سلام من الله عليكم إخوة الإيمان والولاء ورحمة الله
أهلا بكم في عاشرة حلقات برنامجكم هذا نخصصها للحديث عن بعد مهم في الملحمة الحسينية جعل شعائرها من أهم مصاديق حفظ التوحيد الإلهي... مستمعينا الأكارم، عندما نراجع كلمات كثير من المفكرين من الأديان الأخرى بشأن واقعة كربلاء نلاحظ فيها بوضوح تأكيدهم أن القيم التي حملها الإمام الحسين واستشهد من أجلها عليه السلام ترتبط بجميع الأديان التوحيدية، فمثلا يقول الآثاري الأنجليزي (وليم لوفتس) (لقد قدم الحسين ابلغ شهادة في تاريخ الإنسانية) كما ورد في كتابه (الرحلة الى كلده)، ويقول الباحث الرحالة (جون أثار) في كتابه الرحلة الى العراق (إن مأساة الحسين تنطوي على أسمى معاني الإستشهاد في سبيل العدل الإجتماعي)،
ويقول صاحب كتاب (دخائل العراق) عن الحسين وأصحابه (أيقنت أن الورع الكامن في هذه الكوكبة والحماسة المتدفقة منهم بوسعهما أن يهزا العالم برمته فيما لو وجها توجيها صالحا فلا غرو في ذلك، ولهؤلاء مصداقية فطرية في حقيقة الدين).
هذه الحقيقة يوضحها أيها الإخوة والأخوات إستدلالا بالأحاديث الشريفة الفقيه العارف المرجع الديني آية الله الشيخ حسين الوحيد الخراساني في رسالته العقائدية المترجمة تحت عنوان (الحق المبين في معرفة المعصومين عليهم السلام) حيث قال – حفظه الله:
إن الحسين عليه السلام أحيا الدين كله من آدم إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وأحيا ذكر علي عليه السلام إلى آخر الدهر! فهذه هي نتائج عمله صلوات الله عليه … جاء في كتاب كامل الزيارات عن ابن سنان، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال ابن سنان سمعته عليه السلام يقول: قبر الحسين بن علي روضة من رياض الجنة، وفيه معراج الملائكة إلى السماء، وليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره، ففوج يهبط وفوج يصعد)! وما ذلك إلا لأنه أحيا دين كل الأنبياء عليهم السلام. والمسألة فوق هذا أيضا.. ونقول ذلك لكي تعرفوا واجبكم في إقامة عزاء الحسين عليه السلام وتعظيم مقامه، فكل ما نقوم به من ذلك ليس إلا يسيرا...
مستمعينا الأكارم... لنا عودة لكلام الفقيه العارف آية الله الشيخ الوحيد الخراساني بهذا الخصوص ولكن بعد الإستماع لتفسير سماحة (الشيخ مالك وهبي الباحث الاسلامي في لبنان) لظاهرة إستمرار الشعائر الحسينية وتناميها بأستمرار على الرغم من شدة الحرب لطمسها على مدى التاريخ.. نستمع معا:
الشيخ مالك وهبي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صلي على محمد وال بيته الطاهرين
اولاً عظم الله لكم الاجر بهذا المصاب واعزي الامة الاسلامية ايضاً وسماحة القائد السيد آية الله الخامنئي وكل احرار العالم
بالنسبة لهذا الموضوع لقد كان كل ادوات المعنى التي استخدمت لمنع هذه المراسيم اضعف بكثير من قوة الزخم والمشاعر التي كانت ملتهبة في نفوس المؤمنين وكانت اوضح بكثير من الحث الذي كنا نلحظه في الروايات وفي دعوات اهل البيت عليهم السلام لأحياء هذه المراسم خاصة لجهة موقعيت الامام الحسين عليه السلام في نفوس المؤمنين وفي الحقيقة ان دم الحسين عليه السلام كان له تأثيره الطبيعي الذي فاق كل وسائل المنع وكل وسائل الحصار الذي يمكن ان تتعرض اليه هذه المراسم وبالتالي كان هذا جزءاً او مظهراً من البركات التي لايكون بمقدور احد ان يمنع من ظهورها وبالتالي هذا كله يدل على امر واحد هو انه مهما كانت النوايا التي يظهرها الاعداء فأن ما كان لله ينمو ويستمر بالنمو وبالتالي هذا غير خاضع لأي اعتبارات مادية او دنيوية على اعتباره الهي محض وماكان اعتباره الهياً لايمكن ان يقف بوجهه اي حائل او مانع. كربلاء لها امتدادات تاريخية تنتظر ظهور ولي الامر عجل الله تعالى فرجه الشريف لكي يحقق الهدف النهائي من كربلاء ولكي يقيم العدل ويقضي على الظلم وهذه التفاعلات المستمرة في نفوس المؤمنين هي في الحقيقة جزء من هذا الاستحضار الدائم للنفوس والتعلم مما جرى في كربلاء انما مستعدون لنصرة اهل البيت عليهم السلام وبالتالي يزداد العزم قوة واصراراً وشدة كي نحفظ هذا الامر رغم كل العوائق والمعاناة وفي الحقيقة اول ارتباطها بقضية الانتظار يعني نحن في ظل انتظارنا لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف امتحاناتنا التي نتعرض لها ونخوضها نستمد من كربلاء المدد بمقاومتها، نستمد من حضورنا عند الحسين عليه السلام في مجالس العزاء وهو في الحقيقة عندما نحضر المجالس نحن زوار له ونكون عنده، نستمد المدد منه في مواجهة كل العقبات وكل الموانع التي تحيط بنا وبالتالي نفوسنا تشرق بأنواره كما اشرقت نفوس اصحابه في كربلاء من انواره فواجهوا الالاف المؤلفة من دون اي خوف او تردد لأنهم رأوا تلك المكانة العظيمة والنور المبارك الذي احاط بهم، نحن نريد ان نستلهم من ذلك النور الذي حضر في كربلاء والنفوس التس تساهم في احياء هذه المجالس هي في الحقيقة تشعر بذلك النور فتستمد منه المدد وتستمر ولايستطيع احد ان يمنعها.
نشكر سماحة (الشيخ مالك وهبي الباحث الاسلامي في لبنان) على هذه التوضيحات ونتابع أيها الأخوة والأخوات من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقديم الحلقة العاشرة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات).
نعود ايها الأعزاء الى كلام الفقيه العارف والمرجع الديني آية الله الشيخ الوحيد الخراساني.. ففي رسالته العقائدية (الحق المبين في معرفة المعصومين) نجده يبين البعد التوحيدي للملحمة الحسينية وإرتباطها بأهداف جميع الأنبياء – عليهم السلام – ثم يقول حفظه الله:
فالواجب الشرعي أن تحفظ الشعائر الحسينية بكل قوة وحسم، وأن تكون في كل سنة أفضل من التي قبلها! نعم، المسألة بهذا المستوى..
لماذا؟ لأن أساس عاشوراء إذا صار واهنا توجه الخطر إلى الدين كله، فإن بقاء الدين بعاشوراء، وبقاء توحيد الله تعالى مرتبط بيوم عاشوراء! إقرؤوا هذا التعبير وافهموا معناه (الوارد في زيارة الإمام الحسين – عليه السلام – حيث خاطب الزائر ربه قائلا:) وبذل فيك مهجته! فقد بذل عليه السلام روحه من أجل بقاء توحيد الله تعالى، فإحياء ذكراه وتعظيمها، تعظيم للتوحيد.
روي في كامل الزيارات، بسند قوي عن الإمام الصادق عليه السلام وجاء فيه، عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: ما لمن زار قبر الحسين؟ قال: كان كمن زار الله في عرشه. قال قلت: ما لمن زار أحدا منكم؟ قال: كان كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله!
يا أبا عبد الله الحسين، صلوات الله عليك. ماذا فعلت حتى صار ثواب زيارتك كمن زار الله في عرشه؟! بينما ثواب الذي يزور أميرالمؤمنين عليه السلام كمن زار رسول الله صلى الله عليه وآله؟! ماذا فعلت.. فجعلت من كربلاء عرش الله، وزيارتك فيهما زيارة الله؟!
يبقى أن نشير مستمعينا الأفاضل الى أن ماينبه الفقيه العارف الشيخ الوحيد الخراساني به خاصة في المقطع الأخير من كلامه حيث يخاطب مولانا أبا عبد الله الحسين –عليه السلام– من إن ثواب زيارته أعظم من ثواب زيارة سائر المعصومين – عليهم السلام-، هذا الأمر لا يعني أفضلية سيد الشهداء وكلهم نور واحد بل يرتبط بخصوصية مظلوميته وملحمته الإستشهادية – صلوات الله وسلامه عليه وعليهم.
وبهذه الملاحظة نختم لقاء اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران شكرا لكم وفي أمان الله.