روي أن مولانا الإمام علي الهادي _عليه السلام_ مرض فأمر بأرسال أحد أصحابه الي الحائر الحسيني لكي يدعو له بالشفاء هناك، ثم قال _عليه السلام_:
"إنّ لله مواضع يحب أن يعبد فيها وحائر الحسين – عليه السلام – من تلك المواضع، إن لله تبارك وتعالى بقاعاً يحب أن يدعي فيها فيستجيب لمن دعاه، هي مواطن يحب الله أن يذكر فيها، فأنا أحب أن يدعي لي حيث يحب الله أن يدعى فيها".
السلام عليكم إخوة الإيمان والولاء... طابت أوقاتكم بكل ما تحبون وفوق ما تأملون على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج ومع استنارتين بكلام أهل بيت النبوة والعصمة والطهارة – عليهم السلام – عن شهيدهم الحسين – عليه السلام –.
الإستنارة الأولى هي بكلام مولانا عاشر أئمة العترة المحمدية الهادي – عليه السلام – والذي استمعتم إليه في مطلع البرنامج... أما الإستنارة الثانية فهي بكلام لإمامنا المهدي – عجل الله فرجه – عن المسبحة الحسينية...
نبدأ أعزاءنا بكلام إمامنا علي الهادي، وقد جاء ضمن حادثة رويت في عدة مصادر معتبرة وقد استجمعنا كلامه – عليه السلام – من روايات هذه الحادثة التي وردت في كتاب كامل الزيارات... وقد جاء كلام الإمام الهادي لرد استغراب بعض أصحابه من أن يقوم عليه السلام وهو إمام معصوم بأرسال شخص من خالص ماله لكي يدعو الله بشفائه في المشهد الحسيني...
بمعني أن الرجل استغرب لماذا لا يدعو الإمام لنفسه بالشفاء وهو معصوم لا يرد الله دعاءه قطعاً بدلاً من إرسال شخص غير معصوم لكي يدعو له بالشفاء في المشهد الحسيني؟
مستمعينا الأفاضل
الإمام الهادي _عليه السلام_ أزال هذا الإستغراب وأجاب عن السؤال المشار إليه بالتأكيد على الأمور التالية:
أولاً: إن الله عزوجل يحب أن يعبد وأن يذكر وأن يدعى في المشهد الحسيني ولذلك أمر بأرسال من يدعو الله له في هذا الحرم المقدس، تحبباً الى الله بفعل عمل يحبه عزوجل.
ثانياً: إن الله عزوجل يستجيب دعاء من دعاه في المشهد الحسيني سواء كان الداعي من المعصومين عليهم السلام أو من غيرهم فالإجابة مضمونة على كل حال.
ثالثاً: إن الجميع بما فيهم المعصومين _عليه السلام_ يتقربون الله عزوجل بالوسيلة الحسينية لخصوصيتها التي نبهت إليها كثير من الأحاديث الشريفة.
رابعاً: إن في كلام مولانا الإمام الهادي – عليه السلام – حثا للمؤمنين في كل زمان ومكان علي عدم الغفلة عن بركات عبادة الله وذكره ودعائه في حرم حبيبه ووليه وثاره الإمام الحسين عليه السلام.
مستمعينا الأفاضل ورد في رسالة لمولانا امام العصر المهدي المنتظر عجل الله فرجه مروية في كتابي تهذيب الأحكام والإحتجاج وغيرهما... إجابة منه عليه السلام على بعض اسئلة المؤمنين... وضمن إجابته يحث الامام المهدي المؤمنين على ذكر الله وتسبيحه بمسبحة مصنوعة من تراب قبر أبي عبدالله الحسين عليه السلام ويعتبرها أفضل لذكر الله من كل مسبحة.
عن هذه الإنارة المهدوية بشأن خصوصيات المسبحة الحسينية يحدثنا مشكوراً ضيفنا الكريم سماحة (الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الامام الصادق (ع) في صيدا) نستمع معاً لما يقوله:
الشيخ صادق النابلسي: اعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
دون ادنى شك عندما نتأمل في الكثير من الروايات الواردة عن اهل البيت سلام الله تعالى عليهم فيما يتعلق بالتربة الحسينية بل في مطلق الاثار التي يمكن ان تترك الكثير من الدلالات العميقة الروحية والمعنوية على الانسان المؤمن الذي يرتبط بأهل البيت سلام الله عليهم ومن جملة هذه الاثار التربة الحسينية التي ورد بحقها الكثير من الشفاء وانها تحيي القلوب وغير ذلك مما يعزز اعتقاد الانسان وايمان الانسان في ارتباطه بالله عزوجل. نحن نحمل مثل هذه الروايات على المحمل الحسن لابالتعبد بخصوص هذا الشيء المادي وانما بما يتركه من اثار روحية ومعنوية على قلب الانسان وروحه فنحن عندما نسبح الله تبارك وتعالى بهذه المسبحة التي يعتبر التراب الكربلائي، التراب الحسيني ينضح بكثير من الامور التي تشد الانسان الى الله تبارك وتعالى، نحن نؤكد على اهمية المكان هذا المكان مقدس وعلى اهمية التراب الذي جسد القيمة الرمزية والقيمة المعنوية والاخلاقية للامام الحسين سلام الله عليه، عندما نسبح بهذه المسبحة التي تحمل في طياتها وفي ثناياها تراب الحسين انما يكون التوجه الروحي اعمق وانما يكون التعلق بالله عزوجل اكثر وهذا الامر يذكرنا ايضاً بمصيبة الامام الحسين وبما حل بأهل البيت سلام الله تعالى عليهم وهناك الكثير من الشواهد على اهمية هذه التربة على مستوى الشفاء، هناك العديد من القصص التي يمكن تناولها في هذا المجال ولكن على مستوى الذكر وعلى هذا المحتوى وعلى هذا المنحى بالذات مثلاً عندما يذهب الانسان الى مكان مقدس كبيت الله الحرام وكالمسجد النبوي فأنما يشعر بأحاطة هذا المكان بالقداسة فيؤثر ذلك المكان في روحيته اكثر والامر على نفس المنوال عندما يتناول المسبحة التي ترابها من تراب كربلاء فأنه يزداد تعلقه بالله عزوجل ويشعر بروحية خاصة وبتعلق خاص بالله عزوجل فأذن هو من باب اشاعة الروحية الخاصة في علاقة الانسان بالله وليس هناك تعبد بهذه الاحجار بما هي احجار وانما بما تحمله من دلالات وبما تحمله من اجواء عابقة بذكر الله عزوجل.
كانت هذه توضيحات سماحة (الشيخ صادق النابلسي مدير حوزة الامام الصادق (ع) في صيدا) بشأن خصوصيات المسبحة الحسينية إستمعتم لها ضمن حلقة اليوم من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) فشكراً له...
نتابع أحباءنا مستمعي صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم البرنامج باشارة الى حقيقة تربوية مستفادة من كلا الحديثين المتقدمين المرويين عن إمامينا الهادي والمهدي _عليهما السلام_...
هذه الحقيقة التربوية هي أن الله يحب لعباده أن يكون تقربهم إليه عزوجل من باب سيد الشهداء –عليه السلام– وأن لا يغفلوا عن ذلك...
فأئمة الهدى _عليهم السلام_ وكما لاحظتم يصرحون بأن الله جلت حكمته يحب أن يعبد ويذكر ويدعى في مواضع منها المشهد الحسيني، وأنه عزوجل جعل تسبيحه بالمسبحة الحسينية أعظم ثواباً وهكذا الحال مع زيارة الإمام الحسين وكل ما يرتبط به _عليه السلام_.
وكل ذلك يشير الى عظمة آثار وبركات العبادة التي تكون مقترنة بالتفاعل الوجداني مع الملحمة الحسينية، والسر في ذلك أيها الأعزاء يبينه لنا الحديث القدسي الشهير: (أنا عند القلوب المنكسرة) فإنكسار القلب مفتاح إستجابة الدعاء وقبول العبادة...
وواضح أن التفاعل الوجداني مع المصاب الحسيني وهو المصاب الأعظم يؤدي على إنكسار القلب وبالتالي تهيأته للعبادة المقبولة عند الله عزوجل والذكر والدعاء الذي يحبه جل جلاله.
انتهى أحباءنا مستمعي صوت الجمهورية الاسلامية في ايران لقاء اليوم من برنامج (الحسين في كلام المعصومين عليهم السلام) نودعكم بتلاوة ثانية للحديث الشريف الذي اخترنا مطلعاً لهذا اللقاء وهو:
إنّ لله مواضع يحب أن يعبد فيها وحائر الحسين – عليه السلام – من تلك المواضع، إن لله تبارك وتعالى بقاعاً يحب أن يدعى فيها فيستجيب لمن دعاه، هي مواطن يحب الله أن يذكر فيها، فأنا أحب أن يدعى لي حيث يحب الله أن يدعى فيها.