البث المباشر

حكاية فهو العصفور البرئ

الأحد 30 يونيو 2019 - 10:17 بتوقيت طهران

بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم عند حكايا أخرى من حكايات الشعوب وأساطيرها آملين أن تقضوا معنا أحلى الأوقات وأكثرها متعة وفائدة مع الحكم والأسرار والخفايا الكامنة وراء تلك الأساطير والحكايا، ندعوكم للمتابعة.
مستمعينا الأفاضل إكمالاً لحديثنا حول الأساطير المتعلقة بالحيوانات نتوقف في حلقة هذا الأسبوع لنرحل بكم الى بلاد الهنود الحمر او المايا الحافلة بالألغاز والأسرار والأساطير حيث تستوقفنا أسطورة طريفة نسجتها مخيلة الإنسان البدائي في القارة الأمريكية حول الطيور مفعمة بالغموض والسحر ومثقلة بالدلالات والمعاني التي تفسر لنا من خلال النسيج الأسطوري السلوكيات التي تتميز بها بعض الطيور والإسقاطات التي تحملنا على عالم المجتمعات البشرية فلنستمع معاً أعزتنا المستمعين الى تفاصيل هذه الأسطورة الغامضة.
أحبتنا المستمعين تروي لنا الذاكرة التاريخية لشعب المايا أن الرجل الذي يمشي أو يكمن ليلاً في أرض الهنود الحمر يمكنه توقع صرخة تقول "فهو" صرخة قوية تخرج من الصمت وسرعان مايسمعها الى جانبه تتكرر قائلة " فهو فهو" وتنطلق الصرخة في الليل كإنطلاق سهم من قوس تأتي من الطريق الأمامي التي على العابر أن يمر بها وفيما بعد يسمع طيران تسكن خفقاته بعيداً في الدرب وعندما يقترب الرجل يعاود الصمت إطلاق الصرخة الحادة "فهو فهو".
وهكذا مستمعينا الأفاضل يمضي المسافر لتخرج له الصرخة مع كل خطوة ويجفل وتتكرر الجفلات نفسها وربما حتى إنبلاج الفجر، ترى مَن يكون هذا المرافق الخفي للرجل المسافر؟ هذا الذي يمضي ويكمن ليلاً في دروب أرض المايا؟ ومرة ثانية يبتعد ويعود ويحط في الطريق ثانية لينتظر دون أن ييأس. لاأحد يمكنه توضيح ذلك اذا لم يكن احد الهنود الصامتين والعارفين بأسرار الألغاز والتاريخ وروح الأشجار والأحجار وكل شيء من السماء حتى الأرض في بلاد المايا. إنها حكاية "فهو" العصفور البرئ المتزعزع الثقة الذي يخرج في الطرقات ليبحث عن احد ما يخبره شيئاً عن ذلك الذي سخر من نيته الطيبة منذ العديد من السنوات ولكن المسكين فهو لايفقد الأمل بالعثور عن ذلك المخادع.
أحبتي المستمعين حول هذه القصة وجذورها وسبب التصرف الغريب الذي يصدر من العصفور او الطائر "فهو"، يروي لنا الهنود الحمر في المايا أن الرب الأعظم أراد إيقاف العداوة والخصومة بين الطيور فحاول أن يضع لها ملكاً يحكمها بسلام فأعلن إقتراحه لكل الطيور ودعاها جميعاً كي تختار في يوم محدد الطير صاحب الحسنات الأكثر بينها فإحتشدت الطيور جميعها وبدأت تفكر بإظهار صفاتها الحميدة وكل منها يكاد يكون متأكداً أنه سيكون هو الملك. قال البلبل جازماً وهو الطير صاحب التغريد الأكثر حلاوة: يجب إختيار الطير صاحب الشذو الأجمل! وبكل ثقة ومباهاة جرّب موسيقاه بعد أن حطّ على أعلى أغصان الغابة.
فكرت البومة في داخلها بالتأكيد أن الرب الأعظم سيختار الطير الذي ينظر ولكن أي من الطيور يمتلك النظر مثلي؟ وثبتت عينيها الدائرتين في الليل وبدأت تتخيّل عالم الملك.
وقال النسر: سيتم إختيار الأكثر قوة بالتأكيد وسأكون أنا المسمى لأصدر الأوامر بين هؤلاء المحتشدين الكثيرين ثن هزّ جناحيه العريضين ثم هزّ الغصن السميك الذي كان يقف عليه.
وزمجر الصقر قائلاً: من اجل حكم عادل تجب رؤية العالم من مكان مرتفع وإنطلق الصقر في الهواء بطيران شاهق عبر الغيوم.
وصاح الديك المكسيكي بتبختر معلناً: لاشك في أن الملك سيكون من يصرخ بقوة أكبر فيجب إصدار الأوامر بالشكل الذي يجعل الجميع يسمع وانا الديك المكسيكي قادر على ذلك فإذا صحت فإني أسمع كل شيء حتى القمر.
أما طائر الكاردينال فقد قال: بالتأكيد سأكون الملك فمن الملوكية أن أتزين بهذه الفروة من الأرجوان القرمزية فكأن ريشي شعلة متقدة.
مستميعنا الأفاضل وهكذا شعر كلاً من الطيور بالإطمئنان من فوزه دون أن يشك في ذلك لحظة واحدة وكان الطاووس قد سمع ماقاله الآخرون من الطيور وفي ذلك الوقت كان للطاووس ريش متسخ وشعث يوحي بالكآبة ولم يكن يخطر على باله أن يتوّج ملكاً على الطيور لأن بدنه كان ضخماً وزيه كان بشعاً وبائساً ولم يكن كالطاووس الذي نعرفه اليوم ولكن الطاووس بدأ يفكر دون أن يفقد الأمل وجاء ليتفق مع صديقه الفهو أي العصفور الذي كان له ريش رائع فقال الطاووس له: ياصديقي تعال لحدثك عن شيء يهمنا نحن الإثنين، إن الرب الأعظم سيسمي بالتأكيد الطير الأكثر جمالاً والأكثر هيبة ملكاً على الطيور وانت محظوظ بريش وفير ولكنك صغير وتنقصك الهيبة والعظمة وانا على العكس لدي بدن ضخم وريش أكثر وفرة لكني لاأقدر أن أعطيك بدني أما أنت فبإمكانك إعارتي ريشك!!!
كان فهو يستمع الى الصديق فقال الطاووس به: إسمع تعال نعقد صفقة، أنت تعيرني الريش الى أن يتم إختياري من قبل الرب الأعظم وعندما أصبح ملكاً أرد ريشك لك وأكثر من ذلك سأتقاسم معك كل خيرات منصبي وتشريفاته!
فكّر العصفور فهو بذلك للحظة لكن الطاووس عاد يغريه بالوعود ولم يقو العصفور الطيب الواثق على المقاومة وهكذا بدأ بخلع ريشه ووضعه لصديقه فيما الطاووس يثبته جيداً حسب مقاسه وبدأ الريش ينمو وينمو حتى صار غطاءاً بديعاً بذيل رائع تخرج منه ألوان الفضة والذهب ثم إلتفت الى العصفور قائلاً: أيها الصديق فهو سوف ترى الخيرات التي سنتقاسمها معاً، قال ذلك الطاووس وهو يختال بالجمال والبهرجة وبقي المسكين فهو منزوع الريش ويرتجف من البرد ولما رأى طيوراً أخرى تأتي في الطريق تقترب منه احس بالخجل وإختبأ بين الأعشاب كي لايروه.
وهكذا اعزائي الأفاضل حلّ اليوم الموعود أمام الرب الأعظم وحضرت جميع الطيور وكل منها واثق متأكد من إختياره لكنها لما شاهدت الطاووس بحلته الجديدة المذهلة فغرت مناقيرها من العجب والدهشة وإختارت الطاووس ملكاً وسيداً للطيور ومضى الطاووس بعجرفته وبنكرانه للجميل بعد تلك اللحظة التي حقق فيها مبتغاه فلم يعد يتذكر فهو الطيب الذي ساعده وضحّى من اجله وفي يوم من الأيام عثرت الطيور على فهو المسكين مختبئاً بين الأعشاب الطويلة فإستغربت لنحافته وحزنت لذلك عندها اعطاه كل واحد منهم ريشة من ريشاته ولهذا السبب فإن للفهو ريشاً قليلاً ومنذ ذلك الوقت كان يمضي خجولاً كسيراً لأنه فقد ريشه.
ولهذا السبب اعزائي المستمعين ولكي لايُرى بهذه الحالة فإنه لايخرج إلا في الليل، يخرج ليبحث عن ذلك الصديق النذل الذي خدعه ولأن الفهو طيب للغاية فإنه يتصور أن الطاووس سيفي بوعده يوماً ما وهو لايفقد الأمل أبداً فيخرج الى الطرقات وعندما يرى الإنسان فإنه يقترب منه ويزمزم في أذنه مرة وثانية يسأله إن كان قد شاهد الطاووس. والرب الأعظم لايترك الأعمال السيئة دون عقاب لهذا لم يعد الطاووس يشدو كما كان يفعل سابقاً بصوت عذب فلقد عاقبه الرب بالفعلة الشائنة التي فعلها فأمر أن لايشدو الطاووس أبداً. ومنذ ذلك الحين وكل مرة يحاول الطاووس فيها أن يطلق صوته للريح فإنه لايجد سوى الزعيق والصوت القبيح الذي يجعل الطيور الأخرى تسخر منه.
والان مستمعينا الأفاضل إسمحوا لنا أن نستودعكم على أمل اللقاء بكم في حلقة الأسبوع المقبل بإذن الله عند حكايات وأساطير أخرى من برنامجكم حكايا وخفايا الذي إستمعتم اليه من إذاعة طهران فحتى ذلك الحين نستودعكم الله ودمتم في رعايته وحفظه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة