ضيف البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
أعزتنا المستمعين الأفاضل!
سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات،
يسرنا أن نلتقيكم مجدداً عبر روضة عطرة أخري من رياض الأدب والفكر والعرفان ستكون الروضة الأخيرة التي سنجول في جنباتها من خلال هذا البرنامج، حيث سنختم برنامجنا هذا عند رائعة الشاعر والأديب والموسيقي والصوفي الإيراني الشهير ((نورالدين عبد الرحمن الجامي))، ((بهارستان)) آملين أن تقضوا معنا أوقاتاً حافلة بالفائدة والمتعة...
إخوتنا المستمعين الأكارم!
في مستهل هذه الحلقة سيحدثنا ضيف البرنامج الكريم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان في البدء عن مؤلف الكتاب...
المحاورة: اخوتنا المستمعين الاكارم في مستهل هذه الحلقة سيحدثنا ضيف البرنامج الكريم الاستاذ الدكتور سعد الشحمان في البدأ عن مؤلف الكتاب، نرحب بكم استاذنا العزيز اجمل ترحيب في هذه الحلقة، تفضلوا
الشحمان: نحن ايضاً بدورنا نرحب بكم وبالمستمعين الكرام في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم. يبدو ان هذه الحلقة مخصصة لكتاب بهارستان او الروضة اذا اردنا ان نترجم عنوان الكتاب للشاعر والاديب المعروف نور الدين عبد الرحمن بن احمد المعروف بالجامي نسبة الى مدينة جام في خراسان ولد هذا الشاعر في بداية الربع الاول من القرن التاسع الهجري وعاش حتى نهاية هذا القرن بقليل. يلقب بخاتم الشعراء وكان كما هو معروف شاعراً وموسيقياً واديباً وصوفياً. كان والده محمد بن الحسن الشيباني فقيهاً حنفياً معروفاً هاجر في القرن الثامن للهجرة الى خراسان واقام في مدينة جام وتولى القضاء فيها. الجامي امضى عهد طفولته ودراسته الابتدائية في مدينة جام كما قلنا والتي كانت في لذك الوقت من توابع هرات الى جانب والده وعندما بلغ سن الثالثة عشرة من عمره ذهب الى مدينة هرات مع والده واقام فيها وانشغل فيها بالدراسة والتدريس وامضى الردح الاكبر من حياته في هذه المدينة وكان يتخلص بأشعاره بلقب الجامي، لم يكن جامي متبحراً في الادب الفارسي فحسب وانما في الادب العربي ايضاً حيث عرف عنه انه ترجم القصيدة الشهيرة لأبن الفارض "القصيدة الخمرية الكبرى" الى اللغة الفارسية. تلقى جامي العلوم المتداولة في عصره كالصرف والنحو والمنطق والحكمة المشائية وحكمة اشراق والفقه والاصول والحديث وخلال هذه الفترة تعرف جامي لأول مرة على التصوف والعرفان ووجد هوى في نفسه في هذا المجال حيث انجذب الى التصوف وانخرط في حلقة مريده المتصوف المعروف سعد الدين محمد الكاشغري النقشبندي وتولى خلافة هذه الطريقة من بعده.
المحاورة: طيب شكراً لكم استاذ، مستمعينا الكرام سنعود بعد لحظات لتقص عليكم حكاية من حكايات بهارستان لجامي ثم نعود بعدها لنكمل الحوار مع ضيف البرنامج. تابعونا
حكاية عبدالله بن جعفر
((نقل عن عبدالله بن جعفر- رضي الله عنه- أنه انطلق للسفر ذات يوم وفي الطريق نزل عند أحد بساتين النخيل، وكان معه غلام أسود يحرسه يحمل معه ثلاثة أرغفة من الخبز، وإذا بكلب يقف أمامهم فألقي الغلام رغيفاً من الخبز أمامه، فأكله الكلب، ثم ألقي الآخر، فالتهمه الكلب، فألقي له بالقرص الأخير، فأكله الكلب. فسأله عبدالله- رضي الله عنه-: ماقوتك في كل يوم؟ فقال الغلام: ما رأيته. فقال: فلماذا لم تؤثر به نفسك؟ فقال: إن هذا الكلب غريب في هذه الأرض؛ وأظن أنه جاء من مكان بعيد وأنه جائع، فلم أشأ أن أتركه جائعاً. فقال عبدالله: فماذا ستأكل اليوم؟ فقال: سأصوم.
فقال عبدالله (رض) لنفسه: إن الخلق كلهم يلومونني في السخاء، وهذا الغلام أسخي مني. فاشتري عبدالله ذلك الغلام وبستان النخيل وكل ماكان هناك، ثم أعتق الغلام، ووهب كل ذلك له!)).
مستمعينا الأحبة!
نعود الآن لنكمل حديثنا مع ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، نرحب بكم حضرة الأستاذ من جديد (پاسخ كارشناس به خوشامدگويي)
نرجو منكم في القسم الثاني والأخير من هذا الحوار أن تقدموا لنا وللإخوة المستمعين صورة وجيزة مضغوطة عن كتاب عبد الرحمن الجامي ((البهارستان)) وأهميته ومكانته بين الآثار الفارسية الأخري...
المحاورة: مستمعينا الاحبة نعود الان لنكمل حديثنا مع ضيف البرنامج الاستاذ الدكتور سعد الشحمان، نرحب بكم حضرة الاستاذ من جديد اهلاً بكم
الشحمان: اهلاً بكم في تكملة هذا الحديث الذي سنخصصه لأستعراض رائعة الجامي وهي كتاب بهارستان. نقول ان عبد الرحمن الجامي الف هذا الكتاب المعروف والشهير في الادب الفارسي لأبنه ضياء الدين يوسف على غرار الكلستان لسعدي من حيث الاشتمال على الحكايات وعلى تضمين هذا الكتاب بعضاً من الاشعار، نثر هذا الكتاب مسجع ومتكلف وممزوج بالكثير من الاشعار التي فاق فيها كتاب كلستان لسعدي وقد كتب هذا الكتاب في ثمان روضات واورد في كل روضة او باب حكايات حول اولياء الله وكبار الصوفية وحول الشعراء والحكماء والملوك والفه سنة ۸۹۲ للهجرة ويعتبر هذا الكتاب الرائع بهارستان من نماذج النثر المطبوع اي السلس والعذب والسهل في الادب الفارسي، كتبه الجامي على عادة الشعراء والادباء في ذلك الوقت بأسم السلطان حسين بايقرا ويتضمن هذا الكتاب في الغالب المواضيع الاخلاقية على هذا الكتاب والمواضيع التربوية السامية وايضاً يتضمن تعاليم نافعة مفيدة في الحياة لأنه كما قلنا كتبه لأبنه وتكثر الاشعار فيه ويكثر الاستشهاد بآيات القرآن الكريم وتوظيف الاحاديث والروايات والامثال والحكم والصنائع البديعية مثل الجناس والتضاد وانواع التشبيه كما استند جامي في هذا الكتاب بشكل واسع الى الاشعار العربية والفارسية وهنا تجدر الاشارة الى ان كتاب بهارستان يشتمل على مواضيع وحكايات مختلفة من قبيل الحكايات التاريخية والادبية والمطايبات بين الشعراء وتراجم الشعراء واشعارهم، كما اورد بعض الحكايات على لسان الحيوانات.
المحاورة: طيب استاذ نتقدم بالشكر الجزيل لضيف البرنامج الاستاذ سعد الشحمان على هذه الاجابة القيمة
الشحمان: نحن ايضاً نقدم شكرنا على هذه الفرصة التي اتحتموها لنا في الحديث عن هذا الاديب وعن كتابه
المحاورة: شكراً نأمل ان يجمعنا اللقاء مرة اخرى بأذن الله، تابعونا مستمعينا الكرام في الفقرة الاخيرة من هذه الحلقة عبر حكاية اخرى من حكايات البهارستان للجامي ولكن بعد الفاصل
أكرم من حاتم الطائي
((سئل حاتم: هل صادفت من هو أكرم منك؟ فقال: نعم نزلت ذات يوم في بيت غلام يتيم، وكان له عشرة خراف. فما كان منه إلا أن ذبح أحد خرافه وطبخه ثم جاء به إلي، فأعجبتني قطعة منه، فأكلتها. فقلت: «ما كان ألذ هذا الموضع أيها الغلام» فخرج الغلام فكان يذبح الخراف الواحد تلو الآخر ثم يطبخ تلك القطعة من كل واحد منها ويأتي بها إليّ، دون أن أفطن إلي ذلك. وعندما خرجت لأركب مطيتي رأيت دماء كثيرة قد سالت خارج البيت، فسألت: ما هذا؟ فقيل لي: «لقد ذبح الغلام الخراف كلها»، فلمته في ذلك وقلت له: لماذا فعلت ذلك؟ فقال: سبحان الله! لقد كنت ضيفاً عليّ، فهل يجوز أن أملك شيئاً ثم أبخل به؟!، فسئل حاتم: وماذا أعطيته في مقابل ذلك؟ فقال: ثلاثمائة من حمر النعم وخمسائة خروف، فقالوا: فأنت أكرم منه إذن، فقال: هيهات! لقد قدم لي كل ما يملك، ولم أقدم له إلا شيئاً مما أملك!)).
وبهذا- حضرات المستمعين الأفاضل- نأتي علي ختام حلقات هذا البرنامج شاكرين لكم حسن إصغائكم ومتابعتكم لنا طيلة جولاتنا في رحاب أسفار التراث الفارسي، وعلي أمل أن نلتقيكم عبر برامج أخري، نستودعكم العلي القدير، وتقبلوا تحيات أسرة البرنامج...