه خسف الله بالقرية فخضرة السماء من ذلك وخضرة ذلك الجبل من تلك الصخرة. ثم أن جبريل هبط الى الأرض فلما إنفرجت عنه السماء الدنيا رمى ببصره الى الأرض فإذا هي ساكنة قد إستقرت بالجبال بإذن الله فوقف مكانه ثم أنشأ ينظر تعجباً، فلما رأى جبريل جبل قاف أنكره لما رأى من عظم خلقه وحسن لونه فقال إن هذا الخلق إبتدعه الرحمن تبارك وتعالى.
أعزاءنا المستمعين تستمر هذه الرواية في سرد قصة جبل قاف وصفته وسبب خلق الله تعالى له فتقول فلما أتاه جبريل أبصر خلقاً عظيماً عجيباً مع صفاءه وحسن لونه ورأى عروقه متشعبة في الأرض مابين برها وبحرها قد إرتفعت على وجه الأرض منيفة ذراها في الهواء فتعجب من كبرها وإختلاف خلقها وتشتت ألوانها واستقرار الأرض عليها فنظر الى قاف فقال: الهي ما هذا؟
قال: ياجبرئيل هذا الجبل.
قال: إلهي ما الجبل؟
قال: حجر.
قال: إلهي هل أنت خالق خلقاً هو أشد من الحجر؟
قال: نعم الحديد يقد به الحجر.
قال: إلهي هل أنت خالق خلقاً أشد من الحديد؟
قال: نعم النار يلين بها الحديد.
قال: إلهي هل انت خالق خلقاً هو أشد من النار؟
قال: نعم الماء يطفئ به النار.
قال: إلهي هل أنت خالق خلقاً هو أشد من الماء؟
قال: نعم الريح تفرقه امواجاً وتحبسه عن مجراه.
قال: إلهي هل أنت خالق خلقاً هو أشد من الريح؟
قال: نعم إبن آدم يحتال لهذا كله بعضه ببعض!!
فخر جبريل عليه السلام ساجداً فأطال السجود والبكاء والثناء على الله عزوجل ثم قال: يارب ما كنت أظن أنك تخلق خلقاً هو أشد مني.
فأوحى الله عزوجل اليه: ياجبريل مالم ترى من قدرتي ولم تبلغ من كنه شأني ولم تعلم به الى ماقد رأيت وعلمت كالبحر المغلوب الذي لاتعرف نواحيه ولايوصف عمقه.
قال جبريل: كذلك انت إلهي وأقدر وأعظم. ثم رجع الى السماء السابعة العليا متقاصرة اليه نفسه لما رأى من الخلق العظيم والعجب العجيب.
أيها الكرام بهذا تنتهي حكايتنا عن جبل قاف، هذا الجبل العجيب الذي لاتنتهي عجائبه وغرائبه ولم يستطع أحد حتى اليوم أن يقطع بوجوده من عدمه ولكنه يمثل على أي حال قصة من قصص تراثنا الديني أريد من خلالها بيان عظمة الله في خلقه وتكريمه للانسان ورحمته به وشدة عقابه في نفس الوقت إن إنحرف هذا الانسان عن الطريق القويم. حتى نلتقيكم أيها الأحبة عند حكاية اخرى من برنامجكم حكايا وخفايا والذي استمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران دمتم بكل خير ونشكركم على حسن مرافقتكم لنا، الى اللقاء.