السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله... تقبل الله منكم تقربكم إليه عزوجل في المشاركة وإحياء شعائر سفينة النجاة ومصباح الهدى مولانا سيد الشهداء _صلوات الله عليه_.
أيها الأعزاء المتابعون لهذا البرنامج في الحلقات الأربع السابقة يعلمون أننا تناولنا فيها الأدلة القرآنية مدعمة بالتحليل العقلي والبرهاني وما صحّ روايته من أحاديث النبي الأكرم وسيرته _صلى الله عليه وآله_ التي تحث المسلمين على إقامة الشعائر الحسينية.
ونتناول في هذا اللقاء نماذج من أحاديث أئمة العترة المحمدية الكثيرة التي تحث المؤمنين على هذه الشعائر، فيما يحدثنا ضيف البرنامج عن أهم أشكال الشعائر الحسينية التي حثت عليها الأحاديث الشريفة، تابعونا مشكورين.
روي في عدة من مصادرنا الحديثية المعتبرة مثل كتاب كامل الزيارات مسنداً ما مضمونه كما أورده الفقيه الجليل الشيخ محمد حسن النجفي في كتابه الفقهي الإستدلالي (جواهر الكلام في أحكام الحلال والحرام)، أن مولانا الصادق عليه السلام كان إذ هل هلال عاشوراء اشتد حزنه، وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (عليه السلام)، والناس يأتون إليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين (عليه السلام)، ويبكون وينوحون معه على مصاب الحسين (عليه السلام) ثم يقول عليه السلام: إعلموا أن الحسين عليه السلام حي عند ربه يرزق من حيث يشاء، وهو ينظر الى معسكره ومصرعه، ومن حل فيه من الشهداء، وينظر الى زواره والباكين عليه، والمقيمين العزاء عليه، وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة. وأنه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له، ويسأل جده وأباه وأمه وأخاه أن يستغفروا للباكين على مصابه والمقيمين العزاء عليه، ويقول: لو يعلم زائري والباكين عليّ ماله من الأجر عند الله تعالى لكان فرحه أكثر من جزعه. وأن زائري والباكي علي لينقلب إلى أهله مسرورا وما يقوم من مجلسه إلا وما عليه ذنب، وصار كيوم ولدته أمه.
مستمعينا الأفاضل وروي في كتاب بصائر الدرجات مسنداً عن إمامنا الصادق عليه السلام في حديث عن الحسين صلوات الله عليه قال: وإنه لينظر إلى زواره وهو أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم وبمنزلتهم عندالله من أحدكم بولده وما في رحله، وإنه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمة له، ويسأل آباءه الاستغفار له ويقول: لو تعلم أيها الباكي ما أعد لك لفرحت أكثر مما جزعت ويستغفر له رحمة له، كل من سمع بكاءه من الملائكة في السماء.
أيها الأخوة والأخوات، وكما تلاحظون فإن إمامنا الصادق –عليه السلام– يبين لنا عظيم بركات الشعائر الحسينية حثاً على الإهتمام بها والمشاركة فيها وإقامتها ولكن ما هي أهم هذه الشعائر التي حثت عليها الأحاديث الشريفة؟ الإجابة عن هذا السؤال نستمع لها من سماحة (الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الامام الصادق (ع) في لبنان)
الشيخ صادق النابلسي: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
دون ادنى شك ان اهل البيت سلام الله عليهم قد ركزوا في اذهاننا ووضعوا امامنا مجموعة من القيم التي تحفظ الدين وتحفظ الاسلام وتحفظ وجود الانسان المسلم في طريق كفاحه وكدحه في هذه الحياة والى الله تبارك وتعالى. في الحديث "امرنا رحم الله من احيا امرنا" فأننا نفهم من هذا الحديث اوسع من دائرة احياء الشعائر الحسينية فقط رغم اهميتها والحث عليها وتحريض الناس على ان يعيشوا كل اجواء الحزن والحداد على مصاب ابي عبد الله الحسين سلام الله تعالى عليه وكما قيل في الدعاء "وعلى مثلك فليبكي الباكون وليندب النادبون" نعم احياء سنة البكاء على مصاب الحسين عليه السلام واهل بيته الاطهار من اهم الشعائر التي تغسل القلوب من الادران والاوساخ وتحلق بالانسان الى عالم الملكوت والنور وكذلك الندب على الحسين وعلى ال البيت ومصابهم العظيم في كربلاء بل في كل المحطات التي مروا بها من امامنا المعصوم، الامام علي سلام الله عليه الى الامام المهدي الغائب الذي ننتظره جميعاً فأنه غائب بجسده ولكنه حاضر في اعماق قلوبنا وضمائرنا، غيابه وحدة من المصائب التي تفجع كل حبيب لهذا الامام، في كل احوال نحن نفهم من هذا الاحياء ومن هذا الحديث اكثر من دائرة الاحياء الخاصة، الاحياء العامة بمفهومها الشامل الواسع، امرهم سلام الله تعالى عليهم هو امر رسول الله، هو امر الله تبارك وتعالى، نحن عندما نحيي امرهم انما نحيي الاوامر التي فرضها رسول الله وفرضها الله على الناس جميعاً وعندما نحيي امرهم انما ننتهي عن الاوامر التي نهاها، نهى عنها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ونهى عنها الله تبارك وتعالى اذن دائرة الاحياء واسعة وعميقة وشاملة وبالتالي احياء ذكر عاشوراء وذكر الامام الحسين وماحل بأهل البيت في هذه المصيبة والفجيعة الكبرى والعظيمة انما يشكل مدماكاً لأحياء سيرة اهل البيت وذكر اهل البيت وعلوم اهل البيت ومعارف اهل البيت سلام الله تعالى عليهم اجمعين، عندما نحيي ذكر الحسين انما نؤكد على القيم الالهية، على القيم النبوية، على القيم السماوية، على القيم القرآنية التي تعيد الحياة للناس جميعاً، عندما نذكر الحسين انما نشرب ماءاً سلسبيلاً من القيم الالهية الحقة ومن الهداية والصلاح الذي يأخذ بالانسان الى اعلى المراتب في كمالاته وفي تطلعه الى الله تبارك وتعالى.
كانت هذه توضيحات سماحة (الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الامام الصادق (ع) في لبنان) عن أهم الشعائر الحسينية التي حثت الأحاديث الشريفة على إقامتها، فشكراً له... وشكراً لكم ايها الأعزاء على طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات)، نتابع تقديمها بنقل نموذج آخر لأحاديث أئمة العترة المحمدية _عليهم السلام_ الحاثة على ممارسة هذه الشعائر المقدسة، فقد روي في عدة من المصادر الحديثية المعتبرة كمصباح المتهجد للشيخ الطوسي مسنداً عن مولانا الإمام الباقر _عليه السلام_ وضمن حديث زيارة الحسين يوم عاشوراء من قرب وبعد قال عليه السلام: ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه وليعز بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السلام وأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عزوجل جميع ذلك _يعني ثواب الفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة_ قال الراوي: قلت: أنت الضامن لهم ذلك والزعيم؟ قال: أنا الضامن والزعيم لمن فعل ذلك. قلت: كيف يعزي بعضنا بعضا قال: تقول أعظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه والإمام المهدي من آل محمد.
مستمعينا الأفاضل
والنتيجة التي نخلص اليها مما تقدم أن أحاديث أئمة العترة المحمدية الهادية – عليهم السلام – تدعو المؤمنين الى تعظيم الشعائر الحسينية وإحياء ذكرى إستشهاده على الصعيد الفردي والإجتماعي أيضاً مؤكدة على الشعائر التي يتوفر فيها عنصر التفاعل الوجداني القلبي مع ملحمة سيد الشهداء وكذلك على الإهتمام بزيارته – صلوات الله عليه – من قرب أو من بعد.
وبهذا تنتهي أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حلقة اليوم من برنامج (الشعائر الحسينية منطلقات وبركات) تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته سالمين.