بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان طابت اوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أهلاً بكم اعزاءنا المستمعين في كل مكان يسرنا أن نلتقيكم من جديد في رحاب عالم الأساطير والحكايات، هذا العالم الذي يلفه الإبهام والغموض والحافل بالأسرار والخفايا التي نحاول أن نفك رموزها ونكشف عن ألغازها عبر برنامجكم هذا حكايا وخفايا، اذن تابعونا إخوتنا المستمعين.
مستمعينا الأفاضل من بين الأساطير المشتركة بين الثقافتين الشرقية والغربية او لنقل من بين الأساطير الشرقية التي تركت بصماتها الواضحة على الثقافة الغربية في طور نشوءها وظهورها الأسطورة التي عرفت على مر التاريخ بإسم أسطورة اوربا وقدموس التي تعد من أكبر الأمثلة على غنى بلاد الشرق وعراقتها فأوربا الأسطورة هي أصل التسمية على قارة اوربا وهي في الحقيقة حكاية فتاة من بلاد المشرق وبالتحديد من بلاد لبنان حيث الحضارة الفينيقية ووالد هذه الفتاة أجنور إبن بوصيدون وهو الإسم القديم لصيدا وامها حورية إسمها صور وأما قدموس شقيق أوربا فهو المعلم الكوني الأكبر معلم اليونان وحامل اللغة الإلهية الأبجدية وناشر الحضارة الفينيقية والعدل والحكمة.
مستمعينا الأكارم جاء في أسطورة أوربا وقدموس أنه كان في قديم الزمان في فينيقيا ملك يدعى أجينور بن بوصيدون إله البحار وكانت زوجته حورية من حوريات البحر إصطادها وتزوجها وبنى لها على شاطئ البحر مدينة بإسمها أي مدينة صور وجعلها عاصمة ملكه وولدت له الحورية صور قدموس وأوربا. كانت أوربا فتاة جميلة بهية كالصباح ناصعة البياض كثلج جبال لبنان نضرة كسهوله، كساها إله صور وحباها الظرف والفطنة والكياسة وتزاحم الشبان على عتبة باب قصرها ولكن أباها يخيب آمالهم الواحد تلو الآخر وكانت اوربا تعودت منذ طفولتها أن تذهب بعد ظهر كل يوم الى شاطئ البحر مع ثلة من عذارى صور فيلعبن هنالك على الشاطئ ويتبردن بماء البحر حتى اذا أتى المساء عدن الى منازلهن وعادت اوربا الى قصر أبيها.
أحبتنا المستمعين وذات يوم وبينما كان اوربا وأترابها كعادتهن على شاطئ البحر كان جوبيتر اي يويس جالساً على عرشه الإلهي يراقب الأرض بعينيه من اعالي سماءه باحثاً عن فتاة ينسى معها ملله من هيرة زوجته وكان مشهوراً بولعه بالحسناوات ولكنه كان يخشى غيرة هيرة وإنتقامها لأنها كانت تراقبه دائماً لعلمها بعدم وفاءه فكان يتستر بالغمام فلاتفطر له حتى بعد أن يكون قضى وطره. وكم من جناية جنى على بنات الأرض وتركهن عرضة لإنتقام ربة الأولمب. وفي ذلك النهار تظاهر وأظهر لهيرة أنه تاب إلا عن حبها فصدقته او تظاهرت بتصديقه وحين غفلت عنه شعر بنعمة الحرية مجدداً وجعل يرصد الأرض حتى وقعت عيناه على جبل قريب من صور إنتشر فوقه قطيع من الثيران لملك تلك المدينة. وتذكر الحكاية أن هذا الملك كانت له إبنة آية في الجمال وكان جوبيتر يلمحها بعد ظهر كل يوم على رمال الشاطئ فى يأبه لها فأدار عينه صوبها فإذا بها تشع في الشمس كالماسة فخفق فؤاده وقال في نفسه: مادامت هيرة غافلة عني فلأنحدر الى أرض صور وأختطف هذه اللؤلؤة الثمينة وأذهب بها الى حيث لاتراني عين ولاتسمعني اذن. ولكنه تردد هنيهة عن النزول الى الأرض ليبتدع حيلة يتمكن بها من الدنو من أوربا فأنارت له مخيلته السبيل الى الحيلة. فدعا اليه ولده مركور وأمره بالهبوط الى صور والجبل المجاور لها ليسوق قطيعاً من الثيران يرعى العشب الأخضر الى شاطئ البحر. ففي الفور إنتعل مركور نعليه الذهبيتين المجنحتين اللتين تمسكان في الهواء وتطيران به فوق الأرض وفوق البحار بسرعة الريح وحمل بيمينه عصاه الذهبية التي يقود بها الطيوف الشاحبة من ظلمات الحجيم الى أضواء السماء او يقودها الى تلك الظلمات المحصنة وبتلك العصا كان يفتح العيون التي أطبقها الموت ويتسلط على الرياح ويجتاز العواصف. هكذا إنحدر مركور من الأعلى كالشهاب اللامع واذا بالثيران تتزاحم نحو الشاطئ حيث تلعب بنت الملك والبنات الصوريات فلما أبصرهن جوبيتر تقمص شكل ثور أبيض ذي قرون مذهبة مزينة بحجارة كريمة ونزل على سحابة بيضاء الى شاطئ صور وإختلط بالثيران السود يخور خوارهم ويرعى مرعاهم ويتخطر معهم على رمال الشاطئ. أبصرته أوربا فأدهشها أن ترى بين ثيران أبيها السود ثوراً في هذا البياض وهذا الجمال وهذه الوداعة ولكنها على لطفه وجماله وسكينته الظاهرة لم تجسر على أن تلمسه فأوحى جوبيتر اليها أن تدنو منه وتداعبه فدنت وقدمت له أزهاراً بيضاء فإختال سروراً ولمعت عيناه غبطة ولحس يدها ثم جعل يزاحمها بكتفه ويتقافز على العشب الأخضر قفزات العنج والدلال فتضح اوربا ببراءة ولما رآها إستأنست به وإرتاح قلبها اليه حوّل ظهره نحوها يدعوها دعوة صامتة الى إمتطاءه.
مستمعينا الأفاضل كنتم مع برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أيها الأحبة ترى ماذا حدث لأوربا الفتاة الوادعة الجميلة بعد أن إختطفها جوبيتر ومضى بها بعيداً بين أمواج البحر المتلاطمة وهل سيفلح شقيقها قدموس في إنقاذها؟ هذا ما سنتعرف عليه في القسم الثاني من هذه الأسطورة فحتى ذلك الحين نستودعكم الله وكونوا في إنتظارنا، الى اللقاء.