بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام سلام من الله عليكم ورحمة منه تعالى وبركات
السلام عليكم واهلاً بكم في هذا البرنامج الجديد الذي يقدمه لكم قسم الثقافة والأدب في إذاعة الجمهورية الإسلامية في ايران وهو برنامج يُعنى بإستعراض القصص والحكايا والأساطير في تراث شعوب العالم وأممها ومحاولة الكشف عن دلالاتها والخفايا والأسرار الكامنة وراءها آملين أن تقضوا عبر حلقات هذا البرنامج أطيب الأوقات وأكثرها متعة وفائدة. ندعوكم الى المتابعة
مستمعينا هذه الحلقة من البرنامج خصصناها لإستعراض الحكايا والقصص والأساطير التي حركتها مخيلة الشعوب على مر العصور حول الورود والأزهار والرياحين وعكست من خلالها التصورات والرؤى التي تحملها حول هذه الكائنات اللطيفة فبين رياض الطبيعة ومروجها الخضراء المرصعة بالزهور والرياحين وبين الحدائق والبساتين الغنّاء الزاهية بألوان الطبيعة عاش الإنسان ويعيش جزءاً من حياته مُطلاً على تلك الكائنات الجميلة التي تُعد محطات إستراحة في حياته بعيداً عن هموم الحياة ومشاغلها. إنها الزهور والورود والرياحين بكل انواعها وأصنافها فإذا بها تهزه وتحرك مكامن الخيال في قلبه وروحه فإنبرى ينسج حولها القصص والأساطير ماشاء له ذلك وشكلّت هذه القصص والحكايا والأساطير جزءاً هاماً من تراثه الجميل المُحاط بالرومانسية واذا بنا نُطالع كماً هائلاً من الحكايا والأساطير نسجتها مخيلة البشر حول هذا الكائن الرقيق الجميل فلنعطر أحبتنا اجواءنا بعبق الأزهار ولنشُم باقة من القصص والأساطير التي جادت بها مخيلة الأمم والشعوب حول الورود والرياحين في لحظات تساميها وإشراقها.
أحبتنا المستمعين، من بلاد فارس حيث السحر الشاقي وإشراقته وغموضه المُحبب للنفوس يترامى الى سمعنا صوت عاشق الوردة البيضاء الذي يغني ويغني ويصدح بالترانيم حتى يملأ صوته جنبات الكون الفسيحة، كان هذا العاشق مجنوناً هائماً بحب تلك الوردة التي تمثل الطُهر والنقاء حتى دفع حبه وهيامه بها الى نسيان نفسه فإقترب ذات يوم الى شجرتها المحاطة بالأشواك الحادة القاسية ليُشبع عيونه بتأمل جمالها وليشم عبيرها الساحر لاصقاً جسده بها ذاهلاً عن الدماء التي كانت تسيل منه بغزارة حتى يتحوّل غناءه الى صرخة ألم عالية تملأ جنبات تلك الروضة الغناء لتعلن حب الإنسان وعشق اللانهائي المجنون للجمال واذا بوردته البيضاء الجميلة تتلوّن بلون دماء عاشقها لتستحيل وردة حمراء بلون جنون الحب والعشق الذي لايعرف المعايير والمقاييس وهذه هي أسطورة زهرة شقائق النعمان الحمراء كما ترويها لنا الأسطورة الإيرانية.
أخوتنا المستمعين الأكارم ومن ذاكرة بلاد الرومان الحافلة بالقصص والحكايا والأساطير تستوقفنا إسطورة جميلة مؤثرة حول الورد الأبيض تقول إن ربة الجمال فينوس كادت دموعها تنهمل انهاراً وكلما كانت تسقط دمعة من دموعها تنبت مكانها وردة بيضاء متفتحة رائعة الجمال يملأ عبيرها المكان حتى أحاطت بفينوس روضة جميلة من الورد الأبيض.
وتروي الأسطورة أن سبب بكاء فينوس كان حزنها ولوعتها على اولنيس الذي إرتبط إسمه بالزهور البرية والنباتات المثمرة التي تزينها البراهم والأزهار وحينما فُجعت فينوس بفقده وحزنت عليه ظهرت من دموعها تلك الزهور الجميلة. ايضاً أن هذه الأسطورة تذكر ان فينوس كان لها إبن جميل ذو جناحين صغيرين يُدعى كيوبيد تظهر وروده من إبتساماته الساحرة ولكنه كان طفلاً شقياً يحمل خلف ظهره جعبة مليئة بالسهام وعندما يُصوّب سهامه الى شخص ما يمتلأ قلب هذا الشخص على الفور بالحب.
أحبتي المستمعين ولشدة حب الأمة الإغريقية للزهور وتعشّقها للورود فقد خصصت لها ربّة سمّتها كلوريس وحكت حولها أسطورة معبرة نرى فيها هذه الربة تتجول في إحدى الغابات محدقة بشيء ما ملقى على الأرض كأنه جثة هامدة بلاحراك وعندما تقترب منه يتبين لها أن هذا الشيء الراقد على الأرض بلا حياة ما هو إلا حورية فيرق قلبها عليها واذا بها تريد بعث الحياة فيها فتحوّلها الى وردة تنبض بالحياة فأخذت الوردة تنادي على ربة الجمال أفروديت لتساعدها فقدمت أفروديت لتضفي عليها الجمال. وحينما شاهد الملك الموكل على الكروم أراد هو ايضاً أن يمنحها هبة إلهية فزودها برحيق حلو لذيذ فإجتمعت فيها ثلاث منح إلهية الحياة والجمال وحلاوة المذاق ثم ارادت الرياح مساعدتها والأخذ بيدها فأزاحت السحب بعيداً حتى ظهرت الشمس لتشع بضياءها الدافئ عليها وهي ما تزال برعماً فإستوت وردة متفتحة وتوجت ملكة على الزهور.
وفي بلاد البلغار إستقرت اعزتنا المستمعين أقدام ناسك جاء من بلاد بعيدة بعد أن أضناه البحث في كل أرجاء المعمورة عن زهرته التي كانت في الأصل فتاة جميلة كان يريد أن يرتبط بها برباط الزواج المقدّس إلا أنه تجاوز حدود الشريعة وإرتكب معصية أغضبت السماء فأرادت معاقبته فحوّلت الفتاة الى زهرة جميلة ثم أخفتها في مكان مجهول دون أن تفصح عن مكان وجودها وظل الناسك الولهان يجول الجبال والوديان ويعبر الأنهار ويتسلق الصخور حتى قادته قدماه الى بلاد البلغار ليظفر اخيراً بزهرته الحبيبة.
مستمعينا الأكارم ويقودنا عالم الأساطير حول الزهور والرياحين الى بحيرة جميلة حيث نرى من بعيد أميراً هندياً إسمه جنجير جالساً وسط الحدائق الملكية الى جوار أميرته نورهان في قارب صغير ينحدر بهدوء وسط المياه الزرقاء في حين كانت أوراق الورود تحيط بهم مالئة مياه البحيرة بجو ساحر رائع فأخذت الأميرة تمعن النظر فيما حولها فلاحت البحيرة تعلوها طبقة من الزيت فمدت الأميرة يدها في مياه البحيرة لتتأكد مما ترى ثم اخذت تحدث الأمير جنجير عما لاحظته فقد لاحظت الأميرة أن أوراق الورد جعلت مياه البحيرة زيتية وهنا إكتشفت بالمصادفة أن لأوراق الورد زيتاً يمكن أن تُستخرج لتصنع منه العطور.
أحبتنا المستمعين الأفاضل بعطر الورد وشذى الزهور نودعكم بباقة من الرياحين تنشرالعبق في أجواءكم وتزين مجالسكم ونودعكم.
على امل اللقاء عبر قصص وحكايا اخرى من جنبات تاريخ الأمم والشعوب فحتى ذلك الحين نستودعكم الرعاية الإلهية ودمتم بألف خير.
تقبلوا تحيات أسرة البرنامج والى اللقاء.