بسم الله الرحمن الرحيم اعزاءنا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم واهلاً ومرحباً بحضراتكم تحياتنا القلبية الخالصة نبعثها اليكم في هذه المحطة الجديدة التي نجدد من خلالها اللقاء بكم عبر جولة اخرى في عالم القصص والحكايا والأساطير التي جادت بها مخيلة الأمم والشعوب حول العالم وضمنتها تصوراتها حول الكون والحياة والانسان آملين أن تقضوا معنا اوقاتاً نافعة وممتعة إن شاء الله، نعود اليكم بعد الفاصل.
مستمعينا الأفاضل في اعلى هضاب الأنديس المحاطة بقمم ثلجية تمتد وديان خصبة ومعتدلة المناخ وهي المكان الذي أقام هنود الكيجواس عليه احدى الحضارات الأكثر غناءاً وإثارة لحب الإستكشاف في امريكا القديمة ألا وهي حضارة الإينكا ففي أراضي البيرو وبوليفيا تمتد بحيرة بيكيكاكا وبقربها تقوم آثار وبقايا مدن طاعنة في القدم عمرها آلاف السنين كما تنتصب قلاع وحصون وهياكل تثير الدهشة والاعجاب. هناك في البحيرة تدور احداث الأسطورة عن الأب الذي تزعم الأسطورة أنه رب الشمس الذي أرسل اثنين من اولاده رجلاً وامرأة ليقيما أول امبراطورية للإينكا فلقد أرسل أبناءه ليعملوا ويحكموا هنود الكيجواس في ذلك الوادي وكانوا هم الذين بنوا مدينة كوكسكو العاصمة والتي منها إمتد نطاق الامبراطورية خلال قرون. نعم اعزائي لقد أرسل الأب أبناء ليصنعوا الخير للأنسان ولكي يحيى بالعمل والنظام والسلام حسب مشيئة الرب الإلهة الطيب الذي لم يفرض تقديم القرابين البشرية بل أراد أن يرى الناس سعداء. كان في مدينة كوسكو عاصمة الأمبراطورية قصور ضخمة ورائعة بمثابة معابد تعيش فيها اجمل العذراوات اللواتي يكرسن حياتهن للعبادة، عاشت العذراوات المقدسات من غير أن يرين أحداً او يتحدثن مع أي شخص ماعدا الملكة زوجة الإينكا التي يمكنها أن تزورهن. فلقد كانت عقوبة الموت تنتظر على من يجرأ حب احدى تلك النساء، ومن اجل أن لايستطيع احد الدخول الى مكان سكناهن فلقد تمت إحاطة المكان بحصون عالية وحراس أوفياء يحيطون أديرة حيث كانت عذراوات الشمس.
مستمعينا الأفاضل على خاصرة خضراء للجبل الذي تغطيه الثلوج كان هنالك راع يخبأ الماشية البيضاء لتقديمها كأضاحي وقرابين، كان هذا الراعي الشاب يدعى أكويانافا وكان لطيفاً ووسيماً يمضي خلف ماشيته وعندما كان يجلس والقطيع يرعى كان يشعر بالسعادة ويخرج الناي الذي يرافقه دوماً ويبدأ بعزف موسيقى هادئة وحلوة تجعله يزداد سعادة. وفي يوم كان منشرحاً للغاية وهو يعزف جاءته إثنتان من بنات الشمس اللاتي كن يعشن في أحد قصور المدينة المجاورة اذا كانا قد سمح لهما بالخروج في النهار كي تتسليا في الحقل ولكن لم يكن مسموح لهما الغياب في الليل عن مسكنهما المحاط بحراس صارمين.
وصلت العذراوتان الى الراعي وسألتا عن الرعي وعن قطيع أغنامه فبقي أكويانافا مذعوراً ثم أراد أن يطلق ساقيه للهرب فهما اضافة الى أنهما مقدستان وإبنتان للشمس فقد كانتا فائقتي الجمال لكنهما طلبتا منه أن يهدأ من روعه وعاودتا السؤال عن أغنامه ثم امسكتا به من ذراعه لينهض، ولكن العذراء الكبيرة فيهما واسمها جوكي بيانتو إنجذبت للكلام مع أكويانافا بعد أن إستلطفته، وبعد لحظات ودعتاه. بدأت جوكي بيانتو تتحدث مع اختها عن لطافة ذلك الراعي وسعادته واستمرا بذلك طوال الطريق حتى وصلتا الى قصرهما حيث رآهما حراس البوابة وسمحوا لهما بالدخول. دخلت العذراوتان الى قصر بنات الشمس لكن جوكي ذهبت مباشرة الى مخدعها ليكون بمقدورها التفكير منفردة بالراعي الذي بدأ قلبها يخفق بالحب تجاهه.
أيها الكرام تستمعون الى برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أيها الكرام في تلك الأثناء كان أكويانافا قد دخل الى كوخه ليفكر منفرداً بالمفاجئة العظيمة لجوكي الرائعة لكنه بدأ يشعر بحزن شديد فأخذ الناي وعزف ألحاناً شديدة الحزن جعلت كل شيء حتى الحجارة يشفق عليه ثم غنى وهو يبكي:
آه منك أيها الراعي البائس
أيها العاجز عن كل شيء
آه منك لاتقدر على رؤيتك حبيبتك قلبك
ولو رأيتها فإن حبك سينفضح
وسيقضى عليكم وعلى حبك
وسنتهي الحب بالموت
واستمر يغني بحزن كبير حتى غفا لكن أمه العجوز البعيدة عنه أحست بقلب الأم بعذاب إبنها فراحت تهيء نفسها للسفر اليه فحملت معها سلة مزركشة وفاخرة وبدأت تمشي بين الجبال حتى وصلت الى الحظيرة التي يسكن فيها إبنها وثارت عواطف الراعي عندما شاهد أمه وأخذت هي تواسيه وتقول له إن أحزانه ستزول خلال بضعة أيام ومن اجل ذلك راحت تحضر له طبخة، وبينما هي تطبخ رأت فتاتي الشمس قادمتين بإتجاه الزريبة، ثم جلست الإثنتان عند المدخل ترتاحان من التعب وعندما شاهدتا المرأة العجوز في الداخل طلبتا منها شيئاً للأكل فقدمت لهما الطعام اكلتاه بشهية كبيرة. بدأت جوكي تنظر حوالي الزريبة علّها تعثر على اوكيانافا لكنها لم تجده لأنه في لحظة وصولهما أمرته أمه أن يدخل في السلة الكبيرة التي أحضرتها معها. ظنت جوكي أن حبيبها الراعي يحرس القطيع لهذا لم تسأل أمه عنه وعندما رأت السلة قالت: ما أجملها. وسألت: لمن هذه السلة؟ فأجابتها العجوز: إنها لها وقد تركها والداها لها كميراث فهي سلة فاخرة وأضافت العجوز إنها تقدمها وبنفس طيبة هدية لها وبإمكانها اخذها معها الى القصر. وبعد قليل ودعتا بنتا الشمس ام الراعي وإتجهتا نحو المرج تحمل جوكي السلة بيدها وفي عينيها شوق لرؤية راعيها هنا او هناك فهي لم تره في زريبته ووصلتا الى القصر وعند المدخل فتشهما حراس البوابة ولم يجدوا شيئاً معهما عدا السلة التي لم تكون تخفيانها. وبعد العشاء اخذت جوكي سلتها وذهبت الى مخدعها وهناك بدأت تبكي وتتذكر الراعي الذي أحبه قلبها لكنه لم يدعها تذرف الكثير من الدموع عندما اخذ يناديها بإسمها فإرتعبت وهلعت لكنها صارت تذرف دموع الفرح عندما رأت حبيبها الراعي وراحت تسأله كيف دخل الى هناك فأجابها بالحقيقة بالدخول في السلة التي جاءت تحملها.
مستمعينا الكرام بعد أن طلعت الشمس خرجت جوكي من القصر الى المروج وحيدة تحمل السلة ولكن حدث أن رآهما احد حراس القصر الذي كان يتبعها وشاهد كل شيء فبدأ يطلق الصيحات يستدعي الحراس الآخرين فهرب الراعي وحبيبته الى الجبال القريبة من مدينة كالكا ومن شدة التعب ناما وعندما استيقظا كانا مرعوبين من الموت المحتم الذي ينتظرهما كعقاب فنهض الاثنان يرتعدان خوفاً وأخذت جوكي في يدها فردة من صندلها ونظرا الى الناس في كالكا وصارا يشعران أنهما يتجمدان في مكانهما ثم صارا كتلة صلبة وكبيرة وضخمة فلقد اخذا بالتحول الى حجارة. واليوم يقول الأهالي إن بالإمكان رؤيتهما من كالكا ومن مناطق اخرى فلقد صارا جبلين كأنهما تمثالان يذكران بالحبيبن الراعي وإبنة الشمس.
مستمعينا الأفاضل من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران استمعتم الى حلقة اخرى من سلسلة حلقات حكايا وخفايا شكراً لحسن متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.