بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم إخواتنا المستمعين في كل مكان أهلاً ومرحباً بكم في رحاب جولة أخرى نتجول فيها في عالم الحكايا والأساطير التي جادت بها مخيلة الانسان الخصبة على مر الدهور والعصور، ندعوكم للمتابعة.
اعزائي الكرام الحكايات الأسطورية دائماً ما تجذبنا اليها سواء صدقناها او كذبناها اذ لدينا نزعة غريزية تحثنا على أن نصدقها على الرغم من غرابتها وعدم واقعيتها ذلك لأن الأسطورة يتخللها دائماً ذلك النوع من السحر الذي يأسر عقولنا وكل أسطورة لابد أن يكون لها أساس من نوع ما في الواقع وإلا فإن العقل البشري لن يستطيع أن يختلق قصة خيالية متكاملة الجوانب هذا دون شيء حقيقي يستند عليه فكل أسطورة جزء منها موجود في الخيال والجزء الآخر في الواقع كما سنلاحظ في أسطورة حلقة هذا الأسبوع التي تروي لنا قصة من تلك القصص التي تزدحم بها ذاكرة الأساطير حول عجائب العلاقة بين الانسان والحيوان، تابعونا مشكورين.
مستمعينا الأفاضل كانت مدينة بوينس آيرس في القرون الوسطى لايعدو كونها مجرد حصن كان يعيش فيه بعض الجنود مع عائلاتهم وكان يعيش معهم اناس آخرون والحدث النادر والمثير للإستغراب الذي سنستعرضه بقي ذكراه لوقت طويل عند الذين عايشوه او سمعوه ففي تلك الأوقات كان الذين يعيشون في بوينس آيرس يعانون من الجوع القاسي، لقد كان ينقصهم أن يأكلوا ويشبعوا حاجتهم من الأكل فإضطروا لأكل الأعشاب وكل أصناف الحيوانات في الحقول حتى بلغوا حداً من الجوع هدد اولئك البؤساء أن يأكل أحدهم الآخر. وكان يحكم السكان آنذاك طاغية يفرض شروطاً قاسية، لم يكن يحبه أحد وكان كلهم يعيشون حالة من الإستياء بالإضافة الى مرارة عدم مواساتهم في هذا الجوع والى بعض المآسي التي كانت تتسبب بها الوحوش المفترسة من النمور والفهود حيث جاءت الى الغابات القريبة من الحصن وهددت بإلتهام كل من يبتعد عنه وكان حاكم المدينة الطاغية قد منع تحت طائلة العقوبة بالموت أن يخرج أحداً من مكانه فإزداد الجوع وإنتشر ومات أناس كثيرون. ولكن إحدى النساء اعزائي الكرام الإسبانيات لم يكن بمقدورها تحمل معاناة تلك المجاعة التي لاتطاق فعبرت السور الذي كان مبنياً للدفاع عن الحصن ودخلت الى أراضي هندية علّها تنقذ حياتها، مضت لفترة على غير هدى في الطريق وكان عليها الإحتماء من عاصفة فدخلت للإختفاء في كهف عثرت عليه في وهاد النهر لكن فزعها كان كبيراً عند الدخول الى المغارة فقد وجدت نفسها امام أنثى فهد كبيرة وقوية وكانت تأخذ قسطاً من الراحة هناك في المغارة محتضنة صغارها بعد رحلة صيد قامت بها فما كان من المرأة السيئة الحظ إلا أن سقطت مغمياً عليها وبعد فترى عادت الى وعيها وعندما نظرت الى مكان انثى الفهد رأتها ملقاة تلعق بحرص ثلاثة أشبال كانت تحميهم بين ساقيها. نظرت انثى الفهد الى المرأة وبعينيها شيء من وهج الحنان والعطف على الأشبال المولودين حديثاً، إقتربت المرأة من الأم وأشبالها وأخذت تمرر يدها وتداعب الأم والأشبال وبعدها عاشت في ألفة مع الحيوانات الأربعة وصارت المرأة الطيبة ترعى الأشبال عندما تخرج انثى الفهد لتعود بلحم صيد للجميع.
مستمعينا الكرام وفي يوم من الأيام خرجت المرأة الى ماء النهر لتطفأ عطشها فأفزعها بعض الهنود الذين كانوا قد خرجوا الى الصيد هناك ثم أخذوها معهم الى قبيلتهم وفي هذا الوقت وقع الحدث الخارق والمعجز في هذه القصة إذ خرجت مجموعة من الجنود الأسبان يبحثون عن الأكل من القبائل المجاورة فوجدوا المرأة أسيرة عند الهنود فأنقذوها في اللحظة المناسبة وأخذوها الى حاكم حصن بوينس آيرس الذي لم ينتبه اليها فأمر أن تلقى الى الوحوش لتقطعها وتأكلها فإقتادها الجنود الى الخارج وتركوها مربوطة بإحكام الى شجرة على بعد فرسخ من القرية وفي تلك الليلة أتى رهط من الوحوش الى المرأة الغنيمة وكان من بينها أنثى الفهد التي كانت المرأة قد عاشت معها. عندما رأت أنثى الفهد المرأة إقتربت منها ولم تسمح لأي وحش بالإقتراب منها وبقيت تدافع عنها طيلة نلك الليلة واليوم التالي بليلته حتى اليوم الثالث وذهب الجنود الى هناك بأمر من الحاكم ليتأكدوا من موت المرأة ولكن صعقوا عندما رأوها لاتزال على قيد الحياة وانثى الفهد عند قدميها مع الشبلين، إبتعدت الحيوانات الوفية قليلاً عندما رأت الجنود وأفسحت لهم الطريق كأنها أشارت اليهم أن يصلوا الى المرأة ويفكوا وثاقها حيث فعل الجنود ذلك وهم معجبون بذكاء تلك الوحشة وانسانيتها. وبعد أن فك الجنود وثاق المرأة أخذوها معخم ليعفوا عنها وبعد تلك المعجزة التي رأوها بقيت أنثى الفهد تصدر إشارات وحركات وتزأر بحزن كأنها تعبّر عن الاحساس بالوحدة بينما كانت المرأة تبتعد وتلتفت الى الوراء وفي عينيها دموع الشكر والإمتنان لأنثى الفهد الطيبة.
مستمعينا الكرام نرجو أن تكونوا قد إستمتعتم وأفدتم معنا من حكاية حلقة هذا الأسبوع من برنامج حكايا وخفايا والتي إستمعتم اليها من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. إنتظروا في حلقة الأسبوع المقبل مع حكاية أسطورية معبرة اخرى بإذن الله، نشكركم على طيب المتابعة والإصغاء ودمتم بألف خير، الى اللقاء.