بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم واهلاً بكم مستمعينا الأعزاء يسرنا أن نجدد اللقاء بكم عند حلقة اخرى من برنامجكم الأسبوعي المتجدد حكايا وخفايا حيث نعيش معاً الأجواء السحرية الغامضة لأساطير الشعوب وحكاياها ونتعرف على خفاياها وأسرارها في محاولة منا لسرب أغوار العقل البشري وردود فعله إزاء ما يحدث حوله من ظواهر تبدو له غامضة فيحاول تفسيرها من خلال القصص الأسطورية التي تحوكها مخيلته.
ندعوكم اعزائي الى مرافقتنا عبر القسم الثاني من تفاصيل أسطورة الفرس العجوز التي إخترناها لكم من بين غابات القارة السمراء وأحراشها.
مستمعينا الكرام تركنا في الحلقة السابقة الأميرة فطيما وقد تورطت في مشكلة حقيقية بعد أن أفلحت هي وفرسها العجوز بالهرب من الثعبان المرعب الهائل. فما كادت تهرب من براثن التنين حتى رأت نفسها تهبط مع فرسها العجوز في أرض مجهولة لتواجه مشاكل من نوع آخر. أحنت الأميرة رأسها تستنجد بالفرس العجوز غير أن الفرس كانت هي ايضاً قد إنغرست بقوائمها الأربع في الأرض لعنف الصدمة وكانت عيناها تنفث شرراً، خاطبتها الفرس وهي تقول في قسوة: لماذا فعلت ذلك؟ أما انذرتك ألا تنكثيني بالمهماز مهما حدث؟
بكت الأميرة ولم تجد جواباً وإستمر بكاءها صاخباً هادراً حتى رقّ لها قلب الفرس وإختفى من عينها الشر المجنون وقال الفرس بحزن للأميرة الباكية: كفي عن البكاء الآن ياإبنتي فهو لن يجديك نفعاً وأولى بك أن تنهضي لندرك أين نحن وكيف يمكن أن نعالج امرنا!!
تنفست فطيما الصعداء وترجلت من فوق ظهر الفرس وراحت تسير في حذر وهي تطل أمامها فوقفت فجأة وقد رأت في مواجهتها بضعة أكواخ صغيرة لانوافذ لها على الاطلاق. أخذت فطيما تجيل عينيها وتدير بصرها في كل مكان فأخذ بها العجب أن لاترى أحداً من السكان وإزداد عجبها وإرتعشت عندما تسلل الى أذنيها فجأة صوت رقيق ضئيل يسأل: من هذا الذي هناك؟
أجابت الفتاة وهي في رجفتها تحاول معرفة مصدر الصوت: أنا أميرة تائهة في هذا المجهول، بعيدة عن بلدي وأهلي، أطلب مأوى لي ولرفيقتي العجوز.
سمعت الصوت يقول: ومن هي رفيقتك تلك؟
أجابت فطيما: هي فرسي التي أرادت أن تنقذني من بلاء أحاط فحملتني الى هذا المكان.
قال الصوت: كان اولى بها أن لاتأتي بك الى هنا فحاكم هذا البلد ملك يخشى النساء ويضمر الكراهية لهن ويأمر بقتل كل أجنبية تطأ أرضه، وبمجئيك الى هنا إنما تتعرضين لموت محقق رهيب. وفي هذه اللحظة سمعت الفتاة صهيل الفرس وإنتبهت وسمعتها تسألها عمن تحدثها فقالت: لست أدري إني أسمع صوتاً ولاأرى أحداً. تعالي أيتها الفرس نخرج من هذه الأدغال المخيفة هاربين من المصير المجهول. شحب وجه الفتاة ومضت بالاثنتين فترة من الصمت المخيف قطعها الصوت الخافت الضئيل وهو يقول من جديد: لاتبكي أيتها الفتاة فنحن نستطيع أن نساعدك غير أن أول ما يجب أن تفعليه هو أن تصبحي ذكراً، سأحضر لك ثوب فتى صنعناه من أجلك منذ رأيناك تهبطين في هذا المكان.
نقدم تحايانا لكم من جديد عبر برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
أعزائي ماكاد المجهول ينتهي من كلامه حتى لمحت فطيما ثوباً من الأطلس الفاخر يتقدم على الأرض في بطئ شديد وحلقت الأميرة غير مصدقة فبدا لها كأن الأرض تتحرك من تحت الثوب غير أن الأرض لم تكن تمشي في الحقيقة بل كان هناك جيش كثيف من النمل يحمل الثوب ويقترب من الفتاة حتى إستقر امامها. وإنحنت الفتاة وإرتدت الثوب وبدت فيه شاباً وسيماً رائع القسمات وهتفت فطيما وهي تصفق في مرح: عرفت من انت، أنت نملة كبيرة.
قالت النملة وهي تجثم على قدم الفتاة: أصبت، وبما أننا قد إطمأننا الى ملجأ الفرس فينبغي الآن أن تمثلي أمام الملك في زي رجل لعلك تجدين وسيلة للعودة الى الوطن، لم يكن الطريق سهلاً ولعل ما زاد من صعوبته أن هياكل عظمية كثيرة كانت مبعثرة هنا وهناك تحكي كيف بذلت النساء الغريبات حياتهن مقابل سفرهن المشؤوم.
كان الملك رجلاً ضخماً كعملاق صاخب الصوت قاسي القلب قال لها وهو يضع يده فوق كتفها: من حسن طالعك أيها الفتى الغريب أنك لست امرأة فأهلاً بك في مملكتي ولكن ما الذي جاء بك الى هنا؟
وبدأت الأميرة وقد اكسبت صوتها خشونة الرجال تلفق قصة طويلة حول الصيد وظلال الطريق ولكن الملك لم يكد يعرف أن الأمير يتقن الصيد حتى ملأته الفرحة فقد كان يبحث عن رفيق لرحلات صيده فوجده في هذا الشاب الغريب وقرر أن يجعل إقامته في بيت لايفصله عن البلاط الملكي سوى باب قصير وكان البيت الذي أعد للفتى لجناح الحريم حيث تعيش نسوة الملك وبناته في جراسة صوما العجوز عمة الملك وبالحق كانت أجدر النساء بمنصب الحارس فقد كانت بالغة القبح والدمامة لاتعرف من الحياة كلها سوى الفضول والحقد على الجميع.
وعندما ذهبت النملة كان الاعياء قد اخذ بفطيما التي لم تكد تستلقي على الجراش حتى نامت ونسيت الباب مفتوحاً ومضى الليل حتى إنتصف وفتح الباب في بطئ وهدوء وبدا فيه وجه العجوز صوما التي جاءت تتلصص على الشاب الصغير بعد أن غاظها إهتمام الملك به وراحت تحدق في وجه الفتى ملياً، كان الوجه جميلاً بأهدابه الطويلة ولونه الأسمر وكان يثير الشك وعادت تتأمل الوجه جيداً... آه إنه ليس شاباً بل امرأة فاتنة تسترت في ثوب شاب! أعجب هذا الإكتشاف صوما وقررت أن تلعب بالفتاة وتعبث حتى تكتشف امرها في الوقت الذي يحلو لها.
وعادت النملة في الوقت الذي كانت فيها صوما تغادر فيه المكان وأدركت أن العجوز قد إكتشف السر فإزدادات قلقاً وإضطربت وأيقظت الأميرة لتقص عليها ما كان من أمر العجوز وتنصحها بأن تنهض حالما يطلع النهار وتجتهد في إكتساب ود الملك وصداقته قبل أن تغير العجوز صوما أفكاره.
إنطلقت فطيما الى الملك ولم تتركه لحظة وأفتتن الملك بأحاديث الفتى وأخذه معه الى الصيد حيث كاد الأمر يفتضح عدة مرات اذا لم تستطع الفتاة إحتمال الجهد الشاق والجري وراء الطرائد، ومع ذلك فقد إنقضى اليوم الأول بسلام.
مستمعينا الأفاضل كونوا في إنتظارنا عند القسم الثالث والأخير من أسطورة الفرس العجوز الأفريقية لكي نرى كيف سينتهي الأمر بالأميرة فطيما التي تركناها تعاني من تجربة صعبة عسيرة وهي تبذل كل جهدها لإخفاء هويتها الحقيقية. ترى هل تستطيع اداء ما ينبغي عليها على الوجه الكمل؟ وهل ستفلح اخيراً الهرب من أرض الضياع والمجهول لتعود الى ديارها؟ هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة من برنامج حكايا وخفايا والذي يأتيكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران بإذن الله حتى ذلك الحين نستودعكم الله والسلام عليكم.