السلام عليكم إخوتنا الأطائب ورحمة الله
تحية طيبة.. معكم في حلقة أخرى هي التاسعة من هذا البرنامج نتناول فيها رأي فقيهين جليلين من فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام بشأن موضوعين مهمين الأول الشعائر الحسينية وحفظ الإسلام، والثاني علل محاربة هذه الشعائر الإلهية.
نبدأ بما قاله المرجع الديني الورع آية الله السيد محمد هادي الميلاني في رسالته القيمة (عروض البلاء على الأولياء) قال – قدس سره الشريف: إن مصاب الأئمة عليهم السلام وبالخصوص الحسين عليه السلام لها منافع عظيمة لجميع المخلوقين. أعظمها غفران الله تعالى ورضوانه لمن بكى عليهم، فقد صارت الجنة واجبه لمن دمعت عيناه قطرة في رزاياهم. مضافا إلى ما نرى من إقامة المآتم، ومجامع التعازي، فينتفع بها العالمون
منافع دنيوية وأخروية، ويؤيد بها الدين، وتنشر العلوم والأحكام والمواعظ، وتقوى العقائد ويجدد الإسلام سنة بعد سنة، ففي طوال السنة تندرس أعلام الشرع، فإذا هل هلال محرم تجددت حياة الديانة، وهاجت روح الملة، وبزغت شمس التدين، وغرقت سفن أعداء الدين، وانهدم بنيانهم، واستؤصلت شأفتهم. ولهذا نشاهد _والمشتكى إلى الله_ كمال جدية الأجانب وتشديداتهم، منع مجالس التعزية، ودفع المظاهر الدينية، وتشبثهم بكل وسيلة لسد هذا الباب، ودرس آثاره، ويساعدهم على ذلك جهال المسلمين! ولا يتأملون ما فيه من اضمحلال آثار الإسلام، وانطماس أعلامه. فهلموا يا إخواننا إلى هذه المأدبة الإلهية، المائدة الربانية واغتنموا الفرصة، ولا تدعو الأجانب يسلبوا قوتكم وسمو شوكتكم، وإعزاز نصركم، ورسوخ إيمانكم.
كانت هذه أعزائنا المستمعين توضيحات الفقيه التقي السيد محمد هادي الميلاني وقد أوردها _رضوان الله عليه_ في رسالته القيمة عن الملحمة الحسينية والتي سماها (عروض البلاء على الأولياء)...
وفي هذه التوضيحات حث شديد للمسلمين على التمسك بالشعائر الحسينية لعظيم بركاتها مع إشارة الى الجهود الحثيثة التي يبذلها أعداء الإسلام النقي والطامعين في المسلمين لمحاربة هذه الشعائر.
ومن الثابت تأريخيا أن الطواغيت بدء من عصر بني أمية ومرورا بحكم بني العباس والى يومنا هذا إجتهدوا في محاربة الشعائر الحسينية فكريا وسياسيا وقمعيا.. فما هو سر وعلل هذه الحرب الشعواء؟ نستمع معا للإجابة عن هذه التساؤل من ضيفنا الكريم سماحة(الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت).
الشيخ جعفر عساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وعظم الله اجوركم واجور المسلمين والموالين والمحبين بمصاب ابي عبد الله الحسين عليه السلام
ان الشعائر الحسينية هي واجهت الكثير من الحرب منذ اللحظة التي تحرك فيها الحسين عليه السلام من المدينة وفي مكة ثم في كربلاء، ان تحرك الحسين عليه السلام كان للتغيير والتبديل ولتحسين ولحفظ دين رسول الله صلى الله عليه واله ولذلك كانت هذه المواجهة مع الحسين عليه السلام في حياته وبعد شهادته صلوات الله عليه في كربلاء ولذلك بعد هذه الشهادة العظيمة للحسين عليه السلام في كربلاء التي اراد الحسين من خلالها حفظ هذا الدين وصيانته وتحرير ارادة الامة وكذلك اراد من خلالها ان يسلب الشرعية عن هذه الدولة الظالمة التي ارادت تحريف تعاليم رسول الله صلى الله عليه واله ودينه لذلك الحسين عليه السلام بعد شهادته في كربلاء نجد الكثير من كتب السيرة والتاريخ تذكر لنا ان الناس كانوا يمنعون ويردعون عن زيارة الحسين عليه السلام وكذلك عن ابداء محبتهم وتعاطفهم او احياء مجالس الحسين وذكر الحسين عليه السلام ولعل هذه الصورة نجدها واضحة كما تذكر كتب التاريخ ومصادر السيرة ان الامر وصل ببني العباس ايام المتوكل العباسي انه قد منع الناس من زيارة الحسين وصار يعاقب كل من يزور الحسين عليه السلام اما بقطع بعض اعضاءه او حتى بقتل البعض اذا ارادوا زيارة الحسين لهذا كان المتوكل يأمر حتى يمنع الناس من زيارة الحسين ويردعهم عن هذه الزيارة والتعلق بالحسين عليه السلام، كان يأمر بقطع بعض اعضاء الزائرين كأيديهم اذا ارادوا زيارة الحسين ومع ذلك بقي الناس على محبتهم وزيارتهم للحسين عليه السلام ولم يبالوا كذلك امتد به الامر اذا كانوا هناك مجموعة متوجهة لزيارة الحسين قد يقتل بعضهم ومع ذلك لم يمتنع الناس عن زيارة الحسين عليه السلام والتعلق به بل وصل الامر بالمتوكل العباسي كما تذكر كتب التاريخ انه لما وجد هذا التعلق الشديد وانه لايمكن فك ارتباط الناس عن الحسين عليه السلام بأي حيلة وبأي سبب اراد ان يمحو ذكر الحسين وذلك بأن يحرث قبر الحسين ولهذا امر بأن يحرث القبر كما تحرث الارض للفلاحة والزراعة وحرث قبر الحسين ثم اجرى الماء على هذا القبر كي يذهب معه كل معلم من معالم قبر الحسين عليه السلام ولكن ارادة الله ومشيئته ارادت للحسين ان يبقى ولهذا يقال ان الماء حارت حول القبر الشريف اصبح مايعرف اليوم بالحائر الحسيني لأن القبر حارت حوله الماء وبقي القبر معروفاً وسليماً ثم بني وتجدد قبر الحسين ولذلك شعائر الحسين لم تقف في محاربتها الايدي الاثمة والظالمة والسلطات الغاشمة عند هذا الحد بل هناك الكثير من التشويه التي تطلق بين تارة واخرى لذلك نجد البعض ممن يحاول ان يردع الناس عن التعلق بالحسين عليه السلام كأطلاق بعض الاشاعات واطلاق بعض الامور التي قد تبعد الناس عن الحسين عليه السلام كالقول ان هذه الزيارة وهذا الذكر للحسين ومجالس الحسين عليه السلام لم يأمر بها رسول الله صلى الله عليه واله او انها بدعة او ان لاطائلة تحتها او انه كفانا بكاءاً وحزناً على قضية قد مر عليها الزمن ومضى عليها مايزيد عن الثلاثة عشر قرناً ولكن الحسين صلوات الله وسلامه عليه بقي خالداً في ضمائر الامة وفي ضمائر المسلمين لأن النبي صلى الله عليه واله وكذلك ائمة اهل البيت بل كل المعصومين من الانبياء والاوصياء ارادوا للحسين ان يخلد في ضمائر الامة وفي ضمائر المسلمين بل وفي كل ضمير حي ولذلك لن يستطيعوا ان يحرفوا هذه المجالس الحسينية ولهذا صدق الشاعر عندما قال:
كذب الموت فالحسين مخلدكلما مرت الدهور تجددا.
نشكر سماحة (الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت) على هذه التوضيحات ونتابع أعزاءنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران تقديم تاسعة حلقات برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات).. فننقل لكم كلمة قيمة لفقيه آخر من فقهاء الإمامية المعاصرين هو المرجع الديني آية الله الشيخ لطف الله الصافي أوردها في كتابه القيم (اللمحات) ضمن رسالة أجاب فيها على سؤال بشأن رأي الشريعة في التشكيكات التي يثيرها البعض بشأن مشروعية الشعائر الحسينية.. ونلاحظه هنا يشير إلى ارتباط هذه الطائفة بالخطط والبرامج الإستعمارية، قال _دام ظله_:
ولا يخفى عليك يا أخي أن هذه الناشئة الخبيثة، التي هي من أذناب الإستعمار وعملائه، وتعد نفسها من أهل الثقافة، تريد صرف أذهان الناس عن هذه الشعائر، لأنها تحيي أمجادنا الإسلامية، وتوقظ شعور المسلمين، وتزين للنفوس التضحية في سبيل إحياء الحق، وتنفر الشعوب عن الظلمة والمستعمرين، وأولئك الذين اتخذوا الناس خولا، ومال الله دولا، ولا غرو فإن المستعمرين والطواغيت لا يرتضون سيرة الحسين – عليه السلام –، ولا يحبون إحياء ذكره، واهتداء الناس إلى مأساة كربلاء. فهذه الشعارات الحسينية، وهي الألوية التي تنصب على بيوت التعزية، وتحمل مع الهيئات في الطرق والشوارع، تهدد كيان الظلمة والمستكبرين، وتشجع الشعوب للقيام والقضاء عليهم وإبطال باطلهم. هذه الشعارات تقوي في النفوس حب الخير، وحب أولياء الله، وحب الشهادة في سبيل الله، وحب إعلاء كلمة الله، وحب أهل بيت رسول الله – صلى الله عليه وآله–، وهل الإيمان إلا الحب؟ إذا فلا نعبأ بالإستعمار، ولا نتوقع من أذنابه تأييد هذه الشعائر، فكل إناء بالذي فيه يرشح. فلا يضر التفكر الشيعي وإصالته الأصلية الإسلامية قول من يقول، عداء لأهل البيت _عليهم السلام_، إن الصفوية ابتدعوا هذه الشعائر، وحملوا الناس عليها، بعد ما دلت الأحاديث الصحيحة المتواترة على أن النبي _صلى الله عليه وآله_ والأئمة المعصومين _سلام الله عليهم_ هم الذين سنوا النياحة والبكاء والتباكي والإبكاء على مولانا الحسين عليه السلام، وهم الأصل في الشعائر الحسينية، وهم الذين رغبوا الناس بذكراه وإنشاد الإشعار وغير ذلك، فصارت بذلك سنة إلى يوم القيامة لا يقدر على محوها جبار ولا مستعمر ولا مستكبر. وبالجملة فلا تجد في عبادة مستحبة وعمل راجح ما ورد في ثواب النياحة والنوحة والبكاء على سيدنا أبي عبدالله الحسين – عليه السلام –، وفي ثواب زيارة قبره، وكل ما يرجع إلى إحياء أمره من تذكر عطشه عند شرب الماء وتذكر مصابه عند المصائب. ومن أنكر هذه الأمور فهو كمنكر الشمس في رابعة النهار. فليس يصح في الإفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.
كان هذا هو جانب من الرد الفقهي الذي كتبه المرجع الديني سماحة آية الله الشيخ لطف الله الصافي على سؤال بشأن التشكيكات المثارة بشأن مشروعية الشعائر الحسينية. وبه نختتم الحلقة التاسعة من برنامجكم (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) إستمعتم لها من صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.. تقبل الله أعمالكم ودمتم بكل خير.