بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم وأهلاً ومرحباً بكم. من دواعي سرورنا اعزائي المستمعين أن نلتقيكم من جديد عبر محطة اخرى من محطاتنا الأسبوعية في عالم الحكايا والأساطير من خلال برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا حيث سنستكمل لكم في حلقة هذا الأسبوع القسم الثاني والأخير من الأسطورة الهندية الشيقة والحافلة بالأحداث "رامايانا" فندعوكم للمتابعة.
مستمعينا الأكارم تركنا الملك في الحلقة الماضية وهو لايكاد يصدق هول المفاجأة حينما أجبرته زوجته كايكي على إيكال ولاية العهد الى إبنها باراتا بدلاً من راما إبن ضرتها والأحق بتولي العرش. ولم يكد الأمراء الثلاثة راما وزوجته سيتا وأخوه المخلص لاكشمان يمضون نحو المنفى كما تقرر حتى سقط الملك ميتاً من فرط ما ألمّ به من حزن وبرغم من أن كايكي ملأها الفرح لوفاة زوجها إلا أن باراتا رفض العرش وأقسم إلا أن يحكم بإسم اخيه حتى يعود من منفاه. مضت أعوام عشرة طويلة عاش الأمراء خلالها متنقلين بين حنايا الغابة الموحشة يقتاتون الفاكهة ويجمعون العشب ويصطادون الطير والحيوان ويزداد بهم العجب لمرور السنين دون أن يلتقوا قط بأحد من الشياطين التي قيل أنها تملأ الغابة. وبينما كان الأمراء الثلاثة يستأنفون تجوالهم ذات يوم اذ وجدوا انفسهم أمام صومعة ناسك هرم يدعى أوجستاي ولم يكد يلمحهم حتى رحب بمقدمهم وأقسم إلا أن يستضيفهم عدة أيام، ولم يكن بد من أن يقبل راما ضيافة الناسك وفي خلال الأيام التي قضاها لديه عرف راما أن رافانا ملك الشياطين يقيم غير بعيد عن أطراف الغابة عبر المكان الذي يقيم فيه الناسك إلا أنه لايجرأ على الإقتراب منه لما يملكه الرجل الطيب من أسلحة يخشاها الجن والشياطين، وعندما وجد الناسك أن الفتى وأخاه يرفضان إلا أن يمضيا في طريقهما أقسم أن يساعدهما ويزودهما بما يقيهما شر الطريق فأخذ بأيديهما الى مغارة تحت الأرض فيها آلات حرب فتاكة أعدها لصراع الجن والشياطين فأعطاهما شيئاً منها كما منح راما قوساً وسهاماً مسحورة لاتحصة ومنح لاكشمان سيفاً ذهبي النصل يثير الرعب في قلب كل من يراه وأخذ راما ورفيقاه طريقهم من جديد في أعماق الغابة لاظلوا يسيرون حتى اخذ التعب من سيتا وأحست بحاجة الى الراحة، وهنا حطّ الثلاثة الرحال وقرروا أن يبنوا مسكناً صغيراً يأوون اليه وترتاح سيتا فيه.
في ذلك الوقت كان الأمراء الثلاثة يجلسون تحت شجرة مورقة يلتمسون الظل ويتذكرون بلادهم أهلهم وفجأة لمحت سيتا منظراً أطلقت له صيحة فرح، لقد كان هناك ضبي صغير يقفز على مدى البصر رائع الجمال له شعر يبرق كما يبرق الذهب ولمس الأمير فرحة زوجته وشارفها لمرئى الضبي وأقسم ليأتين به حياً اليها وقفز راما من مكانه يعدو وراء الضبي بعد أن أوصى أخاه بحراسة سيتا أن لايغفل عنها قط وأحس الضبي بالمطاردة وإندفع يقفز ويعدو، يظهر آناً ويختفي آناً آخر والأمير من وراءه لايريد أن يفلته ويأبى أن يستعمل قوسه وسهامه حتى لايصيبه او يجرحه. وظل الضبي يخترق الأدغال والأمير وراءه حتى انهكه الجهد وأخذ به اليأس وأطل خلفه واذا هو قد إبتعد تماماً عن مكان زوجته واخيه، وهنا فقط أحس أن في الأمر مكيدة دبرتها له الشياطين فقرر أن يعود ولكن بعد أن يقتنص الضبي بسهامه ويحمل جلده البراق الى زوجته العزيزة سيتا.
أعزائي الأفاضل من طهران تتابعون برنامج حكايا وخفايا. أحبتي أرسل راما سهمه المسحور وأصاب الضبي وأسرع نحوه ليحمله وعندما اقترب وجد شيئاً آخر ما كان يتوقعه قط فقد كان الضبي يتلوى على الأرض ويتحول شيئاً فشيئاً الى صورة اخرى بعيدة كل البعد عن صورته وحدق راما جيداً الى حيث كان الضبي المحتضر فإذا هو مارتشي نفسه شقيق ملك الشياطين، أحس راما بفرح عارم لما وجد أنه قتل الشيطان غير أن هذا لم يدع فرحته تطول فقبل أن يلفظ النفس الأخير أرسل في الغابة صرخة مدوية قلد بها صرخة راما ليوهم من يسمعها بأنها اما نفسه يطلب النجدة والغوث. ومسي لاكشمان كل تحذيرات راما وإنطلق يجري الى الجهة التي خيل اليه أن الصوت يصدر منها بينما جلست سيتا تنتظر وفي قلبها هلع وذعر ومضت لحظات وبينا هي تفكر وتنتظر طرق سمعها وقع أقدام تتقدم منها واذا هي امام ناسك هرم يتوكأ عصاه وطلب منها أن تأذن له بالجلوس ثم راحت تنصت اليه وهو يسألها عن سبب وجودها في هذا المكان فأخبرته بما حدث. وهنا توقفت في ذعر فقد أخذ الناسك العجوز يضحك ويصفق واذا بقامته تعتدل واذا به ينتفض ليصير شاباً قوياً له عشرون ذراعاً وعشرة رؤوس، لقد كان العملاق الواقف امامها هو رافنا نفسه ملك الشياطين. إنقض ملك الشياطين على سيتا ودفعها الى داخل مركبته وإنطلقت بهما تخترق الجو في طريقها الى جزيرة سانديب حيث مقر عرشه وإستمرت العربة تطير حتى إجتازت غابة وانداك ثم حطت قليلاً على جبل تعيش عليه مخلوقات تشبه القرود وعندما إستأنفت الطيران كان الأميرة قد عمدت الى إطلاق وشاحها وعقدها ليسقط على سفح الجبل بين أيدي القرود دون أن ينتبه ملك الشياطين فقد ملأها الأمل في أن تدله القرود على المكان الذي إتجهت اليه.
نعم مستمعينا الأفاضل لم يستطع راما إحتمال الصدمة حينما عاد ليكتشف عدم وجود سيتا فسقط غائباً عن الوعي ولكن شقيقه لاكشمان دعاه الى الاسراع نحو الجنوب حيث تقع مملكة رافانا التي يتحدث عنها الجميع واخذ الأميران طريقهما الى الجنوب وبلغا آخر الأمر جبلاً ضخماً وقفا لدى سفحه يفكران في وسيلة لإرتقاءه وبينما هما كذلك واذا بقرد كبير يخرج عليهما من احدى مغارات الجبل ويسألهما عن سبب وجودهما هنا، وقال له راما: ومن تكون انت وما اسمك؟ أجابه القرد: أنا هانومان سفير الملك سجاريفا الحاكم الحقيقي لهذا الجبل. فما الذي تبغيان من حضوركم في هذا المكان؟ وقص عليه راما قصته وهزّ هانومان رأسه وهو يقول: لقد رأيت بنفسي مركبة رافانا وهو يطير بها نحو الجنوب.
نعم مستمعينا الكرام وأخذ هانومان بيد راما وإنطلق به نحو الملك سجاريفا لعل يمد له يد العون وبينما هم في الطريق قص القرد على راما كيف أن سجاريفا يعيش الآن مغلوباً على أمره بعد أن إغتصب أخوه العرش وطرده من قمة الجبل ووعد القرد أن يساعد سجاريفا لإستعادة عرشه بعزيمته الماضية وسهامه القاضية إن هو وعد بالمساعدة في الوصول الى زوجته، وكان هذا ماحدث بالفعل فقد إتفق سجاريفا مع راما على أن يتبادلا المساعدة ووفى بما وعدا فهزم الغاصبين وأعاد سجاريفا الى العرش ومن أجل أن يرد سجاريفا الجميل لحليفه وجه أربعة من جيوشه التي تضم الآلاف من القردة العملاقة وعلى رأس أضخم جيش شهدته الأرض سار راما ولاكشمان وهانومان حتى بلغوا شاطئ المحيط ووقفوا في مواجهة سرانديب، وطلّ الشياطين من بعيد وملئهم الرعب وكان رافانا على يقين من الهزيمة بعد أن تحالف ضده راما وهانومان.
نشبت المعركة هائلة ومروعة بين جيوش راما وجيوش رافانا ومن كلا الجانبين سقط آلاف القتلى والجرحى واستمرت الحرب طاحنة عدة أيام إنتهت بهزيمة جيوش الشياطين وعندما وجد رافانا أنها الهزيمة إمتلأ غيضاً وحنقاً وإنتفض مقسماً أن يقتل راما ولو كلفه حياته ونشبت المعركة هائلة بالنبال بين راما ورافانا وكان ملك الشياطين عنيفاً في مبارزته حتى لقد بدأ راما ينهار وكاد يستسلم لولا أن جمع قوته كلها قبل أن يسقط على الأرض برمية واحدة بسهم مسحور من قوسه وأخذ السهم سريعاً طريقه الى قلب رافانا فأرداه فردت نشوة النصر الى راما قوته وانطلق يجري نحو السرادق الذي تقيم فيه زوجته يقوده هانومان الوفي وإنتصب راما قائماً من جديد وأصدر أوامره بالصفح عمن بقي من الشياطين. عندما اخذ راما وسيتا ولاكشمان طريق العودة الى وطن كانت الأنباء قد سبقتهم الى هناك على لسان هانومان فخرجت أبوذيا كلها عن بكرة أبيها وعلى رأسها نائب الملك باراتا الذي رفض أن يجلس على العرش طوال أربعة عشر سنة وظل محتفظاً به ليضع التاج بعد ذلك بنفسه على رأس اخيه راما وزوجته سيتا.
وبذلك نصل وإياكم أيها الأحبة الى ختام أسطورتنا لهذا الأسبوع ضمن برنامج حكايا وخفايا والذي استمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شاكرين لكم طيب المتابعة راجين من الله العلي القدير أن نستعرض لكم المزيد من أساطير الشعوب وحكاياتها في حلقات البرنامج القادمة إن شاء الله، بإذن الله تعالى ونشكركم على طيب المتابعة والاصغاء ودمتم بألف خير، الى اللقاء.