بسم الله الرحمن الرحيم أحبتنا المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات وكل المراحب بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا بكم عند وقفة اخرى من وقفاتنا الأسبوعية بين رحاب قصص الشعوب وحكاياها وأساطيرها من خلال برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا، رافقونا بعد الفاصل.
اعزاءنا المستمعين مازلنا نعيش أجواء البطولة الفروسية، حكاية البطل الايراني سياوش وولده كيخسرو الذي عزم على الانتقام لأبيه من ملك بلاد توران أفراسياب حيث تركنا هذا الملك وقد وجه جيشاً عظيماً نحو بلاد تركستان وعلى رأسه طوس الذي رحل بعد ثلاثة أيام قاصداً تركستان فساق عساكره حتى وصل وادي كاسرود فعسكر هناك. فخرج من توران فارس يسمى بلاشان ليتعرف أحوال العسكر ويقف على عددهم فينهي خبرهم الى أفراسياب فتلقاه بيجن بن جيو وقتله وبلغ الخبر أفراسياب بعبور الايرانيين كاسرود فإستدعى بيران وفاوضه وشاوره في أمر كيخسرو فيما فعله من إمساد العساكر طالباً بدم أبيه فقال: لابد أن تتلقى الأمر بالحزم وتشمر عن ساعد الجد قبل لأن يجلّ الخطب ويفضح الأمر وأمره بالإحتشاد وجمع العساكر فقام بذلك بيران وجد في الإعداد والإستعداد ثم أن الشتاء كشر في وجوه الايرانيين أنيابه فسالت عليهم ريح باردة تقلصت منها الشفاه وتشققت الوجوه والجباه ونشأت سحابة طبقت السماء فنثرت عليهم ثلجاً كثيفاً إنسدت به الأودية والشعاب فهلك منهم تحت ذلك الثلج خلق عظيم ودواب كثيرة وقلّ عندهم الطعام فإرتحلوا من منزلهم ذلك وكان أفراسياب قد عمل في الطريق الذي سلكوه سداً من الحطب كجبل عظيم حتى تنقطع به الطريق بين ايران وذلك الجانب وكان كيخسرو قد أمر جيو بإحراق تلك الأحطاب المكومة حتى ينفتح لهم الطريق الى توران فركب جيو في ذلك البرد القارص والهواء العاصف الى ذلك السد فرمى فيه النار فتمكنت منه حتى احرقت تلك الأحطاب العظيمة وإنهارت في الأرض.
مستمعينا الأفاضل لم يتمكن العسكر العبور من حر تلك النار ولفحها حتى إنقضت عليهم ثلاثة أسابيع فعبر طوس بالعساكر سالكاً طريق جيوكرد ولما إنتهى اليها نزل عليها وخيم في صحراءها وفرق الطلائع حواليها وكان صاحب جيوكرد أميراً من الأتراك يسمى ثراو فلما بلغه الخبر بإقبال عساكر ايران أنفذ فارساً من أصحابه يسمى كبودا ليطلع على أحوالهم فصادفه بهرام بن جوذر وكان على الطليعة وقبض عليه وقطع رأسه وعلقه من حزام سرجه وعاد الى المعسكر فلما إستبطء رجوع كبودا الى ثراو علم بمقتله فركب في عساكره وتقدم للقاء الايرانيين فتلقاه جيو بن جودر في جماعة من الأمراء فناداه وسأله عن أسمه ثم قال له: يافارس الهيجاء ويامسعر الحرب كيف تجاسر أن أقبلت بهذا العدد القليل الى حربنا؟
فقال: أنا صاح القلب الجريء والبأس الشديد وإن أصلي كان من ايران غير أني اليوم مارزبان هذا الاقليم وأنا مفزع الأكابر!
فقال له جيو: لاتبح بهذا فإنه يضع من قدرك ويسفه لأجله رأيك لأنه اذا كنت صاحب ما ذكرت من المراتب العالية فأين الجيش وأين الرايات والأعلام؟
فقال: لاتنظر الى قلة هذا العسكر وإنظر الى فتاكتي اذا استوليت على ظهر فرسي وإني سأقيم اليوم عليكم بسيفي القيامة وأوركم موارد الخزي والندم!!
فإغتاض بيجن بن جيو وأنكر على أبيه مفاتحة الكلام وأشار مناجزته القتال فثار بعضهم الى بعض وقامت الحرب منهم على ساق فجرى بينهم قال عظيم قتل فيه أكثر أصحاب ثراو فولى مدبراً فإنقض في أثره بيجن كالشهاب الثاقب فطعنه طعنة كادت أن تأتي عليه فتبعه وخطف من رأسه تاجاً كان أفراسياب قد توجه به فإنتهى الى باب قلعته والعسكر في أثره فنزلت زوجته وكانت تسمى إسدنويه وكانت احسن نساء زمانها فأركبها معه ثم إستفزه الخوف فخرج هارباً يركض راكباً طريق توران لينجو بروحه فما كان إلا قليل حتى وقف به فرسه فأزل الجارية وأخلاها وكان بيجن يصول خلفه كأنه ثعبان هائج فلما إنتهى الى الجارية إرتدفها وعاد بها الى المعسكر وأخذوا تلك الناحية وخربوها، فمضى ثراو على حالته تلك لايستقر ليلاً ولانهاراً حتى وصل الى حضرت أفراسياب وأخبره بما جرى على أصحابه من القتل والأسر وعلى قلاعه وضياعه من الخراب والنهب فإهتم لذلك أفراسياب وإغتم وأقبل على بيران بن ويس يعنفه وينسبه الى التكاسل في جميع العساكر والإستعداد للحادث الجلل.
أخواتنا المستمعات إخوتنا المستمعين
إن بيران خرج وبعث رسله وبثهم في الأطراف فإجتمع اليه عسكر عظيم ووفر لهم أرزاقهم وعطاياهم ورتبهم وعبئهم وركض بهم ركضة واحدة في طرق غامضة ومجاهل خافية متوجهاً نحو جيوكرد فإلتقته الجواسيس وأصحاب الأخبار وأعلموه بأن الايرانيين قد إستولى عليهم التعب والنعاس بعد أن إنشغلوا باللهو والترف فلايفيقون ساعة من النهار وأنهم بما هم فيه في شغل شاغل عن التحرز من عدوهم والتيقظ لأمر القتال لاتخرج لهم طليعة لا في الليل الدامس ولا في النهار الشامس فإستدعى بيران أمراءه وقال: ألا فإعلموا أنه قلّما تسنح مثل هذه الفرصة فإنتهزوها وشمروا عن ساعد الجد وإهتملوا غفلة القوم فإختار منهم ثلاثين ألف فارساً وسار بهم في كتيبة خرساء بلا صوت ولاجلب ولاطبل ولاجرس فوقعوا على خيل الايرانيين في بعض المروج فإستاقوها وقتلوا كل من كان عليها من المستحفظين وكان بين مكانهم ذلك وبين القوم سبعة فراسخ فساروا فلما جنّ الليل هجموا عليهم في الخيم وهم نيام سوى جيو مستيقظاً فوثب وكان على باب خيمته فرساً فخرج وهو يقع ويقوم من أثر النعاس على ذلك الفرس وجاء الى أبيه جوذر وكان صاحياً فأنذره وجاء الى سرادق طوس فأعلمه بالحال ورجع الى خيمة ولده بيجن فإيقظه من نومه فأطلت عليهم سحابة نحس ترسل صواعق السيوف والأسنة فما برح بهم السيف يعمل من الليل الى مطلع الفجر فلما أضاء النهار إجتمع طوس وجوذر وسائر من أفلت فإصطفوا مع قلتهم ووقفوا ساعة ثم ولوا الأدبار منهزمين وفروا منخذلين ورجعوا على اعقابهم نحو كاسرود ولجأوا الى جبل هناك وكانت سيوف الأعداء في أقفيتهم الى سفح الجبل فأعييت دواب جند أفراسياب لسيرهم الحثيث من تلك المسافة البعيدة في تلك المدة القصيرة فعادوا من سفح تلك الجبل وصعد طوس بمن أفلت معه وأمنوا وتفقد بعضهم بعضاً فأخذوا في الضجيج والعويل يبكي الأبن على الأب والأب على الابن وبقي جوذر يبكي على اولاده وأحفاده ولم يبق لهم طبل ولا علم ولاخيل ولاحشم ولاسرادقات ولاخيام. ثم تحصنوا في ذلك الجبل وقالوا لابد من إنهاء الحال الى الملك كيخسرو فإختاروا رجلاً منهم وأنفذوه اليه.
مستمعينا الأطائب كونوا في إنتظارنا عند القسم الرابع والأخير من أسطورة سياوش حيث سنتعرف على ما نزل بالجيش الايراني وهم عند حدود تركستان وقد بدا عليهم أنهم خسروا الجولة الثانية من حربهم ضد ملك توران ولمن يكون الظفر والنصر في الجولة الأخيرة وهل سينجحون في تحقيق هدفهم من كسر شوكة التورانيين والانتقام لمقتل سياوش؟ هذا ما سنحيط به علماً في حلقة الاسبوع المقبل بإذن الله من برنامج حكايا وخفايا الذي يأتيكم دائماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى ذلك الحين دمتم في امان الله والى الملتقى.