بسم الله الرحمن الرحيم إخوتنا أخواتنا أينما كنتم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم وأهلاً بكم يسرنا أيها الأحبة أن نجدد اللقاء بكم عبر جولة لنا اخرى في دنيا الحكايات والأساطير التي تداولتها الأمم والشعوب على مر الأزمنة فتركت لنا بذلك عالماً غامضاً محبباً الى النفوس من الأسرار والخفايا التي نحاول أن نكشف عنها من خلال هذا البرنامج، تابعونا أيها الأعزة على بركة الله.
مستمعينا الأفاضل سنتابع جولتنا في حلقة هذا الأسبوع عند القسم الثاني من الأسطورة الإيرانية رستم وملك الجان حيث تركنا هذا البطل البهلوان وقد عقد إتفاقاً مع ملك مازندران أولاذ على أن يبقي على حياته ويجعله ملكاً على بلاد الغابات والجنان والرياض مازندران في مقابل أن يدله على المكان الذي حبس فيه ملك الجان مليكه كيكاووس وجيشه وأن يكون دليله ومرشده في القتال الذي سيخوضه ضد ملك مازندران وجيشه الجرار من المردة والشياطين فلنتابع أيها الأخوة معاً أحداث القسم الثاني من هذه الأسطورة.
مستمعينا الأفاضل قبل اولاذ الإتفاق ففكّ رستم قيده وجعل رستم يسير بين يديه ليدله على مكان كيكاووس وبينما هما في الطريق اذا برستم يلمح من بعد نيراناً موقدة وشموعاً مشتعلة فسأل اولاذ عن ذلك فأجاب: ذلك ياسيدي باب مدينة مازندران يحرسه قواد ملك الجن وجنودهم وهم لاينامون ثلثي الليل. إنتظر رستم حتى حلّ الثلث الأخير الذي يستسلم فيه الجن للنوم فحمل عليهم وخرج له قائد الجن إرزانك وإشتبك معه في صراع هائل عنيف إنتهى عندما انشب رستم أظفاره في عنقه وإقتلع رأسه وحمله على دبابة السيف وشهد الجن ما صنع رستم بقائدهم ففروا هاربين وعاد هو يسير مع دليله أولاذ الى حيث ينقذ كيكاووس حتى عثر عليه أخيراً غارقاً في الظلمة قد عمي بصره واحيط به مع كل جيشه وإستقبله كيكاووس وجيشه بفرح غامر ثم طلب منه أن يسرع بمباغتة سفيد ديو ملك الجن قبل أن يبلغه نبأ مقتل قائده وقبل أن يعلم بمجيئه وأخبره أن العمى الذي أصابه لايشفى إلا اذا إكتحلت عيناه بدم كبد ملك الجن.
ومضى رستم وأمامه دليله الملك أولاذ، ومضيا يسيران مخترقين جيالاً سبعة كانت تفصلهما عن المغارة التي يقيم فيها الجني الأبيض وخلال الطريق أخبر أولاذ رستم أن الجن ينامون اذا حميت الشمس فيكون هذا الوقت خير الأوقات لمهاجمتهم. إنتظر رستم حتى إرتفعت الشمس واذا به يمتطي فرسه ويشن غارة عشواء على الشياطين وراح يعمل فيهم السيف يميناً ويساراً حتى بلغ باب المغارة فوجدها غارقة في الظلمات فإقتحم المغارة بفرسه يطلب سرير ملك الجن وعندما بلغه وجد سفيد ديو واقفاً ووجهه أسود كالليل البهيم وعيناه يندلع منهما لهيب كأنه الجحيم. ولما رأي ملك الجن رستم وثب عليه في حمق فرفع رستم سيفه ثم إنقض على ساقه فقطعها وإلتحم الإثنان في قتال عنيف وبدأ سفيد ديو ينهار وهنا إنقض رستم عليه بسيفه وعندما إطمأن الى موته إنحى عليه وقد إستلّ خنجره وشق به جنبه وإستخرج كبده ثم غادر المغارة في زهو وإنطلق ومعه اولاذ الى حيث كان كيكاووس لايزال ينتظره فبشره بمقتل عدوه وقدم له كبده وشكره الملك وأثنى عليه ثم إكتحل بقطرات من دم كبد الجني فعاد اليه بصره.
مستمعينا الكرام مازلتم تستمعون لبرنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
إحتفل ملك ايران وقواده ومعهم رستم واولاذ بالنصر الكبير سبعة أيام كاملة وعندما حلّ اليوم الثامن إنطلقوا شاهرين سيوفهم فإنتشروا في بلاد مازندران وأعملوا في الضرب والقتل بعد أن فتحوها، ثم قرروا يرسلوا الى ملكها يطلبوا التسليم او يقتحمون كل املاكه وينزلون به القضاء. ونهض رستم طالباً أن يكون هو رسول كيكاووس الى ملك مازندران وإنطلق البطل على فرسه الرخش حتى بلغ مقر الملك الذي أمر قواد الجن وخير الفرسان وأبرع الشجعان أن يكونوا في إستقباله ليطلعوه على مدى قوتهم. وشهد رستم من بعيد مستقبليه فمال على شجرة قريبة ورفعها كما ترفع عصا الخيزران وإقترب منهم ثم رماهم بها فإضطرب شملهم وكاد يقع أكثرهم بين قتيل وجريح. فولى أحدهم هارباً نحو الملك وهو يرتعد قائلاً له: السلم خير من الحرب يامولاي فلا قدرة لنا على مقاومة هذا البطل الهصور.
وفي تلك اللحظة دخل رستم فأجلسه الملك في مكان يليق به وطلب أن يبلغه الرسالة التي يحملها فألقى رستم بما لديه بصوت جهوري عنيف ولم يكد ينتهي حتى ثار غضب الملك الذي قال له: قل لمليكك كيكاووس إن كنت ملك فارس فأنا ملك مازندران المستقر على عرشها الخالد أبداً فعد الى مملكتك ولاتحدث نفسك بالإستيلاء على عروش الملوك فإني إن واجهتك في مأزق الحرب حسمت امرك بسيفي الصارم الذي لايخيب.
أعزتنا المستمعين غضب رستم من رد الملك وإنطلق عائداً الى كيكاووس وأخبره بما حدث وطلب منه أن يتأهب ويتقدم للقتال. وكان ملك مازندران قد إستعد منذ خرج رستم من بلاطه فأمر بإنتشار عسكره في ظاهر المدينة وإنطلق في جيش جرار لاحصر له وإلتقى الجيشان وإرتفعت من الجانبين أصوات الطبول ودارت المعركة وإرتجفت الأرض وإظلمت الآفاق وراحت الفرسان تتصاول والجيوش تتلاحق والنصر يتأرجح بين هذا وذاك. ومرّ أسبوع كامل والقتال لايريد أن ينتهي وعندئذ برز رستم يطلب مبارزة ملك مازندران نفسه فإنتفض الملك غاضباً وإنطلق من بين رجاله وهو يطلق صرخة غضب هادر وإنقض على بطل الأبطال وكان الملك قوياً مارداً فإندفع يهاجم رستماً بعنف وكاد ينتصر عليه لولا أن رستماً تحيّن فرصة طعن خلالها الملك في خاصرته طعنة ألقت به على الأرض من فوق ظهر فرسه وراح يستجدي عفو كيكاووس إلا أن هذا أمر الجلاد بقطع رأسه ورفعه على أسنة الرماح ليريه للناس وإنطلقت جيوش كيكاووس تجمع الغنائم والأسلاب وتحصي الجواهر والذخائر وإنطلق رستم مع الملك كيكاووس عائدين الى الوطن في مواكب رائعة لم يشهد مثيلها قط بعد أن نصب الملك كيكاووس أولاذ ملكاً على مازندران من جانبه.
بهذا ينتهي إخوتنا المستمعين الأحبة القسم الثاني من حكاية بطل الأبطال رستم في معركته الضارية ضد رموز الشر المتمثلة في ملك الجان الجني الأبيض وجنوده من الشياطين والمردة ضمن برنامج حكايا وخفايا والذي إستمعتم اليه من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. إنتظرونا في حلقة الأسبوع المقبل بإذنه تعالى لنرى المصير الذي سيؤول اليه هذا الصراع المرير ضد قوى الشر والظلام. حتى ذلك الحين نتمنى لكم أطيب الأوقات آملين أن تكونوا قد أمضيتم معنا أوقاتاً مفعمة بالمتعة والفائدة إن شاء الله. شكراً لكم والى اللقاء.