السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله وتقبّل الله أعمالكم وأنتم تعظمون شعائر الله عزوجل بتعظيم شعائر وليه سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
نلتقيكم بتوفيق الله في الحلقة الثالثة من هذا البرنامج، نتابع فيها الحديث عن الأصول والأدلة التي تحث المؤمنين على إقامة الشعائر الحسينية.
وقد تحدثنا في الحلقات السابقة عن إثنين من ابرز الأدلة القرآنية التي نستهدي بها لإقامة الشعائرالحسنية، الأولى كونها من أبرز مصاديق شعائر الله التي دعانا الله عزوجل لتعظيمها واعتبر تعظيمها من تقوى القلوب أي من صفات المتقين، أما الدليل الثاني فهو كون الشعائرالحسينية تمثل ابرز مصاديق النهضات النبوية التي قامت سنة القرآن الكريم على تمجيدها في كثير من آياته الكريمة لإشتمالها على تعزيز ركني الولاية والبراءة وهما من أساس الدين الحق.
وفي هذا اللقاء نتناول أيها الأخوة والأخوات الدعوة لإقامة الشعائرالحسينية في سنة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله. فتابعونا مشكورين.
أيها الأخوة والأخوات، يمكن بيسر استنباط الدعوة المحمدية لإقامة الشعائر الحسينية من الأحاديث الكثيرة التي رواها حفاظ السنة النبوية من الفريقين والتي أخبر فيها رسول الله صلى الله عليه وآله بما سيجري على الحسين عليه السلام من ظلم على يد بني أمية والشجرة الملعونة في القرآن الكريم، ويمكن مراجعة هذه الأحاديث مجموعة في الجزء العشرين من موسوعة الإمام الحسين عليه السلام ومعرفة مصادرها من كتب السنة والشيعة….ونحن هنا نكتفي بنقل حديث واحدٍ جامع مروي في تفسير الإمام العسكري عليه السلام جاء فيه:لما نزلت آية (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم) في اليهود أي الذين نقضوا عهد الله وكذبوا رسل الله وقتلوا أولياء الله، (لما نزلت هذه الآية) قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
أفلا أنبئكم بمن يضاهيهم من يهود هذه الأمة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله "قومٌ من أمتي ينتحلون أنهم من أهل ملتي، يقتلون أفاضل ذريتي وأطائب أرومتي، ويبدلون شريعتي وسنتي، ويقتلون ولديّ الحسن والحسين كما قتل أسلاف اليهود زكريا ويحيى…"
ألا وإن الله يلعنهم كما لعنهم، ويبعث على بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هادياً مهدياً من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف أوليائه الى نار جهنم. ألا ولعن الله قتلة الحسين عليه السلام ومحبيهم وناصريهم والساكتين عن لعنهم من غير تقية تسكتهم. ألا وصلى الله على الباكين على الحسين رحمة وشفقة، واللاعنين لأعدائهم والممتلئين عليهم غيضاً وحنقاً، ألا وإن الراضين بقتل الحسين شركاء في قتله، ألا وإن قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم براءٌ من دين الله. إن الله ليأمر ملائكته المقربين أن يتلقوا دموعهم المصبوبة لقتل الحسين الى الخزّان في الجنان، فيمزجوها بماء الحيوان فتزيد عذوبتها وطيبها ألف ضعفها. وإن الملائكة ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين، يتلقونها في الهاوية ويمزجونها بحميمها وصديدها وغساقها وغسلينها فيزيد في شدة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها يشدد بها على المنقولين إليها من أعداء آل محمد عذابهم…
أيها الأخوة والأخوات، يستفاد من لغة هذا الحديث الشريف أنه جاء ضمن خطبة لرسول الله _صلى الله عليه وآله_ أخبر الخاص والعام بأمرما سينزله بعترته الطاهرة طواغيت الشجرة الملعونة في القرآن الكريم، وكل ذلك يكشف عن حرصه صلى الله عليه وآله على أن تعرف الأمة الاسلامية بذلك، فما الذي كان يريده من ذلك وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى؟ لنستمع معاً لما يقوله في الإجابة عن هذا السؤال ضيفنا الكريم سماحة (السيد حسن الكشميري الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة).
السيد حسن الكشميري: السلام عليكم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله ال الله
طبعاً النبي صلى الله عليه واله استعرض هذا المعنى اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة وفي تواريخ متعددة وطبعاً المضمون هو واحد ولكن النصوص قد تختلف فمرة النبي صلى الله عليه واله كان يردد ان ابني الحسين يقتل بأرض العراق فمن ادركه فلينصره هذا ورد في كنز العمال للمتقي الهندي وفي اسد الغابة وفي مسند الامام زيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه، ورد هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه واله يوم بشر بميلاد الحسين وكان واقفاً عند الباب فندت من عينيه دمعة فسألته صفية ابنة عمه فقال لها هذا جبرئيل يخبرني ماذا سيجري على ولدي هذا وذكر النبي بعض مايمر على الحسين عليه السلام. في الواقع ايها الاخوة ايتها الاخوات النبي صلى الله عليه واله استشف من وراء الغيب طبعاً النبي لايقول الا من عند ربه وحتى ان الامام علي والامام الحسين لما كان الامام الحسين يتحدث كان يقول حدثني ابي او حدثني جدي رسول الله، النبي صلى الله عليه واله اخبره الغيب بما يمنى به الاسلام من اخطار هائلة وفتن على ايدي بني امية وانه لايمكن بأي حال من الاحوال تجديد رسالته وتخليد مبادئه الا بدماء زاكية وطبعاً النبي لما اخبر الامة الاسلامية بما سيجري على الحسين كان ذلك هدفه الاسمى القاء الحجة على المسلمين وتوضيح المواقف القادمة والاخطار المقبلة التي ستلم بالعالم الاسلامي وان هناك فوهات وتعرجات يمربها الاسلام ويحتاج الى تضحيات خالدة وفي مقدمة هذه الاضاحي ولده الحسين عليه السلام، انه هو يكون الدرع كما اخبر النبي بصريح القول ان الحسين سيكون هو الدرع الواقي لصيانة الاسلام لذلك عهد النبي اليه بالتضحية والفداء ولذلك لما جاء بعض الصحابة او الصحابيات ولاوقت لذكر اسماءهم، لاينكرون ولكن يعذلون من باب الاشفاق على الحسين عليه السلام ان لايخرج الى العراق فقال لهم الحسين عليه السلام "امرني رسول الله بأمر وانا ماض اليه" اذن النبي صلى الله عليه واله نعى الحسين الى العالم الاسلامي والى المسلمين واحاطهم علماً بأستشهاده وبما يعانية من اهوال المصائب وكان النبي دائماً بطريقة او بأخرى يتفجع على الحسين ويلعن قاتل الحسين وكذلك اخبر الامام امير المؤمنين بنفس الخط بشهادة الحسين ومايجري عليه وكان ابو عبد الله الحسين على ايمان صادق ونفس مطمئنة وقلب واثق بما يجري عليه لأنه سمع ذلك من امه فاطمة الزهراء نقلاً عن جده وسمع ذلك من ابيه امير المؤمنين وسمع ذلك من جده رسول الله فأيقن بالشهادة وقبلها راضياً بنفس مرضية ولم يكن له اي امل في الحياة فمشى الى الموت بعزم وتصميم كامل امتثالاً لأخبار جده ولتعليمات جده رسول الله الذي عهد بها اليه وبهذا وضع الحسين سلام الله عليه مصاديق كاملة لما كان يتحدث به رسول الله صلى الله عليه واله.
كانت هذه مستمعينا الأفاضل إجابة ضيفنا الكريم سماحة (السيد حسن الكشميري الباحث الاسلامي من مدينة قم المقدسة) على سؤالنا بشأن هدف النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله من إخبار امته بالملحمة والمظلومية الحسينية.
ومن إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج (الشعائرالحسينية، منطلقات وبركات)، ونعود بكم الى الحديث النبوي الذي نقلناه لكم قبل هذه الإجابة فنسجل بشأنه الملاحظات التالية:
أولاً: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أخبر صراحة بأن محرفي شريعته سيقدمون على قتل ذريته المعصومين – عليهم السلام وعلى رأسهم الحسنان – صلوات الله عليهم… وفي ذلك إشارة الى أن هدفهم من إرتكاب هذه الجرائم هو طمس معالم الشريعة المحمدية الحقيقية.
ثانياً: إن رسول الله لعن قتلة الحسين وأشياعهم وأتباعهم الى يوم القيامة.
ثالثاً: كما أنه – صلى الله عليه وآله أثنى على الذين يبكون على الحسين شفقة ورحمة وصرح بحب الله عزوجل لهذا العمل بحيث انه عزوجل يصلي على الباكين عليه -عليه السلام-، وأن للدموع المصبوبة قيمة كبرى بحيث تجمعها الملائكة المقربون وتكون ذخيرة لأصحابها تتضاعف بركاتها بما لم يخطر على ذهن بشر.
مستمعينا الأفاضل، وبالتأمل في الملاحظات المتقدمة المستفادة أيضاً من كثير من صحاح الأحاديث النبوية المروية في المصادر المعتبرة عند الفريقين، نتوصل الى النتيجة المحورية التالية وهي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد دعا في الواقع أمته الى يوم القيامة الى البكاء على الحسين عليه السلام وتعظيم الشعائر المرتبطة به لأن في ذلك حفظا للشريعة المحمدية الخالصة والدين الإلهي النقي الذين سعى قتلته -عليه السلام- لمحوه، كما أن في ذلك تمسكاً بالعروة الوثقى التي فيها قرب الله عزوجل والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.
مستمعينا الأكارم في الحلقة المقبلة من برنامج (الشعائرالحسينية منطلقات وبركات) سنتناول دليلاً آخر على أهمية إقامة الشعائر الحسينية مستفاد من السيرة النبوية نفسها وليس من الأحاديث الشريفة فقط… فإلى حينها نستودعكم الله ونحييكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعايته.