سلامٌ من الله عليكم أحبتنا وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج.
أيها الأعزاء لا يخفى عليكم ما بذله طغاة بني أمية في محاربة الشعائر الحسينية بمختلف أشكالها، وما قاموا به من نشر أحاديث مكذوبة على رسول الله- صلى الله عليه وآله- بشأن الاحتفال بيوم عاشوراء وإتخاذه يوم عيد وفرح وسرور، وقد أجبروا الناس طوال حكمهم على العمل بهذه البدعة التي لازالت بعض آثارها موجودة الى اليوم حيث يحتفل بعض المسلمين بيوم عاشوراء كيوم عيد وهم يجهلون جذور هذه البدعة الأموية.
وعلى أي حالٍ، فبعد انقراض حكم بني أمية، سار بنوالعباس على النهج نفسه رغم أن أحد شعاراتهم لإسقاط الحكم الأموي والتسلط على رقاب المسلمين هو الأخذ بثأر الحسين- عليه السلام-…فمثلاً عندما نراجع كتب التأريخ نرى أن الطاغية العباسي هارون الغوي الذي لقب نفسه بالرشيد هدم القبة التي كانت مبنية على قبر الحسين لمنع المؤمنين من زيارته- عليه السلام- كما أمر بقطع (شجرة السدر) التي كانت قرب القبر والتي كان الزوار يستظلون بها.
و استمرت مستمعينا الأكارم جهود حكام بني العباس في محاربة الشعائر الحسينية بمختلف أشكالها، وقصة قيام المتوكل العباسي في هدم المشهد الحسيني مشهورة وقد بلغ به الطغيان حد الأمر بأضاعة معالم قبر سيد الشهداء- عليه السلام- وحرث أرضه وإجراء الماء عليه ومنع المؤمنين من زيارته والتجمع عنده، كما منع بقسوة إحياء يوم عاشوراء وإقامة المآتم حتى في الخفاء من قبل المؤمنين.
ومن عجيب التقدير الإلهي أن المنتصر ابن المتوكل كان من شيعة الإمام الهادي – عليه السلام- وهو الذي أمر بأعادة بناء مشهد الإمام الحسين- عليه السلام- بعد أن قتل والده المتوكل…إلا أن المنتصر- رحمه الله- لم يبق في الحكم سوى عدة شهور، واستمر الحكم العباسي في محاربة الشعائر الحسينية، فمثلاً يذكر المؤرخون في حوادث سنة أربعين وستمائة للهجرة أن الخليفة العباسي المستنصر أمر محتسبه بمنع الناس من قراءة المقتل الحسيني يوم عاشوراء… وهكذا فعل المماليك في حكمهم للعراق فمنعوا إقامة مجالس العزاء…
أيها الاخوة والأخوات، إذن فالحرب ضد شعائر سيد الشهداء- سلام الله عليه- استمرت في عصر الحكم العباسي وبمظاهر كانت في كثير من الأحيان أشد مما فعله طواغيت بني أمية، ولعل من أهم دوافع طواغيت بني العباس لحربهم هذه الشعائر المقدسة هو تطويق دورها في زعزعة سلطتهم الطاغوتية وفضح انحرافاتهم عن الدين الإلهي الحق إذ ان من أهم بركات الشعائر الحسينية هي تعريف الأمة بمعالم الإسلام المحمدي الأصيل ونفي تحريفات الحكام الغاصبين وذيولهم لقيم هذا الدين الحق.
المزيد من التوضيح للحقيقة المتقدمة نستمع له معاً أيها الأعزاء من ضيفنا الكريم الدكتورة (زينب عيسى الباحثة الاسلامية من لبنان) معكم والحديث الهاتفي التالي:
الدكتورة زينب عيسى: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف الخلق والمرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمح لي اولاً سيدي ان احيي ابي عبد الله الحسين بالقول السلام عليك يا ابا عبد الله وعلى الارواح التي حلت بفنائك السلام عليكم جميعاً
ان اولى ادوار الشعائر الحسينية انها اولاً ادت الى اعلاء المبدأ الثوري فكانت الحدث الذي جعل الفترة مابعد استشهاد الحسين عليه السلام وكانت الحدث الذي جعل من المستحيل للخلافة الاموية ان تصبح شرعية ومستمرة في ذاك الزمن وفي الزمن الراهن الشعائر الحسينية هي المدى الذي وضع شرعية تغيير السلطان الجائر موضع التطبيق ويمكن القول ان هذا ما اكسبها صفة الديمومة والاستمرار وان تكون القدوة في كل زمان ومكان فبالتالي ان شعائر الامام الحسين عليه السلام اهميتها في حفظ بيضة الاسلام الذي ينادي الى مفاهيم خالدة منها رفع، اهمها وعلى قمتها رفع الكيان الانساني واحترامه واعزازه.
سيدي الكريم اسمح لي بالقول الحسين عليه السلام لما رفع شعار "ومثلي لايبايع مثله" هذا الشعار هو رسالة عالمية بعدم الاقرار بالظلم والجور والعبودية والاستبداد والجهل كما ان قول الحسين عندما يقول او عندما يحدد صفات الحاكم بالقول انه العامل بالكتاب والاخذ بالقسط والدائم بالحق والحارس على نفسه على ذات الله، هذه الشعائر علينا ان نطرحها وان نداولها بين الناس من خلال احياء مراسيم عاشوراييه. تصور سيدي الكريم عندما تسمع شعار الحسين عليه السلام كم نتعلم منه، قوله سلام الله عليه "ألا ان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة" وعندما يقول سلام الله عليه "لاوالله لااعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولااقر اقرار العبيد" هذه الشعائر نحن نرسخها في الاذهان من خلال احياء مراسيم عاشوراء تبين الاهداف الحقيقية، يمكن القول ان الاهداف الحقيقية لثورة الحسين كما نادى بها الحسين حتى يتسنى لكل انسان معرفتها والوعي بها.
نشكر الدكتورة (زينب عيسى الباحثة الاسلامية من لبنان) على التوضيحات المتقدمة ونشكركم أعزاءنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران على طيب الإصغاء لحلقة اليوم من برنامج (الشعائرالحسينية، منطلقات وبركات)، نتابع تقديم هذه الحلقة بالإشارة الى إحدى البركات الأساسية لهذه الشعائر المقدسة، تشكل بدورها إحدى العلل الإساسية لمحاربة الحكومات الطاغوتية لها.
لا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن الشعائرالحسينية تتضمن تعريف الناس بسلوكيات الظالمين وعدم تورعهم عن انتهاج مختلف أساليب الإرهاب والجريمة بحق أنصار الحق وشتى أساليب التضليل والخداع والترهيب للناس لدفعهم إما الى خذلان أنصار الحق وعدم نصرتهم أو دفعهم الى محاربتهم.
وفي المقابل فإن أساليب الظالمين والطواغيت في محاربة أنصار الحق والعدل الإلهي على طول التأريخ مشتركة متشابهة وإن كانت قد بلغت ذروتها البشعة في ارتكاب طواغيت بني أمية لفاجعة عاشوراء الدامية.
من هنا فإن الشعائر الحسينية تتضمن في الواقع إدانة كل الظالمين والطواغيت وفضح أساليبهم الإرهابية ولذلك فهم جميعاً يحاربونها كما حاربها طواغيت بني أمية خشية من آثارها في زعزعة عروشهم الدامية.
والأمر نفسه يصدق – أعزاءنا المستمعين- على أساليب الطواغيت في تضليل الناس وخداعهم وتحريضهم على محاربة أنصار الحق والعدل الإلهي أو خذلانهم وعزلهم عنهم، فهي في كل عصر تشبه ما فعله طواغيت بني أمية في واقعة كربلاء. والشعائر الحسينية تتضمن فضح هذه الأساليب التضليلية وتعريف الناس بحقيقتها وتحصينهم منها، وذلك من خلال كشفها لما قام به طواغيت بني أمية تجاه قيام سيد الشهداء – سلام الله عليه- وعزل الناس عنه والإستفراد به بالصوره التي أدت الى استشهاده وأنصاره وسبي عياله بتلك الصورة المفجعة.
وهذا الأمر يجعل الطواغيت يحاربون شعائر سيد الشهداء – عليه السلام- في كل زمان خشية من آثارها في فضح أساليبهم في تضليل الناس وخداعهم.
وبهذا نكون- مستمعينا الأفاضل- قد وصلنا الى ختام حلقة أخرى هي التاسعة عشرة من برنامج (الشعائرالحسينية منطلقات وبركات) إستمعتم لها من إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران شكراً لكم ودمتم بكل خير.