بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الأحبة أينما كنتم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات
السلام عليكم وأهلاً بكم وكل المراحب نقدمها لحضراتكم والسرور يأمرنا بتجديد اللقاء معكم أملين أن تقضوا معنا أطيب الأوقات وأكثرها متعة وفائدة عبر ما إخترناه لكم هذا الأسبوع من حكايا الأمم والشعوب والخفايا الكامنة وراءها، ندعوكم أيها الأحبة للمتابعة.
مستمعينا الأعزاء من بلاد الهند الساحرة المفعمة بالأساطير والأسرار العاجة بالسحر والخيال إخترنا لحضراتكم أسطورة من الأساطير المعبرة الرامزة الى وجوب عمل الخير للآخرين وأن يقترن عمل الخير هذا بالتضحية الإيثار والنية الخالصة لكي يؤتي هذا العمل أجره وثوابه ومردوده أضعافاً مضاعفة فعشر دقائق معدودة في اجواء هذه الأسطورة مستلهمين الدروس والعبر منها، تابعونا.
أيها الأحبة في منطقة فقيرة من الهند كان رجل عجوز وفقير يعيش مع ابنه وخادمه المخلص وكلبه. كان هذا الرجل قد أضاع ثروته الصغيرة في سنوات البؤس وعلى أثر ذلك أحاط به اليأس وفقد أمله من الحياة وأضطر الى العيش في بيت مهجور عند الريف الصحراوي من غير أية رعاية من احد. كانت حالة البؤس قد بلغت بهم حداً حيث لم يكونوا يمتلكون سوى صندوق مفترأ لم يكن يتسع إلا لأربعة أقراص كبيرة من الخبز رغيف لكل واحد وكان ذلك الغذاء الوحيد لهم الذي يعتمدون عليه طيلة الشهر حتى يتوقف فصل الأمطار وبينما كانوا جالسين حول الطاولة في إحدى الليالي التي مزقت زمجرة الرعود صمتها أخذ الأب والإبن والخادم يفكرون في شقاءهم فيما كان الكلب نائماً على قدم سيده وبين صوت المطر وصفير الرياح وقرر الرعود سمعت طرقات على الباب فسارع الخادم ليفتحه، كان أحد الفقراء المتشردين يطلب شيئاً ليأكله.
لم يكن بمقدور أحد أن يعرف في تلك اللحظات أن ذلك الرجل البائس المعدم لم يكن سوى الرب البراهما وقد هبط الى الأرض ليعرف حياة الناس وعاداتهم ويتفقدهم ولكي يعاقبهم او يمنحهم الثواب كل حسب عمله. سمع الأب طلب المتشرد الفقير فقال لخادمه: أعط الرجل حصتي من الخبز، إنه أكثر فقراً مني ولامكان له يلجأ اليه فأبقى من غير أكل وسنخرج من الأرض ما ينقصنا!
فما كان من الخادم إلا أن أطاع أوامر سيده فقدم حصة سيده للفقير ولكن وهو يشعر بالإستياء وتواصلت الأمطار بالهطول فيما كان الحزن يخيم على البيت البسيط.
وبعد سبعة أيام عاد المتشرد يطرق الباب ويطلب شيئاً يسد به رمقه ويحيمه من الجوع والبؤس. إضطرب الأب للحظة لكن نظراته بقيت حادة وثابتة وماهي إلا لحظات حتى نادى خادمه وقال له: اذا كنت أنا قد إمتنعت عن الأكل كي أساعد هذا الرجل المسكين فعليك انت أن تفعل الشيء نفسه فأنت لاتزال شاباً قوياً وتعيش في بيت كإبن لي بينما هذا الرجل الفقير المتسول عجوز ولامعين له فأعطي خبزك كما أعطيته أنا !!!
أطاع الخادم سيده لكنه كان يشعر بالسعادة هذه المرة !
مستميعنا الأحبة مازلتم تستمعون لبرنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
نعم أعزائي مرّ أسبوع آخر والسماء لاتزال سوداء والبيت مغلق يخيم عليه الصمت المغدق وعاد المتشرد يطلب الطعام بصوت متهالك. إضطرب الرجل العجوز لحظة ولكنه مالبث أن إستجمع قواه ليقول مخاطباً خادمه: لقد جاء اللحظة التي يجب على إبني فيها أن يضحي فيجب التعلم من الصغر على تحمل معاناة بؤس الآخرين كما لو كانت معاناته الشخصية فأعطي للرجل خبز إبني.
أطاع الخادم الأمر بإستياء هذه المرة ومرت سبعة أيام اخرى كانت طويلة جداً لكنها مليئة بالأمل وعاد الرب البراهما للمرة الأخيرة يتظاهر بالتعب وبالجوع وبالبؤس، كان يريد أن يمتحن ويعرف الى أي مدى تصل شفقة اولئك الناس الفقراء ورأفتهم فطلب خبزاً بصوت ضعيف فيه الشيء الكثير من الحسرة. سمع الرجل العجوز تضرعات الرجل المتسول وإضطرب قليلاً لكنه قال مخاطباً خادمه بحزم: لقد أعطيت الرجل خبزي وخبز خادمي وإبني وبعد هذا أظن أنه بإمكاني أن أقدم له حصة الكلب فالحيوان الطيب لايشعر بمتعة التضحية فأعطيه ما تبقى من خبز ولنعتبر انفسنا محظوظين لأننا إستطعنا أن نقدم شيئاً.
أخذ المتسول الخبز من هذه الأيدي النبيلة وحيا الخادم لوقفته الى جانب سيده لكنه عاد مرة ثانية الى الباب حيث سمعهم ينادونه مع الشكر والتبجيل وفجأة وعلى الضوء الرمادي للمغيب تحول المتسول ليعود الى جلاله ووهجه كأنه الشمس. كشف الرب البراهما بين أصابعه عن بذور كبيرة كحبة اللوز وقال: خذ وأعط سيدك هذه البذور ليزرعها وسوف لن يجوع أبداً.
عاد الخادم الى سيده وكانت أخذت الدهشة منه كل مأخذ وأعطاه هدية الرب الغريبة وبدأ يحكي له عن المنظر العجيب الذي رأه وكيف إنقلب المتسول فجأة الى نور ساطع.
أخذ العجوز إبنه من يده وخرج ليرى بعينيه ذلك التحول الغريب لكنه لم يجد أحداً سوى الضوء الرمادي للمغيب. صعد العجوز الى مرتفع قريب وزرع هناك البذور السمراء اللون مع إبنه وخادمه وبعد لحظات تجلت لهم أعماق السماء من خلال وميض البرق وبدأت أمطار غزيرة ودافئة بالهطول وفي وقت قصير نمت وتشكلت شجرة رائعة تعلو أغصانها أربع ثمرات كبيرة كانت كل واحدة منها عبارة عن قرص من الخبز بعجينة بيضاء، أربعة أقراص خبز الى الفقراء الأربعة الذين كانوا يعيشون في ذلك البيت البائس. هوى الجميع أرضاً شاكرين البراهما الذي أحضر الى أرض الهند شجرة الخبز المعطاء.
مستميعنا الأفاضل على أمل أن تكونوا قد امضيتم معنا دقائق حافلة بالمتعة والفائدة نستودعكم العلي القدير. كونوا في إنتظارنا عند حصاد آخر من حكايا الشعوب وأساطيرها ضمن برنامج حكايا وخفايا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى ذلك الحين تقبلوا تحياتنا والى اللقاء.