البث المباشر

قصص الحب والجمال

الأحد 30 يونيو 2019 - 10:42 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم أحبتي الأفاضل في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله أجمل التحايا وأحلى المنى نبعثها اليكم اعزتنا المستمعين ونحن نجدد اللقاء بكم مع حلقة أخرى من سلسلة برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا الذي يعده لكم قسم الثقافة والأدب والفن في إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، ندعوكم لمتابعة ما أعددناه لكم من حكايا وأساطير في حلقة هذا الأسبوع.
أعزائي الكرام إستأثرت الحكايا والأساطير المتعلقة بالحب حيزاً واسعاً من التراث الأسطوري للأمم والشعوب على مر العصور فلا نكاد نجد ثقافة من ثقافات الأرض تخلو من هذا اللون من القصص والحكايا والذي يعبر عن تلك الآصرة المتينة الخالدة التي تربط بين الخالق ومخلوقاته من جهة وبين المخلوقات نفسها من جهة اخرى فالحب يمثل عاطفة سامية من العواطف الانسانية ويكشف عن حاجة أصيلة متجذرة في أعماق الكيان البشري. وعلى اعمدة هذه العاطفة الخالدة النبيلة قام الخلق وعلى ركائزه المنيعة صنع الله الكون ولولاه لما قامت قائمة لحياة ولما ظهرت الأسرة ولما تشكلت تلك العلاقة الخالدة بين الأم وطفلها وبين الحبيب وحبيبته لتتوجه هذه العلاقة أخيراً بإرتباط الزواج المقدس ولذلك فلا عجب من أن نرى هذا الكم الهائل من القصص والحكايات والأساطير حول هذه العلاقة المتسامية المقدسة في الموروثات الأسطورية للأمم والشعوب. فلنتعرف اذن أخوتنا المستمعين على نماذج من هذه القصص والأساطير التي يلفها الغموض المحبب الى النفوس ونحاول أن نستكشف أعماقها لنخرج بما زخرت به من خفايا وأسرار.
أحبتنا الكرام من بين هذه الأساطير التي تتخذ من الحب والجمال محوراً لها أسطورة كيوبد وبسيخي الإغريقية الشهيرة التي تحكي لنا أن أحد الملوك كان له ثلاث بنات وكانت أصغرهن تدعى بسيخي وتعني الروح او الفراشة وكانت اجملهن لدرجة أن أهل المدينة كانوا يأتون اليها ليشاهدوا جمالها حتى تركوا الإله أفروديت أي إلاهة الجمال وهجروا معابدها فقررت أفروديت الإنتقام من بسيخي لشعورها بالإهانة فطلبت من إبنها ايروس او كيوبد إله الحب أن يوقعها في غرام أحقر الرجال فإستجاب ايروس لطلب أمه ثم ذهب الى حديقة فيها نافورتان إحداهما عذبة والأخرى مجة مالحة المياه وملأ ايروس كأسه من كل نافورة ووضعهما في كنانة سهامه وإنطلق الى القصر ليجد الفتاة بسيخي نائمة فسكب المياه المالحة في فمها ووكز جنبها بسهمه وعندما فتحت عينيها إنبهر ايروس بجمالها لدرجة أنه جرح نفسه بسهمه وكان من الطبيعي أن لاتراه الفتاة لأنه كان غير مرئي. كانت بسخي باهرة الجمال ولكن احداً لم يتقدم لخطبتها وبعد زواج اخواتها ظلت تنتظر الفارس الذي سيأتي ويأخذها ولكن قلق والدها بشأنها أخذ يتزايد فذهب الى العرّاف وطلب منه النبوءة فأخبره أن يلبسها ثوب عرسها ويتركها فوق جبل وسيأتي عريسها ليأخذها وإن لم يفعل ذلك فستحل في المنزل كارثة. ففعل الأب ذلك وخرجت بسيخي من المنزل بعد توديع أهلها وكأنها تخرج في جنازة وتركها على الجبل ومالبث إله الرياح أن جاء ليأخذها برفق الى وادي خصب ساحر في غاية الجمال، أزال ما كان يعتمر في نفسها من هواجس ومخاوف حيث كانت تتأمل الجمال الرائع للزهور والأشجار. وهناك إستوقفها قصر فخم رائع الجمال!
نعم أعزائي الكرام دخلت بسيخي القصر فبهرها جماله وفخامته الى درجة أنها لم تشك لحظة واحدة بأنه لايمكن أن يكون من صنع البشر واذا بها تسمع صوتاً يقول: نحن في خدمتك أيتها الملكة، سنكون طوع بنانك. أدخلي الحمام وسيكون العشاء بإنتظارك ففعلت بسيخي ذلك وجاءها العشاء فعلاً وتناولته على صوت انغام الأوتار ثم إستسلمت بعد ذلك للنوم وعندما حلّ ظلام الليل حضر زوجها وكان في غاية الرقة معها ولكنها لما طلبت رؤيته رفض ذلك رفضاً قاطعاً ونصحها بعدم محاولة رؤيته وإلا فإنه سوف يهجرها الى الأبد.
وهكذا أحبت بسيخي زوجها دون أن تراه وعندما ذكرت أهلها شعرت بالمرارة وهزها الشوق اليهم فطلبت من زوجها عند عودته في الليل زيارة شقيقتيها الى القصر فإضطر الى الموافقة وعندما جاءت اختاها إنبهرتا بالقصر وسألتاها عن زوجها فقالت: إنه جميل الشكل وبهي الطلعة وقوي البنية. لكن أختيها الحسودتين لم تصدقاها وأصرتا على معرفة الحقيقة حتى إضطر بسيخي إزاء إصرارهما لأن تخبرهما بأنه يأتي ليلاً وينصرف قبل بزوغ الفجر.
وهنا بدأت الأختان الحسودتان تملئان صدرها بالشكوك وأخبرتاه بأن النبوءة أشارت الى أنه ثعبان متوحش مخيف وإنما يهتم بتغذيتها وإطعامها لكي يلتهمها فيما بعد ونصحاها بأن تخفي مصباحاً وسكيناً وتجهز على زوجها عندما يستغرق في النوم. لم تصدق بسيخي في البداية أن زوجها الرقيق من الممكن أن يكون ثعباناً متوحشاً ولكن غريزة حب الإستطلاع والفضول تملكاها فأعدت مصباحاً وسكيناً ووضعتهما في مكان بعيد عن الأنظار في حجرتها.
وعند حلول الظلام أعزائي المستمعين وبعد أن خلد زوجها الى النوم أشعلت المصباح وإقتربت منه لكنها لم تجد ثعباناً بشعاً كما قالت أختاها بل وجدت أيروس إله الحب نفسه ودون أن تنتبه سقطت قطرة من الزيت الملتهب فوق كتفه ففتح عينيه وإستيقظ مذعوراً ونشر جناحيه وطار في الهواء، حاولت أن تجري خلفه لكنها سقطت من النافذة وعندما شاهدها ايروس تسقط خلفه توقف عن الطيران وقال لها: لقد عصيت أوامر أمي أفروديت بعد أن إتخذتك زوجة وإستعنت بالكتمان حتى لاتعرف أمي الحقيقة لكنك عصيت أوامري وملأ الشك قلبك من ناحيتي ولسوف أهجرك الى الأبد لأن الحب لايستطيع أن يعيش مع الشك.
نعم أعزائي الكرام ندمت بسيخي أشد الندم على شكها في طبيعة زوجها وظلت تصرخ بأعلى صوتها وبعد أن شعرت بالهدوء نظرت حولها ولاحظت أن القصر إختفى ثم عادت الى شقيقتيها وحكت لهما ما حدث فأظهرتا حزنهما الشديد لكنهما كانا يخفيان في داخلهما الفرح والسرور العارمين وتمنت كل واحدة أن تحظى بزوج أختها وذهبت كل منهما الى الجبل وألقت بنفسها عليه وهي تتوقع أن يأتيها إله الرياح ليحملها الى الوادي لكنهما سقطتا وفارقتا الحياة عقاباً على حسدهما لأختهما وزرع الشك في قلبها، هذا الشك الذي أفقدها زوجها وسعادتها.
مستمعينا الأحبة حتى نلتقيكم عند أسطورة أخرى من أساطير الحب والجمال ضمن برنامج حكايا وخفايا والذي يأتيكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران نستودعكم الرعاية الإلهية آملين أن تكونوا قد قضيتم معنا لحظات حافلة بالحب والجمال ودمتم بألف خير والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة