بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم أطيب التحيات وأخلص الأماني نبعثها لحضراتكم ونحن نلتقيكم من جديد عبر محطة اخرى من محطاتنا الأسبوعية عند عالم الحكايا والأساطير من خلال برنامجكم حكايا وخفايا والذي يقدمه لحضراتكم قسم الثقافة والأدب والفن في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
ندعوكم أعزاءنا لإصطحابنا لهذا الأسبوع في آفاق أساطير الشعوب راجين أن تقضوا أطيب الأوقات.
أعزائي الأفاضل سنعيش على مدى حلقتين من البرنامج مع احدى الأساطير التي إخترناها لكم من بلاد الهند الأرغوانية بحكاياها وأساطيرها والتي مارست التأثير بتراثها الأسطوري على الكثير من بلدان الشرق وأقطاره التي إقتبست من تراثها وإستلهمت الكثير من قصص بلاد الهند وأساطيرها ذات الدلالات الأخلاقية والفلسفية، ولعل خير مثال على ذلك قصص كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة ذات الأصول الهندية في الكثير من شخوصها وأحداثها ومناطقها الجغرافية.
لعل هنالك الكثير من وجوه الشبه بين أسطورة المصباح المسحور التي نحن بصددها في حلقة هذا الأسبوع والأسبوع القادم بإذن الله وبين أسطورة علاء الدين في ألف ليلة وليلة ولاشك أن لكل منهما أصلاً واحداً يؤكد أن معظم أساطير ألف ليلة وليلة لاتعدم النظائر في أساطير الشرق ومنه الهند والصين بل وفي أساطير فينيقية ورغم ذلك فإن كل واحدة منها تختلف في الغالب عن شبيهتها بتأثير البيئة وأصول الحياة التي تعيش في أرضها كأسطورة كما نلاحظ ذلك في أسطورتنا لهذا الأسبوع والتي تحمل العنوان "المصباح المسحور" ندعوكم أخوتنا المستمعين لمتابعة القسم الأول على ان نكملها في الأسبوع القادم إن شاء الله.
مستميعنا الكرام تقول الأسطورة أنه حدث ذات يوم في بلاد الهند أن سمعت إحدى النساء الأرامل وهي جالسة في بيتها مع ولدها الوحيد صوت طرق على بابها وعندما فتحت الباب وجدت امامها عملاقاً أسود قبيح الخلقة وجهه كوجه عفريت، ولما همت لأن تغلق في وجهه الباب وضع قدميه بين مصراعيه ليمنعها وقال لها: ما كنت أظن امرأة في العالم تستقبل شقيق زوجها الأكبر كما تستقبلينني الآن. جمدت يدها فوق الباب وهي تحدق في وجهه، أيمكن أن يكون هذا العملاق حقاً شقيق زوجها الذي مات منذ سنوات؟ إنتبهت المرأة من تفكيرها على صوته وهو يقول: لقد تركت تجارتي في بلاد الرقراق وجئت لأطمئن على أخي الذي إفترقت عنه منذ أكثر من عشرين سنة وأني لأكاد اموت جوعاً لطول الرحلة عبر الصحاري والقفار.
وأمام المدفئة وهو يأكل اخذ الرجل يسمع من الأرملة كيف مات اخوه في حادث في البحر وكيف أحضروه اليها وهو لايستطيع أن يخرج من بين شفتيه سوى لفظ واحد فقط لم تستطع أن تفهم مايعني له، فقد كان يقول الكنز، الكنز، ولاشيء أكثر من ذلك!
أجاب الرجل في حماس: الكنز يازوجة اخي العزيز، الكنز، أجل تريدين معرفة مكانه ولعلك اذا أذنت لولدك بالخروج معي للبحث عن الكنز الذي أظنه في وادي كنا قد إجتزناه معاً أنا وزوجك ذات يوم فسنعود معاً محملين بجواهر لاحصر لها ولامثيل.
إبتلعت المرأة ريقها وهي تبتسم في فرح فقد إستطاعت اخيراً أن تعرف سر الكنز. وعندما جاء اليوم الذي حدده للرحيل خرج ومعه ابن أخيه يحمل كيساً كبيراً ملئته المرأة لهم بكل ما يلزمهما خلال الرحلة من طعام وشراب. وقطع الإثنان معاً عدة اميال في طرق طويلة وعرة وتوقفا آخر الأمر عند تل تسلقاه وعندما بلغا قمة التل أمر التاجر الفتى الصغير بجمع حمل كبير من الحطب وإشعال النار فيه، فجمع الفتى الحطب ووقف أمامه لايدري كيف يوقده في حين وقف عمه يتأمل ولايفعل شيئاً قط.
أمره الرجل أن ينفخ بفمه وظل الغلام ينفخ وينفخ والنار لاتريد أن تشتعل حتى قال لعمه في ملل: عماه...
لم يتركه الرجل يكمل فقد صفعه على وجهه وهو يقول: أسكت أيها الأخرق فلست عمّ أحد، أنفخ!
وعاد الفتى ينفخ في الحطب ورأسه يدور بعد أن إكتشف أن هذا الرجل ليس عمه، وفوجئ بالرجل يلطمه من جديد ويصرخ في وجهه قائلاً: أنت لاتنفخ جيداً، واصل النفخ وإلا قضيت عليك.
بكى الغلام وأبى أن يعيد النفخ وإنهال عليه الرجل ضرباً ركلاً حتى تعب وتحول هو الى الحطب ينفخ فيه بقوة حتى إشتعلت النار فجأة وظلت متأججة حتى أتت على الحطب وعند ذاك ظهرت بين الرماد باب سحري وهنا امر الرجل الفتى الصغير أن ينحني عليه ويفتحه بيديه، وأخذ الغلام يجذب الباب بشدة ولكن الباب أبى أن يفتح وعاد الرجل يضرب الفتى بشدة ويقول له: لانفع من وراءك ولاتريد أن تعمل إلا تحت ضرب السياط.
عاد الصغير يجذب الباب كل ما منحه الله من قوة وأخيراً رفع الباب من مكانه واذا تحت الرماد سرداب طويل يضيئه مصباح، تراكمت حوله كميات كبيرة من الزهور مصنوعة من الذهب وأمر الرجل الغلام بالنزول في السرداب وحذره من أن يطئ الزهور الذهبية بقدميه وأمره أن يذهب الى المصباح المعلق فيأخذه وينير لنفسه المكان حتى يستطيع جمع ما يستطيع جمعه من الأزهار الذهبية ويضعها على صحفة من ذهب كانت هناك، نفذ الغلام الأمر ورفع الصحفة المملوءة بأزهار الذهب فناولها الرجل ثم طلب منه أن يرفعه الى الخارج ليغادر السرداب غير أن الرجل لم يكد أن يأخذ صحفة الذهب حتى ضرب الكفين الممدودتين اليه في قسوة ثم أغلق الباب الحديدي السحري ومضى تاركاً الصبي حبيساً داخل السرداب المظلم المخيف.
مستمعينا الأفاضل مرت الساعات طويلة قاسية وبدأ اليأس والجوع يحطمان اعماق الفتى الصغير، مدّ الفتى يده الى الأرض ليتكأ عليها فإصطدمت يده بالمصباح الذي كان ملقى على الأرض في الظلام وإحتك الخاتم الذي كان يضعه في أصبعه بجوانب المصباح وفي لحظة أضاء المصباح وكأنه البرق ثم خرج منه في الحال عفريت مارد إنحنى امام الغلام إحتراماً وقال له: مولاي أنا خادمك بين يديك، مر بما تريد أنفذه في اللحظة والتو !!
إرتعد الفتى الصغير حين رأى العفريت غير أن إنحناءاته وكلماته العامرة بالإحترام ازالت من قلبه شبح الخوف وإنطلق لسانه يقول في دهشة: هل تستطيع ياسيدي أن تفتح الباب وتخرجني؟ وفي لمح البرق مدّ العفريت ذراعه العملاقة فنحى الباب الحديدي ثم مدّ يده فرفع الغلام من داخل السرداب ليضعه على سطح الأرض ولم يكد يفعل حتى إختفى فجأة تماماً كما ظهر من قبل.
نعم اعزائي إنطلق الغلام يجري ويجري وفي يده المصباح حتى بلغ داره وعندما دخل البيت ألقى بنفسه في حضن امه ومضت أيام ونسي الغلام أمر المصباح، ثم مضى عام وتابعته أعوام وبلغ الغلام مبلغ الشباب. وفي ذات يوم وهو يسير في الطريق مرت به إبنة حاكم المقاطعة تزهو في محفتها وهي في الطريق الى البحيرة وإختبأ الفتى خلف شجرة وراح يرقب حركات الأميرة التي شغفته حباً وعندما عاد الى البيت آخر اليوم كان ملأ أعماقه رغبة أن تصير الأميرة زوجة له حتى صارح أمه بذلك فأجابته قائلة: كيف ياولدي؟ وهل تجرأ على خطبة إبنة الراجا ونحن فقيران لانملك شيئاً؟
اجاب الفتى العاشق: إذهبي اليه ياأماه وإسأليه عن شروطه لعل الله الذي ملأ بالحب قلبي أن يمنحني ما يطلب الراجا لقاء هذا الحب.
مستمعينا الكرام من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران كنتم مع برنامج حكايا وخفايا نشكركم على حسن المتابعة وندعوكم للإنتظار في الأسبوع القادم لنتعرف معاً على تفاصيل القسم الثاني من أسطورة المصباح المسحور إن شاء الله، نشكركم على طيب المتابعة أيها الأحبة، الى اللقاء والسلام عليكم.