بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا في كل مكان السلام عليكم أجمل التحايا وخالص الأمنيات نبعثها اليكم من قلوبنا التواقة دوماً الى تجديد اللقاء بكم عبر برامجنا الثقافية والأدبية آملين أن تقضوا معنا أمتع الأوقات في محطتنا لهذا اليوم من برنامج حكايا وخفايا، ندعوكم الى أن تكونوا بصحبتنا.
أيها الأحبة حكايتنا لهذا الأسبوع إخترناها لكم من بلاد الهند وهي حكاية ذات دلالات اجتماعية تعليمية تعكس بنا ما ينبغي أن تتحلى به المرأة من صفات تؤهلها للزواج وترغب الآخرين في التقدم لخطبتها وطلب يدها، مثل هذه الصفات نجدها منثورة في تضاعيف هذه الحكاية الطريفة والممتعة والتي تحمل العنوان "عريس واحد وست بنات"، تعالوا معنا أيها الكرام لنستمع معاً الى تفاصيل هذه الحكاية بعد الفاصل.
أحبتي الأفاضل تقول الحكاية إن حكيماً هندياً يدعى ماتهو لم يكن يأسف لشيء أسفه على عزله عن الحصول على زوج لكل من شقيقاته الست، كان يعلن أن شقيقاته يقضين في داره أياماً كلها شقاء وتعاسة وأن كلاً منهن تتمنى لأن تهجرها وترحل عنها الى بيت أي زوج يتقدم اليها غير أن أحداً لم يقترب من بيت ماتهو فقد كان قبح زهرة اللوتوس كبرى شقيقات الحكيم وسوء خلقها ينفران أي عريس من خطبة إحدى شقيقاتها الصغريات حيث كان لها وحدها الحق في الخروج والحق في الكلام والحق في مخاطبة الشبان والحق ايضاً في الحصول على اول الأزواج.
كانت زهرة اللوتوس قد بلغت سن الأربعين ولم يعد في إستطاعة شقيقاتها الانتظار أكثر مما إنتظرن حتى إنقلب حبهن لها حقداً وغيظاً وإستياءاً، وبدأت كل منهن تفكر في وسيلة للخلاص من العانس العجوز. ولمس ماتهو ما بلغ منه الحال من حرج فأقسم أن لايرفض زوجاً يتقدم لأي من الفتيات حتى لو كان يخطب يد نور الفجر الصغيرة التي لم تتجاوز السابعة عشرة بعد. وفي تلك الأثناء إلتقى ماتهو بضابط شاب يدعى شاندور وكان من ذلك النوع من الشباب الطائش غير أنه في ذلك اليوم كان قد سأم عبء هذه الحياة وقرر أن ينفض عن نفسه ثوب الخطيئة ويتزوج وعرض الحكيم على الضابط أن يزوجه واحدة من شقيقاته الست ولم يرفض شاندور عرض صديقه غير أنه إشترط أن يقضي في بيته أربعاً وعشرين ساعة يكون له الحق بعدها في إختيار العروس التي يريد.
إنطلق ماتهو مستمعينا الكرام يبشر شقيقاته بالعثور على زوج ويخبرهن بالشرط الذي إشترطه، هزت زهرة اللوتوس رأسها في إستنكار وهي تقول في إستهزاء تخفي وراءه فرحها وإستبشارها: يتخير عروسه؟ وهل نحن بقرات يأتي الغريب ليشتري واحدة منهن؟
أجابها ماتهو: إن هذا من حقه ومع ذلك فإن لك إمتياز التقدم اليه قبلهن!
هتفت الفتاة في خبث: ولكن لم تقدمني وحدي على شقيقاتي ثم يكون لهن حق الزواج بعد ذلك من أي فتى شئن؟
أجاب الحكيم: لقد فعلت ذلك لعشرين عاماً ولكن الضابط أصرّ على شرطه، فهل أدعه يفلت منا؟
هنا هتفت الفتيات الباقيات في صوت إحتجاجي واحد: كلا، إن من حقنا نحن ايضاً أن نتزوج ومن حقه وحده أن يختار الزوجة التي يريد!
ولكن أريد أن أصارحكن فلقد إجتمعت فيكن النقائص السبع الكبرى، الكسل والغرور والبخل والحسد والجشع والغضب والاسراف ويجب أن تتخلص منها قبل أن يأتي الزوج المنتظر!
صاحت زهرة اللوتوس في شقيقاتها وكأنها وضعت على رأسها هالة القديسات: إن النقائص السبع تجتمع فيكن ولهذا فلن تستطع واحدة منكن إختطاف العريس الجديد الذي سيكون من نصيبي وحدي. دبت المعركة بين الفتيات سوى نور الفجر أصغرهن وأجملهن وأبعدهن عن أي نقيصة من النقائص السبع الكبرى، وفي لحظة إنتهت المعركة بعد أن أسكتهن ماتهو الذي نهض ليدبر غرفة للضابط شاندرو والجندي الذي يقوم على خدمته.
نعم مستمعينا الأفاضل لم يكد ماتهو يغادر القاعة حتى تسللت زهرة اللوتوس الى مخدعها فأوصدت من خلفها الباب وأخذت تلتهم أوراق كتاب فن الحب وتحفظ ماجاء فيه من نصائح لفوز المرأة بقلوب الرجال ثم تزينت بأجمل مالديها من جواهر وارتدت أغلى ما لديها من ثياب وفتحت الباب لتجلس مع شقيقاتها في قاعة الجلوس، أطلت زهرة اللوتوس الى شقيقاتها فإذا كل واحدة منهن فعلت بنفسها ما فعلته هي إلا نور الفجر فقد كانت لاتزال جالسة في المقعد بغير زينة او جواهر، تقرأ كتاباً في الشعر وكأنها لاتهتم لما يدور حولها.
قالت مراري التي تلي زهرة اللوتوس في السن: أقسم انني وحدي التي سأفتن الضابط شاندور.
فاجابتها يادات: لم يفتنه إلا جمالي وانا واثقة من انني أنا التي ستفوز بإعجابه.
أسكتتهم زهرة اللوتوس وهي تستعيد في رأسها نصائح كتاب فن الحب وقالت: إنما تخدعن أنفسكن فأنا التي سأفقده وعيه.
أجابتها أسولا ساخرة: طبعاً سيفقد وعيه ولكن لقسوة الواقع!
وفي تلك اللحظة دخل ماتهو يعلن قدوم الضابط، ودخل شاندور القاعة ومن خلفه جديه وتابعه سانفو وراح ينحني تحية لكل من الفتيات اللائي وقفن كالتماثيل المرسوم على وجهها بسمات مصطنعة فرسم هو ايضاً ابتسامة من النوع نفسه وتصنعت الفتيات الخجل وتركن أخاهن يجيب التحية الرقيقة العذبة بخير منها قائلاً: مرحباً بك أيها الضابط المحترم الذي جمع كل صفات المجد والنبل.
تحركت زهرة اللوتوس الى الأمام وبدا لها أن تكون هي البادئة بالكلام لعلها تلفت نظر الضابط الى جمالها ورآها شاندور وإنحنى أكثر مما إنحنى من قبل وإلتفت الى ماتهو وهو يشير الى زهرة اللوتوس ويقول بإحترام: ليحرسكم الرب وليسبغ رعايته عليك وعلى امك!
صرخت زهرة اللوتوس مجفلة وكأن عقرباً لدغتها: أمه؟ أمه؟ إنني أصغر أخواته، أصغرهن جميعاً!
هنا تدخل ماتهو لإنقاذ الموقف قائلاً: أجل إنها من أصغر أخواتي فقد كان لي ست وثلاثون اختاً رزق بهن أبي من ثلاث نساء وقد تزوجن جميعاً عندما كبرن ولم يبق سوى هؤلاء الفتيات الست الصغيرات.
وهنا جذب ماتهو ضيفه في إضطراب الى الحجرة التي خصصها له، وعندما جلسا وحدهما قال له شاندور: ما أجمل شقيقاتك وما أسعدني بالحصول على عروس منهن تزيل وحشتي وتملأ وحدتي.
أجابه ماتهو في إبتسامة رضى: اذا أردت أن تسعد حقاً فأنا أرشح لك زهرة اللوتوس فهي مثال الرقة والعفة وعلو النفس.
هزّ شاندور رأسه وهو يقول: حقاً حقاً، إنها لصفات حميدة كثيرة ولكن سنها!!
أجابه ماتهو: لاتخدعنك الظواهر فالكبرى أقدر الجميع على الفهم الادراك وأكثرهن إهتماماً بأمور الزوج وحاجات البيت.
قال شاندور: أعلم هذا ولكن هبني لاأميل اليها ولاأبغيها !
أجاب ماتهو: اذن فلتكن الثانية مراري فهي مثال اللطف والسماحة.
هزّ شاندور رأسه وقال: لنفترض أنني لاأجد ما يجذبني اليها فما عساني أن أفعل؟
أجاب ماتهو: تكون أحق بالثالثة راتها فهي أقدرهن على خلق السعادة.
قال شاندور: هب أنني ...
وهنا قاطعه ماتهو قائلاً: يبقى أمامك إثنتان يادافا وأسولا، ودعنا من امر نور الفجر فمازالت صغيرة ويافعة.
سكت شاندور وسرح ببصره في شرود ثم قال هامساً: إنها لطيفة !
أسرع ماتهو قائلاً: بل إنها في غاية اللطف والرقة وهي أفضل من كل الأخريات فهي بريئة من كل العيوب.
هنا إنتهز الضابط الفرصة وقال: اذن للأخريات عيوب؟
عظ ماتهو على نواجزه لزلة لسانه ولم يجد إلا أن يقول له: إن بوسعك على أي حال أن تختبرهن بنفسك وستجد متسعاً لذلك خلال الساعات الأربعة والعشرين التي ستقضيها في دارنا وأوكد لك أنك ستجد كل واحدة منهن خيراً من الأخرى حتى لتعجز عن إختيار أفضلهن.
بهذا أيها الكرام نصل وإياكم الى ختام القسم الأول من حكاية "عريس وست بنات" الهندية حيث سنتعرف في الحلقة المقبلة على بقية تفاصيل هذه الحكاية بإذن الله، حتى ذلك الحين نستودعكم الرعاية الالهية والى اللقاء.