بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم نرحب بكم اجمل ترحيب مستمعينا الأفاضل ونحن نجدد اللقاء بكم عند محطة اخرى من محطات برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا حيث سنسبل معاً كعادتنا أفقاً آخر من الآفاق الغامضة والمجهولة لقصص الشعوب وأساطيرها فإن كنتم مستمعين لذلك فندعوكم للسفر معنا بين جنبات عالم آخر من عوامل الحكايا والأساطير.
مستمعينا الأفاضل سنشد الرحال معاً في هذا الأسبوع لنلقي عصر الترحال في بلاد الشمس حيث الأرض العريقة العتيدة الحافلة بالتراث والثقافة وبكل ما تعج به هذه الثقافة من عادات وتقاليد وأسرار وأساطير، إنها اليابان البلد الذي يعد هو نفسه أسطورة بحد ذاته والبلد الذي حقق أسطورة التقدم العلمي والتكنولوجي ليثبت أن الانسان الشرقي قادر وبجدارة على منافسة اخيه في الغرب بل والتفوق عليه في بعض المجالات. ندعوكم أخوتنا المستمعين الى مرافقتنا عند ما أعددناه لكم في هذا الأسبوع من حكايا وخفايا.
مستمعينا الأحبة أسطورتنا لهذا الأسبوع هي واحدة من الأساطير اليابانية المعبرة التي تنعكس فيها الروح المسالمة المحبة للطبيعة والوجود، هذه الروح التي عرفت بها الثقافة اليابانية فهي تجسد لنا الفلسفة الشرقية المتمثلة في ضرورة توحّد الانسان مع الوجود وإندماجه به الى حد تقديس كل الكائنات التي تعيش معه في هذا الوجود وإعتبارها أعضاءاً في عائلة واحدة تعيش على الأرض نفسها وتتنشق الهواء ذاته لتؤدي بذلك دورها في الحياة وليخدم بعضها بعضاً ومن هذا البعض الانسان نفسه الذي لايمكنه أن يستغني عن أي كائن من الكائنات الأخرى التي تشاركه الحياة على هذه المعمورة، فلنتابع معاً أخوتنا المستمعين الأفاضل تفاصيل أسطورتنا لهذا الأسبوع والتي تحمل المعاني والدلالات السابقة.
أعزائنا المستمعين يُحكى أن صياداً فقير الحال كان يعيش في غابر الأزمان لكنه كان طيب القلب يدعى أوراشيما تارو. ذات يوم وبينما كان يسير على الشاطئ حاملاً شبكة صيده على كتفيه اذ به يلمح بعض الصبية يقذفون بالعصي والأحجار صوب شيء كان يزحف امامهم على الرمل فتسائل ترى ماذا يكون هذا الشيء؟ اقدم اوراشيما نحو هذا الشيء الزاحف واذا به يرى سلحفاة بحرية عملاقة كانت قد غامرت بالخروج من الماء الى الساحل الرملي ثم راحت تحاول جاهدة العودة للماء.
صاح اوراشيما بالصبية: كفى !
ثم أردف قائلاً: ألا تعلمون أن كل المخلوقات الحية هي بمثابة الأخوة والأخوات لكم في هذا الكون؟ وأن من واجبكم أن تعاملوها بحنان وشفقة؟ ثم أن السلاحف البحرية هي رسل الملك التنين الذي يحكم اعماق البحار والسلحفاة تعيش عشرة آلاف عام؟ فلو انكم قتلتم كائناً مقدراً له أن يعمر بعشرة آلاف عام فسوف تحاسبون على ضياع سنوات عمره. إن ما تفعلونه خطأ جسيم فإنتبهوا وإحذروا.
قال اوراشيما ذلك وهو يفتش في صرة صغيرة معه ليخرج منها بعض القطع النقدية ليقدمها للصبية قائلاً: خذوا مني هذه النقود ودعوا السلحفاة لحالهاز
اخذ الصبية النقود وتركوا السلحفاة في حال سبيلها لتواصل سيرها نحو البحر وقبل أن تغوص مباشرة في المياة الخضراء إلتفت ونظرت بإتجاه اوراشيما تارو متمعنة وكأنما كانت تسجل ملامحه في ذاكرتها ثم إختفت تحت الأمواج تاركة وراها خطاً رفيعاً من الفقاعات الفضية.
واصل اوراشيماتارو طريقه حتى وصل الى قاربه فوضع شبكته في قاربه ودفع به في الماء ثم قفز داخل وشرع بالتجديف وظل يجدف مدة طويلة الى أن بلغ لجة البحر، كان الشمس ترسل شعاعها ناشرة على سطح البحر أشعتها الفضية بينما إستسلم اوراشيما تارو لهدهدة الموج اذ غلبه النعاس دون أن يدري ووضع رأسه على حافة القارب وغط في نوم عميق ورأى اوراشيما تارو في نومه حلماً، شاهد فيه امرأة رائعة الجمال تخرج من اعماق البحر وتسير على الموج دون أن تغوص فيه ثم تتجه مباشرة صوب قاربه، إقتربت المرأة أكثر ثم وضعت قديمها في القارب وإنحنت وهزت كتف اوراشيما وهو نائم برفق.
مستمعينا الأفاضل مازلتم تستمعون لبرنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
إستيقظ أوراشيما تارو فوجد امامه نفس المرأة التي رآها في حلمه وتسائل في دهشة: من أنت؟؟ وماذا تفعلين هنا؟!
أجابته المرأة بصوت له رجع يشبه هدير البحر: يا اوراشيما تارو انا الأميرة بنت الملك التنين حاكم أعماق البحار، وقد عرف ما أديته من جميل فعلته مع رسوله السلحفاة فقرر أن يهبني لك لأصبح زوجتك وأن نعيش معاً اذا شئت في جزيرة الصيف الأبدي. وافق اوراشيما تارو بسعادة غامرة فجلست المرأة الى جانبه وشرعا يجدفان كل منهما بيد على مجداف حتى توارت جزر اليابان عن انظارهما وراء الأفق ولاحت أمامهما جزيرة الصيف الأبدي وعندما عبرا حاجز امواجها الى الشاطئ قفز اوراشيما تارو من القارب وسحبه على الرمل ثم ساعد الأميرة على النزول الى البر.
عندما إلتفت الى الشاطئ لمح بعض مخلوقات البحر المدهشة وقد إرتدت ثياباً فاخرة وأحاطت برؤوسها التيجان وهي تهتف به بفرح: مرحباً بك في قصرك أيها الشجاع اوراشيما تارو.
وعندئذ بدأ حفل زواج اوراشيما تارو وأميرة أعماق البحار وكان كل يوم يمر عليهما يحفل بمفاجأة سعيدة للصياد وهذه المفاجأة تتمثل أحياناً بهدية عبارة عن لؤلؤة عظيمة تفوق في ضخامتها كل اللآلئ التي شهدها في حياته وتشيع ضوءاً كان يكفي لإنارة بهو القصر. وأحياناً كانت عبارة عن ثعابين بحر عملاقة تأتي لتلتف حول أعمدة السلم وترسل بريقاً يشبه بريق نجوم السماء وأحياناً كانت تتجسد في أخطبوط يتبع الصياد في سيره كانه كلب او قطة أليفة. وهكذا عاش اوراشيما في سعادة تفوق الخيال لمدة ثلاثة اعوام.
وبذلك نصل أخوتنا المستمعين الأحبة الى ختام القسم الأول من أسطورة اوراشيما تارو اليابانية الشهيرة ضمن برنامج حكايا وخفايا. راجين منكم أن تتفضلوا بإنتظارنا في حلقة الأسبوع المقبل عند القسم الثاني من هذه الأسطورة المعبرة التي تدل على ضرورة احترام الانسان للطبيعة والكائنات الأخرى التي تعيش معه على ارض واحدة. حتى ذلك الحين تقبلوا تحيات قسم الأدب والثقافة والفن في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء وشكراً لكم.