السلام عليكم مستمعينا الأعزاء، معكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نستجلي فيها آثار وبركات الشعائر الإلهية المرتبطة بإحياء الملحمة الحسينية الخالدة من خلال النصوص الشريفة قرآنا وسنة، وكذلك من خلال أقوال الفقهاء وفتاويهم وكذلك من آراء المفكرين حتى غير المسلمين، وهذا اللقاء نخصصه أعزائنا لعرض آراء مفكرين من الطائفة الأخيرة مع تعليقات بشأن دلالاتها تابعونا مشكورين.
من الكتاب الغربيين الذين عايشوا عن قرب الشعائر الحسينية هو الكاتب البريطاني توماس لايل، فقد عمل في العراق سنين عدة، فقد شغل منصب معاون الحاكم السياسي لمنطقة الشامية والنجف الأشرف ما بين عام ۱۹۱۸ إلى ۱۹۲۱ ميلادي، وكذلك شغل منصب معاون دائرة (الطابو) في بغداد وحاكما في إحدى محاكمها المدنية.
هذا الكاتب البريطاني ألف كتابا سماه (دخائل العراق).. تحدث فيه عن مشاهداته لمجالس الحسين _عليه السلام_ ومواكب العزاء.. قال: (شعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء وما زلت أشعر بأنني توجهت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس (أي المقيمين لمواكب العزاء الحسيني والمشاركين فيها) وكذلك الحماسة المتدفقة منهم، بوسعهما أن يهزا العالم هزا فيما لو وجها توجيها صالحا وانتهجا السبل القويمة، ولا غرو في ذلك، فإن لهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين.
مستمعينا الأفاضل، لعلكم لاحظتم في كلام الكاتب البريطاني المتقدم تأكيده على الآثار النهضوية في الشعائر الحسينية وهي آثار أصيلة منشؤها فطرية القيم التي خلدتها ملحمة سيد الشهداء سلام الله عليه. لذلك نجد تعاطف بني آدم بمختلف اتجاهاتهم مع هذه الملحمة...
يقول عالم الآثار البريطاني (وليم لوفتس) في كتابه (الرحلة إلى كلدة): (لقد قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تأريخ الإنسانية وارتفع بمأساته إلى مستوى البطولة الفذة).
والمضمون نفسه نجده في كتاب (رحلة إلى العراق) للمستشرق (جون أشر) حيث قال: (إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الإستشهاد في سبيل العدل الإجتماعي).
ونقرأ للمستشرق الألماني الشهير (كارل بروكل مان) في كتابه (تاريخ الشعوب الإسلامية) قوله: (الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين بن علي عجلت في التطور الديني لحزب علي وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجة).
هذه الآثار النهضوية والإصلاحية للملحمة الحسينية هي التي تجليها الشعائر الحسينية التي كان لها أعظم الأثر في انتصار النهضة الخمينية والثورة الإسلامية في إيران. المزيد من التوضيحات لهذه الحقيقة نستمع لها من ضيفتنا الكريم سماحة (الدكتوره زينب عيسى الكاتبة الاسلامية من لبنان).
الدكتورة زينب عيسى: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف الخلق والمرسلين وعلى اله الطيبين الطاهرين
عظم الله اجوركم سيدي الكريم والامة الاسلامية جمعاء والعالم اجمع بمصاب ابي عبد الله الحسين
سيدي الكريم عندما نتكلم عن الثورة الحسينية وارتباطها بنجاح الثورة الخمينية او الثورة الايرانية نتكلم كيف ان الثورة الحسينية اسست لمفاهيم الثورة ضد الظلم، ضد الطغيان، ضد المفاسد فالامام الحسين سلام الله عليه عندما يقول قولته المشهورة "مثلي لايبايع مثله" رفض البيعة ليزيد لأسباب تتعلق بشخصية يزيد المتهتك والخليع والمنهمك في الملذات وبالتالي كانت الثورة اذا خرج الحسين عليه السلام بثورته وحدد مفاهيم ثورته حتى يعلم الجميع لماذا خرج الحسين وقال مقولته الشهيرة "اني لم اخرج اشراً ولابطراً ولاظالماً ولامفسداً انما خرجت من اجل الاصلاح في امة جدي رسول الله، آمر بالمعروف وانه عن المنكر" الظلم والطغيان والفساد كان يعاني منها الشعب الايراني في عهد الشاه حتى انه سمى نفسه شاهنشاه ذلك الرجل فبالتالي كانت الناس جميعاً، كان الشعب على كل المستويات وكل طبقاته يعاني من الظلم والطغيان والمفاسد فبالتالي تكاتفت تلك الجهود، جهود الشعب وكانت ثورة واستلهمت مهبطها من ثورة الحسين عليه السلام فكانت ثورة ناجحة واسست في عهدنا الحالي ثورة الامام الخميني، ثورة الشعب الايراني اسست للثورات التابعة واعادت من جديد مفاهيم الامام الحسين سلام الله عليه، الامام الحسين ثورته ثورة الاباء، ثورة العز، ثورة الكرامة، ثورة العدالة، ثورة العودة الى لااله الا الله التي ضاعت واضمحلت في ذلك الزمن ونحن في عصرنا الحالي العديد من الشعوب يعاني من الظلم والطغيان والجور فكانت ثورة الشعب الايراني وانا ابارك لهم تلك الثورة ان حاربوا الظلم والفساد فكان نجاحهم بمستوى الظلم الذي كانوا يعانوا منه واعطوا امثولة، اسمح لي ان اقول ان الشعب الايراني وانا افتخر بهذا الشعب الذي اعطى امثولة عملية ودرس واقعي في عصرنا الحالي لمحاربة الظلم والفساد كما كان الامام الحسين سلام الله عليه ناهيك عن المفاهيم الاجتماعية والتعاون والعودة الى الروح الاسلامية، كل هذا استلهم من ثورة الامام الحسين سلام الله عليه من هنا الحث على "احيوا امرنا رحم الله من احيا امرنا" رحم الله من احيا امرنا بأعادة وبطرح وبذكر العمل الذي قام به الحسين واهداف ثورته وعمق ثورته حتى تبقى على مر الاجيال مدرسة تتتلمذ منها الشعوب كما تتلمذ الشعب الايراني والثورة الايرانية بقائدها الامام الخميني قدس سره.
جزيل الشكر نقدمه لسماحة (الدكتوره زينب عيسى الكاتبة الاسلامية من لبنان ) على بيانها المتقدم لآثار الشعائر الحسينية في انتصار النهضة الخمينية، ونتابع من إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقديم هذه الحلقة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات)، وقد خصصناها لإستعراض آراء المفكرين غير المسلمين بهذا الشأن ومنهم عالم الآثار البريطاني (ستيفن لويد) مؤلف كتاب (الرافدان _ تأريخ العراق من أقدم العصور إلى يومنا هذا). في كتابه هذا يقول (ستيفن لويد): (حدثت في وقائع كربلاء فضائع ومآس صارت فيما بعد أساسا لحزن عميق في اليوم العاشر من شهر محرم من كل عام... في الليلة التي سبقت المعركة بلغ الأمر بأصحابه القلائل حدا مؤلما فأتوا بقصب وحطب إلى مكان من ورائهم وأضرموا النار لئلا يهاجموا من الخلف. وفي صباح اليوم التالي قاد الحسين أصحابه إلى الموت وهو يمسك بيده سيفا وباليد الأخرى القرآن...)
ويقول العالم (الإنتروبولوجي) الأمريكي (كارلتون كان) في كتاب (القافلة قصة الشرق الأوسط): (إن مأساة مصرع الحسين بن علي تشكل أساسا لآلاف المسرحيات المفجعة).
وأخيرا قال المستشرق الألماني (يوليوس فلهاوزن) في كتاب (نهضة الدولة العربية): (بالرغم من القضاء على ثورة الحسين عسكريا، فإن لاستشهاده معنى كبيرا في مثاليته وأثرا فعالا في استدرار عطف كثير من المسلمين لآل بيت نبي الإسلام).
أيها الإخوة والأخوات وختاما نشير إلى أن الشعائر المرتبطة بهذه الملحمة التي تشير النصوص المتقدمة إلى كثرة آثارها النهضوية هي التي تساهم في توسيع آثار هذه الآثار النهضوية عبر مختلف أجيال التأريخ الإنساني.
وبهذه الإشارة ننهي أعزائنا مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في إيران الحلقة الرابعة عشرة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) تقبل الله حسن الإصغاء ودمتم بكل خير.