بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم، نحييكم اجمل تحية أعزائي المستمعين ونبعث اليكم خالص أمانينا ونحن نجدد اللقاء بكم عبر هذه الدورة الجديدة من برنامجكم حكايا وخفايا آملين أن تروق لكم وتحظى بحسن إصغاءكم ومتابعتكم وأن نسهم بتعريفكم بتراث الشعوب وثقافاتها من خلال حكاياها وخفاياها.
مستمعينا الأفاضل من بين أبطال الملاحم والأساطير الإغريقية التي يكتظ بها التاريخ اليوناني الحافل بالأساطير والصراع بين الآلهة تبرز لنا أسطورة بطل شجاع تحطمت على صدره السيوف والرماح، إنه آخيل بطل حروب طروادة التي خلّدها الشاعر هيروموس في ملحمته الإلياذة وجعل آخيل قطب أحداثها. وتعد أسطورته واحدة من أشهر الأساطير الإغريقية وتبدأ هذه الأسطورة بمولد أخليوس او آخيل بن بيلوس ملك ميرميدون او المرامدة وهم جماعة من المرتزقة الإغريق يقودهم بطل الإلياذة آخيل وقد كانت لهم دور كبير في حرب طروادة الى درجة أنهم عندما إنسحبوا مؤقتاً من الحرب توالت الهزائم على جيوش الإغريق، وأم آخيل فيتس التي كانت من الحوريات.
مستمعينا الكرام تروي لنا الأسطورة أن أم آخيل فيتس طلبت بعد ولادته من كلوتو وأختيها ربات الأقدار أن يخبرنها عن مصير إبنها، فيخبرنها أن أخيليوس سيعيش محارباً وسيموت في إحدى المعارك فتدفع الأم رضيعها الى نهر إستيكس الذي يفصل بين مملكة الأحياء ومملكة الموتى حسب الأساطير اليونانية مما يجعل مياهه مقدسة وتمنح من يستحم فيها مناعة ضد الموت وتجرد فيتس ولدها الرضيع أخليوس من ملابسه وتمسكه من كعب قدمه الأيمن وتغطسه في مياه النهر عدة مرات دون أن يمس الماء كعبه ثم تجففه ثم صار أخليوس منيعاً وظل يخوض غمار الحروب الواحدة تلو الأخرى وتتكسر على صدره سهام الأعداء وسيوفهم بفضل المناعة التي حصل عليها من نهر إستيكس حيث تنبأ أحد العرافين للملك وزوجته أنه إبنهما سيكون مصيره أعظم من مصير والده.
نعم مستمعينا الكرام ومالبث والد آخيل وهو بيلوس أن أرسله ولده ليتعلم فنون القتال على يد المعلم الشهير كايرون الذي كان كذلك معلماً لهرقل وأجاكس حتى قامت حرب طروادة بين أهل طروادة والإغريق وفشل الإغريق في أول الأمر في السيطرة على المدينة وتنبأ أحد العرافين بأن طروادة لم تسقط إلا اذا حارب آخيل مع جيش الإغريق، وفي هذا الوقت كانت الأم فيتس تخفي ولدها عند لوكوميدس ملك جزيرة سيكاروس إثر سماعها بنبوءة تقول إن إبنها سيقتل بسهم من سهام آبولو في حرب طروادة لكن الإغريق لما علموا أن آخيل هو الذي سيحقق لهم النصر أرسلوا أديسيوس بطل ملحمة الأوديسا الشهيرة للبحث عنه حتى وجده ووضعه بين خيارين إما أن يذهب الى الحرب ويكون بطلاً ويحقق مصيره بيديه وإما أن يظل مغموراً لايعرفه أحد الى الأبد. وهنا قرر آخيل بكامل ارادته أن يخوض القتال ليخلد التاريخ اسمه وإنضم الى جيش الإغريق. وفي خلال وقت قصير أظهر آخيل الإغريق بأساليبه ومهاراته القتالية وحقق خلال تسع سنوات إنتصارات ساحقة واصبح مصدر الهام لدى الجنود الإغريق وبدأت النبوءة تترسخ في أذهانهم أنهم لن ينتصروا في حرب طروادة إلا اذا كان آخيل يحارب معهم. وحينما وصل آخيل الى أعتاب طروادة كان صيته قد ذاع بالفعل فكان ذكر اسمه كفيل بإثارة الرعب في قلوب الطرواديين وبعد احد الانتصارات استطاع جيش آجاممنون شقيق الملك مينالوس ملك أسبرطة أن يستولي على أحد معابد أبولو وأن يأسر كريسيس إبنة ملك المدينة رافضاً أن يعيدها لوالدها، وحاول آخيل أن يقنعه بإعادة الفتاة فنشب خلاف بينه وبين آخيل فتوقف آخيل على إثر ذلك عن القتال وترك الحرب ومنذ ذلك الحين بدأت الهزائم تتوالى على جيش الإغريق وعندما رأى باتروكلوس صديق آخيل ورفيق قتاله الهزائم المتعاقبة التي حلت على امته حاول أن يقنع آخيل بالعودة الى القتال مرة اخرى ولكن آخيل رفض ذلك فطلب باتروكلوس منه أن يعطيه سلاحه ومركبته حتى يوحي للأعداء أن آخيل قد عاد للحرب لينشر الرهبة في نفوسهم فوافق آخيل على ذلك.
أعزائي تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ومن برنامج حكايا وخفايا. خرج باتروكلوس على رأس جنود الميرميدون وكانت خوذة أخليوس وحدها كافية لإلقاء الرعب في قلوب الطرواديين ودفعهم الى الفرار فإضطرب معظمهم وسقطت منهم اعداد غفيرة وكان من المفترض بباتروكلوس أن يكتفي بهذا القدر من النصر ويعود أدراجه حسب تعليمات صديقه آخيل غير أن خمرة النصر أسكرته وجعلته ينسى ما اتفق عليه مع آخيل ويصر على ملاقات هيكتور بطل أبطال طروادة الذي إنتصر عليه بمعونة أبولو فبعد أن طعنه برمح قاتل سقط المسكين مضرجاً بدماءه وجرده هيكتور من عدته الحربية ليرتديها هو ولكن الإغريق إستماتوا في القتال وأخيراً تراجعوا الى معسكرهم ومعهم جثة باتروكلوس لمعونة اخليوس او آخيل الذي خرج الى الميدان بلا عدة ولاسلاح عندما علم بموت صديقه وصرخ صرخة مدوية ألقت الرعب في قلب أهل طروادة وجعلتهم يفرون بجنودهم من بطشه.
وهكذا عاد آخيل الى المعركة بقصد الإنتقام من هيكتور وقتله لأنه هو الذي قتل حبيبه باتروكلوس فجن جنونه وحزن حزناً بالغاً ونسي غضبه القديم وصفح عن أجاممنون وعاد الى ميدان القتال ونزل المعركة وقد إرتدى عدة حربية جديدة صنعها له إله الحدادين هيفايفتوس ثم أخذ يحصد رؤوس الطرواديين ويفتك بجنودهم فإستولى الرعب على من نجا منهم ففروا هاربين ولم يصمد إلا بطلهم هيكتور الذي لقي حتفه في النهاية على يد آخيل الذي أمعن في التشنيع بجثته، فقام بربطها بعربته الحربية وطاف بها في أنحاء المدينة لأثني عشر يوماً حول أسوار طروادة أمام زوجته اندروماك التي حزنت عليه وكادت تموت كمداً. حتى أتى والد هيكتور يتوسل لآخيل أن يعفو عن ابنه وبالفعل وافق آخيل فعلاً وأعلن الهدنة لمدة اثني عشر يوماً آخر للسماح بالتجهيز لجنازة تليق بهيكتور.
نعم مستمعينا الأفاضل وتفيد الأسطورة بأن اخيليوس قام بتشييع جنازة صديقه باتروكلوس في إحتفال مهيب تكريماً له وتمجيداً للذكرى وتخليداً لصداقتهما التي ذاع صيتها وذهبت مضرب المثال ولكن يحدث مالم يكن في الحسبان فبريس شقيق هيكتور والذي كان السبب في إندلاع حرب طروادة من الأساس عرف سر كعب آخيل أي نقطة ضعفه، هذا الكعب الذي كانت والدته قد أمسكت به فلم تمسه مياه نهر استيكس فلم يكتسب القوة والمناعة كسائر أجزاء جسمه فصوب سهماً من سهام اوبولو نحو كعب آخيل ليسقط البطل ارضاً وبذلك تمكن بريس من قتله لتنتهي حياة بطل من أشهر أبطال الأسطوريين في التاريخ.
مستمعينا الكرام من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران قدمنا لحضراتكم برنامج حكايا وخفايا، نرجو ان تكونوا قد قضيتم معنا وقتاً ممتعاً ومفيداً إن شاء الله وحتى نلتقيكم عن حكايا جديدة وخفايا اخرى نترككم في رعاية الله، الى اللقاء.