روي عن إمامنا الامام جعفر الصادق _عليه السلام_ أنه قال: "ان إسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً" (سورة مريم٥٤)، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام)، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه، فأتاه ملك عن الله تبارك و تعالى فقال: ان الله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السلام".
السلام عليكم أيها الأحبة، وأهلا بكم في الحلقة السادسة والعشرين من هذا البرنامج، وقد إفتتحناها بحديث عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام مروي في كتابي كامل الزيارات وعلل الشرائع وغيرهما.
وهو نموذج لعدد كبير من صحاح الأحاديث الشريفة بعضها مروي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في مصادر الفرق الإسلامية الأخرى وبعضها الآخر مروي من طرق أئمة العترة المحمدية _عليهم السلام_ هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة تشترك في مضمونها العام وهو أن الله عزوجل أبلغ أنبياءه بشهادة وليه الحسين وما سيجري عليه صلوات الله عليه. أن بعض الأنبياء توسلوا الى الله عزوجل بالبكاء على المصاب الحسيني وبعضهم _عليهم جميعا صلوات الله وسلامه_ قد تقربوا الى الله عزوجل بمواساة الإمام الحسين و التأسي به _سلام الله عليه_ ومن هؤلاء نبي الله إسماعيل صادق الوعد _صلوات الله عليه_.
إن هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة تمثل في الواقع دعوة للمؤمنين بمختلف أجيالهم لمواساة الإمام الحسين والتأسي به _عليه السلام_ إقتداءً بالأنبياء العظام الذين واسوه و تأسوا به حسبما صرحت هذه الطائفة من الأحاديث الشريفة الكثيرة.
وهنا نسأل ما معنى مواساة الحسين و ما معنى التأسي به _عليه السلام_ وكيف نواسيه وكيف نتأسى به؟
عن هذا السؤال يجيبنا مشكوراً ضيفنا الكريم سماحة (الدكتور علي رمضان الاوسي الباحث الاسلامي من لندن) نستمع معاً:
السيد حسن الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد واله الطيبين الطاهرين
طبعاً في زيارة الحسين عليه السلام وبخصوص زيارات الامام الحسين بأبي هو وامي هناك تأكيد شديد من الائمة خصوصاً الامام الصادق عليه السلام والامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه وهكذا الامام الهادي والامام العسكري صلوات الله وسلامه عليهما، طبعاً هذا التأكيد من الائمة على زيارة الحسين عليه السلام يأتي في سياق مدارس اهل البيت وبأعتبار ان احدى المدارس المشعة لأهل البيت هي مدرسة الزيارة، زيارة الحسين عليه السلام تترك اثراُ تربوياً على الانسان يعني تعطيه كيفية التسلح بالصبر، الصمود المناسب امام التحديات، زيارة الحسين تمد الانسان بالالهام الروحي يعني حينما يأتي الزائر ويقف امام الحسين عليه السلام ويخاطبه السلام عليك ياوارث ادم، ياوارث نوح، ياوارث ابراهيم، الامام الصادق عليه السلام بهذه الجمل اعتبر الحسين عليه السلام وارثاً لستة من الانبياء ثم الامام علي بن ابي طالب وهذا امر يستوقف الانسان ويثير في النفس عن الخصوصية التي تستوجب هذا التخصيص مع ان كل الانبياء وكل الائمة وكل الصالحين من عباد الله هم من حملة الدعوة، هم ورثة الانبياء من دون فرق لكن اقتضى تخصيص هذا اللقب بسيد الشهداء الحسين عليه السلام والتأكيد على هذا الوصف في الكثير من النصوص الواردة في زيارة الحسين بأن في هذا الامر سراً وان ايضاح ذلك يقتضي ان نعيد النظر بأجمال وامعان في تاريخ الصدر الاول من الاسلام حتى استشهاد الامام الحسين وبالخصوص في حركة الثورة التي نهض بها ابو عبد الله الحسين. زيارة الحسين خصوصاً لما يأتي الزائر ويشاهد هذه الجموع الحاشدة وكأنه مشهد من مشاهد يوم القيامة، هذا المشهد يخرج الانسان، يعزله عن عالمه المادي وعن دنياه وعن كل مايتصل بهذه الدنيا ويدفع بالانسان ان يعيش جواً روحانياً على اي حال من الاحوال الزيارة لها عدة من المصاديق ومن اهم مصاديقها انها مصداق لمعنى "احيوا امرنا" حينما يؤكد الائمة سلام الله عليهم على زيارة الحسين ويركزون على الثواب الذي الله سبحانه وتعالى خص به زائر الحسين يردون من ذلك ان يدخل الانسان في عالم تهذيب النفس وفي عالم روحي، عالم ثري بالفضائل والمكارم ويصبح هذا الزائر في خط ادخال السرور على قلب رسول الله وعلى قلب فاطمة الزهراء سلام الله عليها وبالتالي فيه استجابة لنداء القرآن لما الله يأمر النبي "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى" من مصاديق التودد لآل الرسول هو زيارة ابي عبد الله الحسين بأعتبار ان الحسين عليه السلام خص بهذا. طبيعة الحال الله عزوجل مقابل هذه الدماء وهذه التضحيات وهذا الفداء اللامحدود تعطى لزائر الحسين وللحسين ولمحبي الحسين وللباكي على الحسين اعطاه من الثواب مالايعد ولايحصى. نسأل الله ان يجعلنا من زوار الحسين ان لم نتمكن في الحضور هناك نزور الحسين من مواقعنا ونتكهرب بهذه الروح المعنوية العالية التي تشدنا الى ابي عبد الله الحسين ومن ثم الى امه فاطمة الزهراء وابيه علي ابن ابي طالب عليه السلام ثم الى رسول الله صلى الله عليه واله وزيارة الحسين هي زيارة لرسول الله طبقاً لحديث النبي صلى الله عليه واله "حسين مني وانا من حسين" تقبل الله هذا العمل الجبار وهذا الموقف العظيم من زوار ابي عبد الله الحسين واشكركم على هذه الفرصة التي منحتموها اياي للتحدث بهذه الكلمات.
كانت هذه مستمعينا الأفاضل إجابة ضيفنا الكريم سماحة (الدكتور علي رمضان الاوسي الباحث الاسلامي من لندن) عن سؤالنا بشأن معنى وكيفية مواساة الحسين و التأسي به _عليه السلام_ فشكراً لضيفنا الكريم و شكراً لكم اعزاءنا مستمعي صوت الجمهورية الإسلامية في ايران وأنتم تتابعون هذه الحلقة من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) وكما علمتم فإن موضوعها هو مواساة وتأسي الأنبياء _عليهم السلام_ بسيد الشهداء الحسين _صلوات الله عليه_، وهذا الموضوع تحدثت عنه كثير من الأحاديث الشريفة، ومنها الحديث الذي افتتحنا به هذا اللقاء وهو مروي عن إمامنا الصادق _ عليه السلام _.
في هذا الحديث يحدثنا مولانا الصادق عن أحد الأنبياء العظام الذين ذكرهم الله عزوجل في القرآن الكريم وهو إسماعيل صادق الوعد الذي ورد ذكره في سورة مريم وقد مدحه الله عزوجل بكونه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً الأمر الذي يشير الي سمو مقامه _عليه السلام_ حيث جمع بين الرسالة والنبوة.
هذا الرسول النبي الجليل بعثه الله عزوجل الى قومه ليبلغهم رسالة ربه و يدعوهم _ كسائر الأنبياء _ للتوحيد والصلاح والهدى لكن قومه إستكبروا ولم يستجيبوا لدعوته الإلهية، ولم يكتفوا بتكذيبه بل _ وكما يصرح مولانا الإمام الصادق _ عليه السلام _ أخذوه وسلخوا فروة رأسه ووجهه _ سلام الله عليه _.
وفي هذا التعبير إشارة الى شدة الاذى والعذاب الذي أنزله بأسماعيل صادق الوعد قومه المستكبرون.. .وهنا بعث الله عزوجل له أحد الملائكة ورد في رواية أخرى عن الإمام الصادق _ عليه السلام _ أيضاً انه من ملائكة العذاب الإلهي، أي أنه نزل يستأذن هذا النبي الصابر في إنقاذه من طغيان قومه و ينزل بهم ما شاء من العذاب (جزاءً وفاقاً) على ما فعلوه معه.
الا أن هذا النبي الصابر أبى وقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين _ عليه السلام.
وهنا نلاحظ مستمعينا الأفاضل أن هذا النبي الصابر _ سلام الله عليه _ يتأسى بما سينزل بالحسين ويواسيه ويقتدي به بتضحيته _ عليه السلام _ وتحمله أشكال الأذى في واقعة كربلاء في سبيل الله وليكون هذا النبي الكريم مصباح هداية لأجيال قومه الآتية كما سيصبح الحسين عليه السلام مصباح هدى لأجيال المسلمين و البشرية جمعاء منذ واقعة الطف والى يوم القيامة.
إنتهى أحباءنا مستمعي إذاعة طهران الوقت المخصص لحلقة اليوم من برنامج (الحسين في كلام المعصومين)، تقبل الله منكم حسن الإصغاء لما تقدم منها ولمسك ختامها وهو الحديث الذي إخترناه لمطلعها نتبرك باعادة تلاوته وهو:
روي عن إمامنا الامام جعفر الصادق _عليه السلام_ أنه قال: "ان إسماعيل الذي قال الله تعالى في كتابه: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً" (سورة مريم٥٤)، لم يكن إسماعيل بن إبراهيم (عليه السلام)، بل كان نبيا من الأنبياء بعثه الله إلى قومه فأخذوه فسلخوا فروة رأسه ووجهه، فأتاه ملك عن الله تبارك و تعالى فقال: ان الله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال: لي أسوة بما يصنع بالحسين عليه السلام".