إن من أهم الهدايات التي نستلهمها من تاريخ أئمة العتره المحمدية (عليهم السلام) هي أن سيرتهم تشهد لهم بأنهم أولياء الله المقربون خلفاء رسول الله الصادقون فيتميزون عن غيرهم بشدة تمسكهم بالاخلاق المحمدية وهذا ما تدل عليه حكايتا هذا اللقاء.
لنبدأ الاولي ففي عدة من المصادر المعتبرة روي جابر الجعفي عن أبي مطر البصري قال: حدثني أبي عن جابر: عن رجل من أهل البصرة من بني بطر يكني أبي مطر قال خرجت من باب المسجد بالكوفة في زمن علي بن أبي طالب وعلي أزار طويل ربما عثرت به!
فاذ أنا بشيخ ينادي من خلفي: أي بني ارفع ثوبك فإنه أبقي لثوبك وأتقي لربك فنظرت فإذا هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) فمشيت خلفه حتي اتي سوق الابل فقال: يا معشر أصحاب الإبل إياكم والأيمان فأن اليمين ينفق (السلعة) ثم يمحق ثم انطلق حتي بلغ أصحاب التمر فقال: يا أصحاب التمر أطعموا المساكين يربوا كسبكم ثم مضي حتي رأي السماكين فقال: يا أصحاب السمك لا تبيعوا الجري ولا الطافي - الذي يموت في الماء -.
ثم مر حتي أتي القصابين فقال: يا معشر القصابين لا تنفخوا في اللحم ولا تذبحوا شاة علي شاة.
ثم دخل الي البزازين فدنا الي بزاز منهم فقال: يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم.
قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فلما رأي أن قد عرفه انطلق الي غيره فقال: أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم.
قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فتركه وانطلق الي غلام فقال: أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم.
ثم انطلق حتي أتي الرحبة فدعا بوضوء فتوضأ، ثم قال: متي يبعث أشقاها؟
قالوا: وإنه لكائن؟
قال: نعم (هو) رجل يقتلني ما كذبت ولا كذبت.
فجاء الشيخ (أبو الغلام صاحب الثوب) الي أبنه فقالوا: (له): باع ابنك (اليوم من) امير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم؟ وانما يقوم علينا بدرهمين؟ أخذ (الشيخ) درهما.
ثم انطلق الي علي فقال: يا أمير المؤمنين ان ابني باعك قميصاً بثلاثة دراهم وانما يقوم علينا بدرهمين وقد جئتك بدرهم فخذه، فقال: لا قد باعنا برضاه وأخذنا برضانا.
ثم قال (عليه السلام): يكون بعدي أئمة يأمرونكم بسبي والبراءة مني (أما السب) فسبوني ولا تتبرأوا مني فأني ولدت علي الفطرة وأموت علي الفطرة ان شاء الله.
وروي محمد بن سليمان الكوفي ايضاً في كتابة مناقب الامام امير المؤمنين (عليه السلام) بسنده عن اسماء بنت عميس قالت: حدثتني أم هاني بنت أبي طالب قالت: كان علي من أجود الناس لقد كان أبوه يوجه معه باللطف - أي الهدية من طعام أو غيرة - الي بعض أهلة فيقول: يا أبه هذا قليل فزده.
ثم يأتي أمه فاطمة بنت أسد فيقول: يا أمه زيدي عليه من نصيبي!!! فتفعل ولقد كان يدفع اليه والي عقيل الشيء يسوي بينهما فيميل عقيل عليه ويقول له: أعطيت أنت أكثر مما أعطيت أنا!!
فيضعه (علي نصيبه) بين يديه ويقول (له): خذ منه ماتريد!!!
ثم نشأ(عليه السلام) علي ذلك وكان جواداً شجاعاً. وضمه اليه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وهو ابن اربع سنين فكان في حجره فأخذ بهديه.
وكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يقول لخديجة: يكون من أمري كذا وكذا.
فتقول له: صدقت.
ويقول علي: صدقت وما رد سائلاً قط منذ هو صبي الي أن استشهد (رضي الله عنه).
*******