ورام ابن ميسون على الدين إمرة
فعاثت بدين الله جهراً جرائمه
فقام مغيثا شرعة الدين شبل من
بصمصامه بدء أقيمت دعائمه
أراد ابن هند خاب مسعاه أن يرى
حسيناً بأيدي الضّيم تلوى شكائمه
ولكن أبى المجد المؤثّل والإبا
له الذّلّ ثوباً والحسام ينادمه
أبوه عليّ، وابنة الطّهر أمّه
وطه له جدّ، وجبريل خادمه
إلى أن أعاد الدّين غضّاً ولم يكن
بغير دماء السّبط تسقى معالمه
*******
إخوتنا وأعزّتنا الموالين المؤمنين... السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ذكر جملة من المفسّرين والمحدّثين سبب نزول سورة القدر، وسورة الكوثر أمراً عجيباً، فقد جاء في صحيح الترمذيّ، في أبواب تفسير القرآن، والمستدرك على الصحيحين، للحاكم النّيسابوري الشافعيّ، وتفسير ابن جرير الطبريّ، وتفسير الفخر الرازيّ، والدرّ المنثور للحافظ السيوطّي الشافعيّ... وغيرها أنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وآله ـ أري في المنام بني أمية، ينزون على منبره نزو القردة، ويطأون منبره واحدا بعد واحد، فساءه ذلك وشق عليه …فاوحى الله اليه انما هو ملك يصيبونه، ونزلت السورة "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ*وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ*" وقد علق الامام الحسن _عليه السَّلام_ على الآية الاخيرة ان الف شهر هي المدة التي يملكها بنو امية، روى ذلك يوسف بن مازن الراسبي (كما في المستدرك على الصحيحين) ثم علق، يقول: فحسبنا ذلك ـ اي ملك بنو اميه ـ فاذا هو لا يزيد ولا ينقص. وقد اخرج الخبر هذا الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد، عن ابن عباس، فيما اكد الفخر الرازي في التفسير الكبير، والسيوطى، في الدر المنثور، وغيرهما في مواضع عديدة ان آية اخرى نزلت في هذا الشأن الخطير، وهي قوله تبارك وتعالى في سورة الاسراء: " وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ" ( سورة الاسراء الآية ٦۰) فقد رووا سبب النزول عن سعيد بن المسيب، قوله: راى رسول الله ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ بني امية ينزون على منبره نزو القرد فساءه ذلك. وكتب السيوطي: عن يعلي بن مرة، انه قال، قال: رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أرايت بني امية على منابر الارض، وسيملكونكم فتجدونهم ارباب سوء. قال سعيد: واهتم رسول الله لذلك اي دخله الهم فأنزل الله تعالى "وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ...". وفي صحيح الترمذي باب ما جاء في الخلافة، بسنده عن سعيد بن جمهان، انه قال لسفينة، مولى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم: ان بني امية يزعمون ان الخلافة فيهم فاجابه سفينة قائلا: كذبوا بنو الزرقاء هم ملوك من شر الملوك.
*******
ويكفينا ايها الاخوة الكارم مارواه المورخون لنا كابن ابي الحديد المعتزلي، في شرح النهج ، والجوهري، في السقيفة وفدك، والمسعودي، في مروج الذهب، ان ابا سفيان، دخل دار عثمان، حين بويع له فقال ابو سفيان، وكان قد عمي بصره افيكم احد من غيركم: فقال له بنو امية: لا، فنادى فيهم: يابني امية، تلقفوها تلقف الكرة، فو الذي يحلف به ابوسفيان، ما زلت ارجوها لكم ـ اي الامرة ـ ولتصيرن الى صبيانكم وراثة. وفي روايةٍ أخرى أنه قال: تداولوها يابني أمية تداول الولدان للكرة، فو الذي يحلف به أبوسفيان لا جنة ولا نار! وكان الزبير حاضراً، فقيل لأبي سفيان: إعزب! فسأل: ها هنا أحد:! فأجابه الزبير: نعم، والله لا كتمتها عليك!". وأما معاوية بن أبي سفيان – أيها الاخوة الأفاضل – فذاك قد أعلن على مسامع الملأ ومشاهد الناس، ينادي بهم: إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولتزكوا.. ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم. روى ذلك أبو الفرج الأصفهاني، في مقاتل الطالبين، عن أبي عبيد، عن يحى بن معين، والشيخ المفيد، في الارشاد. فأية شراهةٍ كانت لهذه الاسرة في الحكم! وقد تفاقمت في يزيد بن معاوية، ذلك الذي لم يتورع عن أي قتلٍ للاسلام والمسلمين، ليعيد لأسرته مجدها الجاهلي، ولينتقم لها لبدر ٍ وحنين وأحدٍ والأحزاب! وهنا يتساءل التاريخ، أي خطرٍ ذاك الذي الذي حل َّ بالاسلام حتى كاد يوأد، وأي بلاء ٍ نزل بالمسلمين حتى أوشكوا على أن يمسخوا، بعد تلك المفاسد والمظالم والتحريفات والانتهاكات التي شاعت في البلاد، وتفشت في العباد! مَنْ لكلّ هذا ياترى؟ لم يكن لهذا كله إلا الحسين، ولم ينجع في الحال إلا نهضة الحسين، وتضحيات الحسين، صلوات الله على الحسين، فشمَّرَ عن ساعد الجهاد باللسان، فأعلن رفضه ليزيد وبيعة يزيد، ثم خرج من المدينة مستنكراً فحلّ في مكة قبل موسم الحج الاكبر، فكانت له خطب وبيانات، وموقف ولقاءات، أفهم خلالها الناس بخطورة الأوضاع، وما آل اليه أمر الإسلام وشؤون المسلمين، حتى اذا أقدم يزيد، على قتله في بيت الله الحرام خرج أبو عبدالله الحسين (سلام الله عليه) الى كربلاء، حيث الملحمة العاشورائية الكبرى، والتي سيقتل فيها ليحيا الدين، وليقطع إرباً أرباً لتتحد جموع المسلمين، وليدفن في الطف ّ فيكون علماً ومناراً، ورمزاً ومزاراً، تحج اليه القلوب والأرواح فتحيا من جديد، بعد أن تقرأ قصة الحسين الشهيد.
*******