قال إمامنا محمد الباقر وجعفرالصادق عليهما أفضل الصلاة والسلام: "إن الله تعالى عوض الحسين عليه السلام من قتله أن جعل الامامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائره جائياً وراجعاً من عمره".
السلام عليكم مستمعينا الأفاضل وأهلاً بكم في هذه الحلقة وهي السابعة والعشرون والأخيرة من هذا البرنامج، نستنير فيها بالحديث الشريف الذي إستمعتم له آنفاً، وهو مروي في كتاب أمالي الشيخ الطوسي رضوان الله عليه، وقد جاء في تتمته أن محمد بن مسلم رضي الله عنه وهو راوي الحديث قد التفت الى أن هذه الأمور التي ذكرها الإمامان الباقر والصادق_ عليهما السلام_ بأن الله عزوجل عوض الحسين_ سلام الله عليه _ بها عن إستشهاده التضحوي إنما يعود نفعها للآخرين من الذين يتوسلون به _ عليه السلام_ الى الله عزوجل:
وهنا اثير في ذهن الراوي محمد بن مسلم عما أعطاه الله عزوجل للحسين_ عليه السلام_ مقابل فدائه العظيم، هذا السؤال الذي عرضه على الإمام الصادق _ عليه السلام_، قال محمد بن مسلم: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: هذه الخلال تنال بالحسين _ عليه السلام_، فما له في نفسه؟
أجاب الصادق_ عليه السلام_: إن الله تعالى ألحقه بالنبي _ صلى الله عليه وآله_
فكان معه في درجته ومنزلته ثم تلا _ عليه السلام قوله تعالى (في الآية ۲۱ من سورة الطور) "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ".
مستمعينا الأفاضل، من الواضح لمن تدبر في مجريات ملحمة سيد الشهداء أنه _عليه السلام_ خرج وضحى بما لا نظير له في التأريخ الإنساني من أجل حفظ دين الله الحق وطلباً للإصلاح في إمة جده المصطفى _صلى الله عليه وآله_. وتحقق ذلك إنما يكون بأستمرار الإمامة المعصومة الحاملة للنهج المحمدي بروح حسينية، ولذلك جعل الله عزوجل الامامة في ذرية الحسين _ عليه السلام_، وهذا هو سر التدبير الإلهي الحكيم الذي جعل مولانا الإمام زين العابدين يحضر مع أبيه واقعة كربلاء دون أن يستشهد _عليه السلام_ فيها...
لقد حضر الإمام السجاد واقعة الطف ليكون شاهدها، وأبقاه الله لما بعدها لكي ينقل نداء استنصار الحسين_ عليه السلام_ وبعد استشهاده للعالمين...وهذا أحد أسرار استمرار بكائه _ عليه السلام_ على المصاب الحسيني منذ يوم عاشوراء الى استشهاده على يد طواغيت بني أمية...
فقد كان بكاء سيد السجادين مثلما كانت أدعيته ورسالته في الحقوق وغيرها مما قام به سائر أئمة العترة المحمدية _ عليهم السلام_ من ذرية الحسين...فقد كانت جميعاً وسائل لنصرة الحسين _ عليه السلام_ وتلبية لندائه (هل من ناصرٍ ينصرني)...لأنها جميعاً وسائل لحفظ الدين الإلهي الحق الذي فداه الحسين بنفسه وأولاده وإخوانه وأصحابه في يوم عاشوراء.
ومن هنا يتضح أن باب نصرة الحسين مفتوحٌ الى يوم القيامة، كما يستبين لنا كيف نكون أنصاراً لسيد الشهداء _ عليه السلام_.
المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة نستمع له من ضيفنا الكريم سماحة (السيد جعفر العلوي الباحث الاسلامي من لبنان).
السيد جعفر العلوي: بسم الله الرحمن الرحيم
الامام الحسين حينما نادى في غوغاء كربلاء "الا من ناصر ينصرنا" لم يكن يعني فقط النصر الشخصي له وانما النصر لقضيته وهي الاسلام، الاسلام هو المحور الاساس والقضية الكبرى للامام سلام الله عليه فحينما قال "الا من ناصر ينصرنا" وحينما اراد ان ينصر فأن الامام بمعناه هو امام ليس امام عصره فقط وانما هو امام كل العصور وبالتالي فأن النصر المطلوب للامام هو نصر لكل الازمنة ولكل الاوقات بالتالي فأن الباب مفتوح على مصراعيه للذود عن الاسلام وعن حياض الدين ولكن ليس فقط مايريده الامام انصار بالقلم فقط او الفكر وان كان ذلك صحيحاً وانما كان يريد انصاراً استشهاديون مستعدون لكي يبذلوا النفس رخيصة في سبيل الله هذا هو النصر الحقيقي للامام سلام الله عليه في هذا الزمن وفي كل زمن قادم.
كانت هذه توضيحات سماحة (السيد جعفر العلوي الباحث الاسلامي من لبنان) بشأن سبل تقديم النصرة للحسين _ عليه السلام_ في كل زمان، فشكراً له وشكراً لكم مستمعينا الأكارم وأنتم تتابعون الإستماع لأذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران ونحن نقدم لكم منها الحلقة الأخيرة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام).
موضوع هذه الحلقة أيها الأعزاء هو عما عوض الله عزوجل به الحسين _ عليه السلام_ عن شهادته طبقاً لما جاء في حديث الإمامين الباقر والصادق_ عليهما السلام_، وقد عرفنا أن الأمر الأول هو أن الله عزوجل عوضه بأن جعل الإمامة في ذريته...
أما الأمر الثاني فهو أن الله عزوجل جعل الشفاء في تربته_ عليه السلام_، وقضية الإستشفاء بالتربة الحسينية من دلائل الإعجاز الإلهي التي نشهد باستمرار مصاديقها، فما أكثر الذين شفاهم الله جلت قدرته بالتربة الحسينية من أمراض عجز الأطباء يائسين عن معالجتها.
وبذلك أصبحت معاجز الفوز بالشفاء ببركة التربة الحسينية دلالة من الله جلت قدرته على حقيقة أن الدين الذي ارتضاه لعباده هو الذي أكمله في يوم الغدير وضحى الحسين عليه السلام يوم عاشوراء دفاعاً عنه وتخليداً وحفظاً له...وأن الدين الذي حمله قتلة الحسين_ عليه السلام_ وبحكمه فصلوا القرآن عن العترة المحمدية وبحكمه قتلوا الذرية المحمدية في كربلاء هو الدين الذي إبتدعه شياطين الإنس والجن ليطفؤا نور دين الله الحق...فما هو بدين الله بل هو دين شياطين الإنس والجن.
وهذه الدلالة يظهرها الله جلت قدرته كل يوم فيما عوض به الحسين _ عليه السلام_ عن شهادته من أمور أخرى كاستجابة الدعوات عند قبره وإكرام زائريه والتفضل عليهم بعظيم الثواب الجزيل...
أعزاءنا مستمعي صوت الجمهورية الاسلامية في ايران انتهت الحلقة الأخيرة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليها السلام) تقبل الله منكم حسن الإصغاء وجميل المتابعة لجميع حلقات البرنامج...نودعكم بقراءة الحديث الذي اخترناه مطلعاً للحلقة الأخيرة وهو:
قال إمامنا محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما أفضل الصلاة والسلام (إن الله تعالى عوض الحسين عليه السلام من قتله أن جعل الامامة في ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تعد أيام زائره جائياً وراجعاً من عمره).