البث المباشر

اساطير العناصر الطبيعية ۳ (الحيوانات)

الأحد 30 يونيو 2019 - 10:42 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل نحييكم أجمل تحية ونحن يغمرنا السرور بتجديد اللقاء معكم عند حلقة اخرى من برنامجكم الأسبوعي حكايا وخفايا حيث البحر الزاخر من الحكايا والأساطير التي جالت بها ثقافات الأمم الشعوب على مر العصور معبرة عن تطلعاتها وأمانيها وأحلامها وتصوراتها حول مختلف الظواهر المحيطة بها. نرحب بكم مرة أخرى وندعوكم الى المتابعة.
مستمعينا الأفاضل إستعرضنا في حلقة البرنامج السابقة جوانب من أسطورة اليونيكول او الحصان الأحادي القرن الذي عبّر الانسان من خلاله عن تطلعاته ورؤاه بشأن سيادة قيم الخير والجمال على الأرض وذكرنا بأن الأساطير الصينية تفيد بأن ظهور هذا الكائن الأسطوري في مكان ما هو بمثابة بشرى بقرب ولادة شخصية سيكون لها شأن في تاريخ الأرض التي ظهر فيها ومن بين القصص الشهيرة التي وردت في التراث الأسطوري الصيني في هذا المجال ما حدث قبل أكثر من ۲٥۰۰ سنة عندما ظهر هذا الكائن لأمرأة شابة اسمها ين تشن زاي.
كانت المرأة حسب ما تفيد الحوليات الصينية القديمة تصلي في أحد المعابد وكانت تستمر بزيارة ذلك المعبد بإنتظار أن يمن الله عليها بمولود ذكر وبينما هي معتكفة في ذلك المعبد الجبلي النائي ظهر لها على حين غرة كائن اليونيكول وركع قبالتها وألقى بين يديها بقطعة من اليشب وهو نوع من الأحجار الكريمة وعندما تفحصت المرأة الحجر وجدته منقوشاً بعبارة تقول بأن إبن الماء سيولد قريباً وسيخلّد المملكة وسيكون ملكاً بلا تاج.
وبعد ذلك مستمعينا الأفاضل بفترة وجيزة تحققت نبوءة الكائن الأسطوري وحملت المرأة الشابة بكونك فوت سي ولم يكن كونك فوت سي سوى الفيلسوف والحكيم الصيني كون فوشيوس الذي إستطاع فيما بعد ومن خلال تعاليمه وحكمته أن يعيد صياغة حضارة الصين جذرياً وأن ينال شهرة لن ينلها اعظم أباطرة الصين على مر القرون السابقة او اللاحقة وهكذا أصبح كون فوشيوس إمبراطوراً كبيراً ولكن من دون تاج الإمبراطورية.
أعزائي المستمعين وتقول الحكايات الشعبية الصينية القديمة أن اليونيكول كان على الدوام يمشي برفق لأنه بطبيعته رحيم القلب وكان يتعمد المشي بهدوء على الأعشاب والشجيرات مخافة أن يسحقها بقدميه وكان له صوت كصوت الريح وكان يتجنب الدخول في عراك مع غيره من الكائنات مهما كان الثمن وكانت حياته تمتد لألف عام وقد ظهر اليونيكول في آداب بلاد الهلال الخصيب وفنونها ايضاً كما أن هناك الكثير من الإشارات عنه في الآداب الهندية واليونانية القديمة والحقيقة أن الكتب التاريخية القديمة في كل العصور تقريباً تحفل بذكر اليونيكول بما في ذلك كتاب العهد القديم.
وتقول إحدلا الأساطير الهندية القديمة إن كوتاما بوذا عندما كان يلقي خطبته الشهيرة في منطقة بيناريس أتاه يونيكول وجثى عند قدميه ليستمع وقد صوّر الكائن على أنه غزال له قرن واحد والقرن هو رمز للنيرفانا أي حالة الخلو من المعاناة عند البوذيين، أما الكائن نفسه فنظر اليه بإعتباره نموذجاً للسلوك الصالح والمستقيم كما تؤكد ذلك إحدى القصائد البوذية القديمة.
نعم أيها الأحبة وقد لعبت هذه الكائنات الخرافية القديمة اهم دور لها في خلال القرون الوسطى في اوربا فظهرت في اللوحات والرسومات التصويرية وعلى المفروشات التي كانت تطرز بصورها المختلفة الأوضاع والأشكال. وتشير القصص الفولكلورية العائدة لتلك الفترة الى أنه كان بالمستطاع رؤية ذلك الحيوان من وقت لآخر بما أنه لم يكن يسمح لأحد أن يمسك به وقد إرتبط ذكر اليونيكول في سيرة حياة ثلاثة من أشهر القادة والزعماء العسكريين والفاتحين في التاريخ أي يوليوس قيصر والإسكندر الأكبر وجنكيز خان.
ويقال إن الأسكندر ركب على ظهر الكائن الأحادي القرن يعتقد اليوم بأنه لم يكن سوى حصان الناجين كما يقال إن الأسكندر ورجاله دخلوا ذات مرة في صراع عنيف مع قبيلة من مخلوقات اليونيكول. اما بالنسبة الى جنكيز خان فتقول بعض المصادر التاريخية إنه سيّر في العام ۱۲۰٦ ميلادي جيشاً ضخماً كي يفتح به الهند وبينما كان يقف في ممر جبلي يطل على تلك البلاد ظهر له حيوان أحادي القرن وإتجه نحوه ثم ركع أمامه ثلاث مرات إحتراماً وقد إعتبر جنكيز خان تلك الإشارة نصيحة من والده الميت بأن يعدل عن خطته بمهاجمة الهند فأمر جنوده بالعودة من حيث أتوا.
مستمعينا الأكارم وتقدم بعض الرسومات التي تعود للقرون الوسطى صورة مختلفة بعض الشيء لليونيكول فهو يبدو قريب الشبه من الغزال وله قوائم طويلة وذيل قصير أشبه ما يكون بذيل الأسد كما أن هذا الكائن وحسب تلك المصادر كان يتميز بقدرته الفائقة على العدو بنحو يصعب الإمساك به وتشير بعض الحكايات الى أن الفتاة العذراء الجالسة تحت شجرة في الغابة هي القادرة وحدها على جذب إهتمام ذلك الكائن وترويضه وقد يكون لهذه الحكايات أصل في الحكايات والقصص المنسوبة الى اوربا الوثنية حيث كان ذكر آلهة الخصوبة ذا قرن وحيد وربما كان اللون الأبيض الذي أصبح مرادفاً للعذرية والعفة إنعكاساً لحقيقة لون اليونيكول نفسه أبيض.
وعوداً على بدأ فأن أباطرة الصين المتنورين ورثوا الحكم الى أباطرة أقل شأناً وأهمية ومع مرور الأيام خفت نبرة الحديث عن ظهور اليونيكول في حدائق القصر الى أن توقف الحديث عنه نهائياً وبحلول القرن السادس قبل الميلاد أصبحت الصين تحكم إسمياً من قبل سلالة تشاو لكن البلاد تشتت بعد ذلك وتحولت الى مقاطعات منقسمة على نفسها ومتحاربة فيما بينها ومنذ ذلك الحين أصبح اليونيكول مجرد ذكرى غابرة يرويها الناس في أسمارهم ومجالس أنسهم ويتناقلونها جيلاً بعد جيل.
وبهذا نصل إخوتنا المستمعين الى نهاية المطاف في حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم المتجدد حكايا وخفايا شاكرين لكم حسن الإصغاء والمتابعة وراجين لكم إنتظارنا حتى حلقة الأسبوع المقبل بإذن الله عند خفايا وأسرار اخرى من أساطير الشعوب وحكاياها. حتى ذلك الحين دمتم في رعاية الله وتقبلوا تحيات قسم الثقافة والأدب والفن في إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة