بسم الله الرحمن الرحيم أحبتنا المستمعين الأفاضل أينما كنتم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركاته تحياتنا القلبية نبعثها اليكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا بكم عند تطواف آخر نقوم به في أرجاء العالم من خلال برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا حيث عالم الحكايا والأساطير وما يلفه من سحر وغموض وأسرار. ندعوكم أيها الأحبة الى متابعتنا في حلقتنا لهذا الأسبوع عبر القسم الثاني والأخير من الأسطورة الأفريقية "المجزرة" راجين أن تمضوا معنا أحلى الدقائق واللحظات.
أعزاءنا تركنا سمكة الحنكليس في الحلقة السابقة مرتعدة الفرائص وهي تقف امام السمكة العملاقة التي إستبد بها الغضب لكن الحنكليس إستجمع كل ما لديه من شجاعة وهو يتوقع بين لحظة وأخرى أن تنقض السمكة الجبارة عليه وتمزقه إرباً إرباً وقال محاولاً إستفزاز السمكة وتوجيه غضبها الى سمكة سلطان الخيزران: أنا لاأمتنع عن التقدم اليك بنفسي لإزدرادي غير اني أنصحك أن لاتفعلي فقد يكون لك شأن مع من هو أشد منك سلطاناً وأعظم قدراً وأكثر جبروتاً، إنه سلطان الخيزران الذي أرسلني اليك سفيراً ولن يغفر لك الإهانة التي توجهينها اليه في شخص رسوله الضعيف.
إزداد الغضب بعملاقة الطاحونة وإنفجرت تقول: إخرس أيها الوقح، أتقول لن يغفر لي؟ من هو هذا الذي يملك أن يغفر او لايغفر؟ وهل انا بجاحة الى أن أستدر غفران ذلك التافه المزعوم؟ ذلك الدعي الذي تسميه سلطان الخيزران؟ ياللسخرية!! أيظن نفسه سلطاناً بينما هنا انا الملكة وسيدة كل الأسماك؟
قال الحنكليس يستزيد إثارتها: معاذ الله كيف تكونين سيدة الأسماك كلها وهو يؤكد أنه وحده صاحب السلطان المطلق على الجدول والساقية والخيزران جميعاً؟ لقد منحك الآن بعض الحرية وهو يملك أن يجردك منها متى شاء!!
وصرخت ملكة الطاحونة: القصاص؟ القصاص؟ إن هذا الزهو الذي يملأ صاحبك لايوجب مني أن أؤديه وأرد له الصواب وأنزل به أشد العقاب!!
أجاب الحنكليس وهو يتحفز للهروب: العقاب؟ إن العقاب سينزل بك وحدك فقد رأيته قبل حضوري الى هنا يستعد للقدوم اليك ليؤدبك تأديباً شديداً ولينزل بك العقاب الدامي كما يقول. لقد سمعته يهتف وهو يستعد للقضاء عليك بأنه سيتخلص منك ليستطيع الحكم وحده في هذه المملكة.
وقهقهت ملكة الطاحونة في سخرية صاخبة وهي تقول: ههه اذن فسأنتظره وسنرى إن كان الأمر كما زعمت وزعم صاحبك. إني لأنتظره هنا في شجاعة ولهفة وإشتياق !!
أحييكم من جديد أيها الأخوة والأخوات وأنتم تتابعون برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أعزائي بينما كانت ملكة الطاحونة تستعد للمعركة كان الحنكليس قد إنطلق كالسهم الى الجهة المقابلة حيث يقيم وحش الخيزران حيث صاح به وهو لايزال يجري متجهاً اليه: إستعد يامسكين فإن مولاتك قادمة لتنزل بك العقاب جزاء إنتقاصك من سلطانها ومحاولتك إنتزاع قطعة من مملكتها والسيطرة على ذلك الجزء من جدولها!
برقت عينا الوحش وضغط على فكيه في حنك وهو يقول: مولاتي؟ وهل لي سيد هنا؟
أجاب الحنكليس: ملكة الساقية والجدول وصاحبة القصر المجاور للطاحونة. لقد ملئها الغضب عندما عرفت أنك وضعت يدك على أطرافم ملكتها وقررت أن تبرهن لك أنها السيد الأوحد هنا وقالت إنها ستقتلك اذا حاولت المقاومة.
صرخ الوحش مزمجراً في غضب: فتأتي ملكتك المزعومة فأنا لاأخشى احداً ولولا أني قد تناولت طعامي منذ لحظات لأبتلعتك لأريك أنت وسيدتك ماقيمة التهديدات التي ترسلها اليّ والأوامر التي تلقيها عليّ.
قال الحنكليس متظاهراً بالإشفاق: هه مسكين انت إني لأنصحك أن تنقذ نفسك وتبتعد عن المكان او تختبأ في الأعماق لعلك بذلك تثنيها عن غضبها ورغبتها في القضاء عليك.
ووثب الوحش غاضباً يصرخ: ما تقول؟ أختبأ؟ نعم سأختبأ ولكن في الحجر الذي تقيم فيه ملكة المزعومة لتعلم أن الموت هو جزاء من يدعي الملك سواي.
مستمعينا الأحبة وقبل أن يبدأ الوحش إختراقه للماء كان الحنكليس قد أسرع الى أفراد شعبه من السمك الصغير وأصدر أوامره بسرعة بالإبتعاد عن الطريق والإختباء في الزوايا وبين الأعشاب والإستلقاء على جانب الجدول لمن استطاع.
وإقترب وحش الخيزران بينما إقتربت ملكة الطاحونة ونشبت المعركة دامية عنيفة وسط الجدول الذي أخلته الأسماك في لحظات لتفسح المجال لصراع الجبارين. ظل الخصمان يسبحان وينفخان في الماء ويضربان بذنبيهما العريضين وبمراوح زعانفهما والعيون منهما تندلع شراراً وناراً وكل منهما فاغر فمه ليبتلع غريمه اذا إستطاع وبين الضرب والنهش تطايرت القروش وتمزقت الزعانف وإصطبغت مياه الجدول بلون الدم. وأطل الحنكليس يطالع المعركة ولقد صدق سلطان الخيزران فقد كان أقوى من ملكة الطاحونة فقد حاول الوحش أن يبتلعها آخر الأمر ودخل معظم جسدها العملاق في حلقومه وإن لم يستطع إزدراده.
فتح الحنكليس عينيه في دهشة وتبعته كل الأسماك، لقد هدأت المعركة فجأة وكان وحش الخيزران يلهث ويثب وثبات تضعف وتختلج شيئاً فشيئاً بينما كان جسد عملاقة الساقية يهمد ويسكن وقد علق رأسها في حلقوم الوحش. وفي لحظة سكن كل شيء وطفت على سطح الماء كتلة سوداء يدفعها التيار فقد مات الغالب مخنوقاً بجثة المغلوب وماهي إلا لحظات حتى شعرت الأسماك بالأمان وإنطلقت في الجدول متنسمة بأنسام الحرية شاكرة الحنكليس الذي استطاع إنقاذها من الموت المحتوم لفضل حكمته وحنكته.
وبهذا نصل أيها الأعزاء الى ختام تطوافنا في حلقة هذا الأسبوع في رحاب الأسطورة الأفريقية الشيقة "المجزرة" حيث تعلمنا منها كيف يمكن أن تصنع الوحدة وإختيار القائد الكفوء المعجزات. وحتى نلتقيكم في الأسبوع المقبل في حكايا أخرى وأسرار وخفايا ودروس جديدة في برنامجكم حكايا وخفايا الذي استمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نتمنى لكم أطيب الأوقات ودمتم في امان الله.