بسم الله الرحمن الرحيم أحبتي الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بكم عبر محطة اخرى من محطات برنامجكم الأسبوعي حكايا خفايا والتي سنكمل فيها جولتنا بين خفايا أسطورة الزومبي او ما يعرف بالموتى الأحياء. هذه الأسطورة أعزائي التي قيل إن جزر المحيط الهادئ في البحر الكاريبي موطنها وإن لها إمتدادات في الجنوب الأفريقي، ندعوكم أيها الأحبة للمتابعة.
مستمعينا الأفاضل إكمالاً لحديثنا في الحلقة المنصرمة من البرنامج بشأن محاولة بعض العلماء لتقديم تفسير علمي لظاهرة الزومبي او ما يتصوره الناس من أن هذه المخلوقات كانت ميتة بالأصل واذا بها تنسل من القبور على حين غرة لتعيث في الأرض قتلاً. نقول إن من الجدير بالاشارة أن الأهالي أنفسهم في هايتي يخشون كثيراً من أن يتحولوا الى زومبي فمازال عدد كبير من الأهالي يضعون الصخور الضخمة الثقيلة على قبور امواتهم حتى يمنعوا السحرة والمشعوذين من الوصول الى تلك القبور وتحويل الموتى الى زومبي في حين يمكث آخرون بالقرب من قبور أفراد عائلتهم لفترة من الزمن حتى يتأكدوا من تحلل الجثث قبل أن يقوم ساحر بسرقتها او أن يقوموا بتشويه الجثة كلياً لأن الساحر كما يظن الأهالي يحتاج لأن تكون الجثة حديثة غير متحللة او مشوهة حتى يعيد اليها الحياة كزومبي.
أعزاءنا الأفاضل وقد تم إستغلال ظاهرة الزومبي ومايشاع عنه في بعض القضايا السياسية منها ماحدث في اوائل التسعينيات عندما قام بعض العسكريين بإنقلاب ضد حكومة هايتي لتحشد الولايات المتحدة الأمريكية قواتها للدخول الى هايتي وإرجاع الأمور الى نصابها فدعا مجلس الثوار ببيان رسمي وأنه قد تم إعداد جيش من الزومبي لقتال الأمريكان وكان الهدف من هذا هو بالطبع زرع الخوف في قلوب الجنود الأمريكان لكن الأمر لم يهم المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية التي قام جيشها فعلاً بإجتياح هايتي عام ۱۹۹٤ إعادة الأمور الى نصابها دون أن يشاهدوا أي جيوش من الزومبي. كما تم إستغلال هذه القصص والحكايات التي هي أشبه ما تكون بالخرافات والأساطير في السينما وخاصة الأمريكية والبريطانية منها وكذلك في ألعاب الفيديو نظراً الى طابع الخوف والرعب الذي يهيمن على هذا النوع من الأساطير والذي يشكل مادة أساسية من المواد التي ترتكز اليها السينما العالمية وخاصة في هوليوود في إستقطاب المشاهدين في أرجاء العالم وبالتالي جني المزيد من الأرباح. فمما لاشك فيه أن أي انسان في عصرنا الحالي يشاهد الأفلام الأجنبية لابد أن سمع عن الزومبي وأغلبنا ترسخت في ذاكرته أن الزومبي هو عبارة عن انسان كان حياً في يوم ما ثم أصابته لعنة او عضة من انسان زومبي آخر فيحيى مرة اخرى لكن بصفات جديدة مثل عدم وجود الذكاء الكافي للأنسان العادي وعدم التفكير بشكل صحيح وإنعدام المشاعر الانسانية وفقط الشعور بالجوع الشديد والرغبة في أكل اللحم سواء كان لحم انسان او حيوان وعدم الشعور بالتعب او الآلام أبداً فمهما ضربته بأي سلاح فهو لايشعر بأي شيء أبداً. ولاننسى الصفة الأهم للزومبي كما تصوره لنا الأفلام خلايا الجسم والوجه غير طبيعية فكلها أصابها التعفن والتهدل فيصبح منظره مرعباً لأي انسان عادي، هذه هي الصورة التي قدمتها لنا السينما الغربية في أغلب أفلامها منذ عقود من الزمن حتى أصبح من الصعب أن تمر سنة واحدة دون أن يخرجوا لنا فلماً جديداً عن الزومبي محققين بذلك الأرباح الهائلة على شبابيك التذاكر بل اصبحوا الآن يزيدون التوابل الكثيرة على الزومبي فنجدهم في الأفلام قد اخترعوا عقاراً مطوراً يزيد من قوة العضلات والتوحش وتحمل الألم لدى كائنات الزومبي ولكن مع الاحتفاظ بالذكاء الحاد فأصبحت وحوش الزومبي الآن أقوى وأذكى مما سبق.
أعزاءنا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تستمعون الى برنامج حكايا مخفايا ونواصل الحديث حول حكاية الزومبي، يقال إن في تاريخنا تتردد الكثير من القصص والحكايات حول حالات حدثت تشبه حالة الزومبي الى حد كبير اذا ما قارناها بها لكن بمسمى آخر وهو تلبس الشيطان بالانسان وتحريكه اياه وهو ميت. وقد ذكرت احدى تلك القصص التي تحمل طابع الموعظة والتذكير في كتاب التوبة والتذكرة للقرطبي وهي بإختصار أن رجلاً كان شديد الكفر والطغيان مات وعندما دفنوه مر رجل عربي بالقبر ثم أنه إستظل تحت شجرة الى جانب القبر هرباً من حرارة الشمس وفوجأ بأن هنالك يداً تتحرك وتخرج من تحت الأرض وظهر له هذا الرجل الميت وهو يتحرك ويسير ففزع الرجل وأطلق ساقيه للريح لكن أهل الميدنة أخبروه بأن الشيطان قد تلبس هذا الجسد لأنهم لم يكفنوه ولم يصلوا عليه لكثرة طغيانه وظلمه فدخل الشيطان في جسده ليخبر العالم أنه قد دخل الجنة وما الى ذلك وأنهم يجب أن يتبعوه بأمره لهم بشرب الخمر وأن الصلاة ليس بواجبة وما الى ذلك، لكنهم قرأوا عليه القرآن حتى أنهك الجسد وخرج الشيطان من جسده ومن ثم أرجعوه الى قبره ودفنوه من جديد.
مستمعينا الكرام على الرغم من الذي توصل له الباحث فيد دافيز إلا أنه لم يكن كافياً ومقنعاً بالنسبة للعلماء الذين يعتقدون أن تلك المواد التي ذكرها دافيز لم تكن وحدها المسببة في ظاهرة الزومبي في جزيرة هايتي وأن هناك مادة سحرية اخرى تعمل على ذلك. ولكن أياً كان السبب نحن نعلم أن الميت لن يعود أبداً بحالته الطبيعية التي خلقه عليه الله سبحانه وتعالى فالذي يحي الموتى هو الله وإن ما حدث في تلك الجزيرة على فرض صحته لم يكن موتاً من الأساس ولكنه شبه غيبوبة أحدثها وإستغلها السحرة لمصالحهم فنشأ من هنا مفهوم الزومبي او الميت الحي كما ذكرنا وربما هذا ما كان ومازال يحدث هناك في جزيرة الموتى الأحياء هايتي.
أعزاءنا على امل أن تكونوا قد قضيتم معنا اوقاتاً طيبة وممتعة بعيداً عن اجواء الرعب والخوف التي تثيرها القصص والأساطير الخيالية وبرجاء أن نجدد اللقاء بكم بإذن الله عند المزيد من القصص والحكايا نستودعكم العلي القدير. تقبلوا تحيات قسم الثقافة والأدب والفن من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران راجين التواصل معنا بملاحظاتكم ومشاركاتكم عبر بريد البرنامج الألكتروني ADABFAN۲۰۲۰@GMAIL.COM الى اللقاء.