يا أيها المصطفى بلغ جموعهم
نص الغدير ولا تخش الورى فرقا
فقام فيهم كما أوحى الإله له
مبلغاً في نطقه ذلقا
هذا (علي) إمام الحق بينكم
وفي إمامته القرآن قد نطقا
بسم الله الرحمن الرحيم وبه تعالى نستعين..
إنه خير ناصر ومعين
الحمد لله والشكر له دوماً وأبداً وصل اللهم على حبيبك الأمجد المصطفى محمد الصادق الأمين أحمد وعلى آله أولي السؤدد.
سلام الباري الرحيم الودود الرؤوف عليكم حضرات المستمعين ورحمة وبركات...
ها نحن معكم وعيد الغدير وتهنئة عطرة لكم معطرة بعطر الولاء والخير والبركة وحلقة أخرى من برنامجكم (أعلام الهدى).
مبروك وألف مبروك ومتابعة كريمة منكم أيها الأفاضل...
عيد الغدير وقد أكبرت من عظم
عيداً على كل عيد فضله سبقا
عيد به أصبح الإسلام مبتهجاً
وأصبح الكفر محزوناً به قلقا
عيد به أنزل الباري بمحكمه
نوراً بفضل (علي) شع منبثقا
بشوق عامر وغبطة تملأ القلوب تطلع المسلمون الى اللقاء العبادي السياسي الذي لم يشهد التأريخ نظيراً له من قبل عندما تحرك موكب النبي – صلى الله عليه وآله – في أواخر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة باتجاه مكة ليؤدي مناسك الحج وحيث اللقاء مع الجموع القادمة من أطراف الجزيرة العربية يحدوها هدف واحد وتحت راية واحدة يرددون شعاراً إلهياً واحدا.
"لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك".
وكان الرسول الأكرم – صلى الله عليه وآله – قد كتب الى الإمام علي – عليه السلام – في اليمن يأمره أن يلتحق به في مكة المكرمة ليحج معه، وأسرع الإمام بالخروج الى اليمن ومعه الغنائم والحلل التي أصابها هناك، والتقى بالنبي – صلى الله عليه وآله – وقد أشرف على دخول مكة، فاستبشر بلقائه وأخبره بما صنع في اليمن، ففرح خاتم المرسلين بذلك وابتهج وقال له: بم أهللت؟ فقال أميرالمؤمنين – عليه السلام - : يا رسول الله، إنك لم تكتب إلي بإهلالك ولا عرفته فعقدت نيتي بنيتك، وقلت اللهم إهلالاً كإهلال نبيك، وسقت معي من البدن أربعاً وثلاثين، فقال الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – : الله أكبر، وأنا قد سقت معي ستاً وستين، فأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك وعد الى جيشك وعجل به حتى نجتمع بمكة، أجل كان الأمير – عليه السلام – قد سبق الجيش حينما بلغ مشارف مكة وأمّر عليهم رجلاً منهم.
وأدى النبي – صلى الله عليه وآله – مناسك العمرة والحج والإمام علي – عليه السلام – معه، وقال – صلى الله عليه وآله - : منى كلها منحر، فنحر بيده الكريمة ثلاثة وستين، ونحر الإمام – عليه السلام – سبعة وثلاثين تمام المائة، ثم اجتمع الناس فخطب سيد الأنبياء – صلى الله عليه وآله – خطاباً جامعاً وعظ المسلمين فيه ونصحهم.
أتم رسول الله – صلى الله عليه وآله – والمسلمون مناسكهم في منى ثم رجع الى مكة فدخل فيها، وطاف طواف الوداع، ثم اتجه الى المدينة المنورة بنوره الوضاء الكريم.
يناديهم يوم الغدير نبيهم
بخم فأسمع بالرسول مناديا
وقد جاء جبرائيل عن أمر ربه
بأنك معصوم فلا تك وانيا
وبلغهم ما أنزل الله ربهم
إليك ولا تخشى هناك الأدعيا
وقبل أن نكمل حديثنا معكم حضرات المستمعين حول الغدير وأحداثه الطيبة نستمع الى ضيف البرنامج الموقر سماحة الشيخ خضر نورالدين الباحث الديني من لبنان وهو يتحدث اليكم عن دور المسلمين تجاه ما حدث في الثامن عشر من شهر ذي الحجة في غدير خم، نستمع معاً:
نور الدين: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى أهله الطيبين الطاهرين
نحن كمسلمين بحاجة الى توحيد الكلمة حيث أن الغرب اليوم وعلى رأسه الأمريكي والصهيوني يعملون على إثارة الفتن. بشكل عام عيد الغدير بالنسبة لنا نحن كأتباع لأهل البيت عليهم السلام هو عيد مهم جداً حيث أنه كما ورد في الروايات بعد إبلاغ النبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكما أمره الله سبحانه وتعالى وكما ورد في الروايات أكثر من مرة أن يقوم بهذا البلاغ وهو تعيين الامام عليه عليه السلام بعده كخليفة، وكان النبي كما يبدو يخشى تفرقة المسلمين فبالتالي جاءه الكلام "والله يعصمكم من الناس". من هنا نستطيع القول إن ماجاء في القرآن "أكملت لكم دينكم" أعتقد أن ولاية اهل البيت سلام الله عليهم هي إكمال للدين وإتمام للنعمة حيث أن الاسلام كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحاجة لمن يرعى تطبيق أحكام الاسلام بشكل سليم وأقرب الناس الى فهم النبي صلى الله عليه وآله كما جاء في أكثر من مقام هو الامام علي عليه السلام بل بإعتراف الجميع وبالتالي واضح أن الكلام هو حول من يستطيع تطبيق الاسلام الي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله ونشر احكامه ومفاهيمه. بالعموم نعتبر يوم الغدير هو يوم تنصيب الولي الذي يحفظ الدين بعد النبي الكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اشير الى أمر قد يختلف فيه البعض، نحن لانقول إن النبي عندما رحل الى ربه كان هناك حاجة لإتمام الدين، لا. الدين أكمل بالكامل في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الكلام في التطبيق والناس حديثي عهد بهذا الدين والكثير من الناس لم يعاشر النبي عن كثب او لم يعش مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكل مباشر وكان هذا الدين في الكثير من القضايا غير واضح وغير مفهوم وبحاجة الى من يسنه بالشكل الصحيح ويعمل على نشره ايضاً بالطرق التي تتناسب مع قيم الاسلام الانسانية ومع قيم الاسلام التي تعمل على حفظ القيم الانسانية بعيداً عن ماكان يعيشه العرب من عقائد وعادات وتقاليد وكانت تؤثر بشكل او آخر على الدين، أكثر الناس سهماً في الدين أكثر الناس قرباً للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو علي بن أبي طالب سلام الله عليه وكان تنصيبه يوم الغدير وفق لما جاء في القرأن الكريم أنه اكمل الدين بولاية علي بمعنى أنه يؤمن على هذه الأمانة التي يورثها علي فيما لو وصلت اليه بحيث تطبق أحكام الدين بالشكل الصحيح ويعمل على نشر الدين ايضاً بالشكل الصحيح وهذا امر بحاجة الى ندوات علمية وبحاجة الى توضيح حيث أن الكثير من وعاظ السلاطين من قديم الزمن والى يومنا هذا إستفادوا بشكل مغلوط من هذا الموضوع وفرقوا بين الأحاديث المختلفة مع أنه معلوم عند كل علماء المسلمين أنه عندما نريد أن نأخذ موضوعاً ما لنفهمه جيداً كان لابد أن نجمع جمعاً من الأحاديث وعما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونأخذ السياق العام في الكثير من القضايا، وعندما نجمع ماجاء عن الامام علي عليه السلام نقلاً عن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم نجد أن كل الكلام الذي يقوله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمهد لهذا الموضوع وقد يقال إن الخوف الذي كان عند النبي إنه ورث صهره، ورث إبن عمه وهذا امر أشار اليه أكثر من مرة أن علي هو باب مدينة العلم، علي اعلم الناس، علي اكثر الناس قرباً من النبي خلقاً وخلقاً، علي من هو تربى على يد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم منذ نعومة أظفاره عندما كان النبي في بيت عمه أبي طالب ولد علي عليه السلام وبالتالي يوم الغدير هو يوم الولاية ويوم إتمام النعمة ويوم إكمال الدين وحبذا لو أن الناس ينظرون الى هذا الموضوع من زاوية علمية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاورة: نشكر سماحة الشيخ خضر نور الدين الباحث الاسلامي من لبنان على مشاركته القيمة في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تحية لكم وألف تحية.
إخوة الإيمان..
ولما انصرف النبي – صلى الله عليه وآله – راجعاً الى المدينة ومعه تلك الحشود الغفيرة من المسلمين، وصل الى غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق أهل المدينة والعراق ومصر، وذلك في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، نزل إليه الوحي عن الله بقوله:
"يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ"
وأمره أن يقيم علياً – عليه السلام – علماً للناس ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة على كل أحد، وقد ضمن الوحي للرسول – صلى الله عليه وآله – أن يكفيه شر الحاقدين والحاسدين من الناس، أجل... لقد حمل هذا الخطاب الإلهي أمراً مهماً جداً فأي تبليغ مهم هذا قد طلب من الرسول – صلى الله عليه وآله – إنجازه ولم يكن قد انجز الى ذلك الحين؟ وقد أمضى النبي – صلى الله عليه وآله – ما يقارب ثلاثة وعشرين عاماً يبلغ آيات الله البينات وأحكامه السامية ويدعو الناس الى الدين الحنيف المبين، وقد نال ما مال من عظيم المحن والبلاء والجهد، كي يقال له: "وإن لم تفعل فما بلغت رسالته".
هنا أصدر النبي – صلى الله عليه وآله – أوامره بأن تقف القوافل حتى يلحق آخرها بأولها في يوم قائظ يضطر المرء فيه أن يلف رأسه وقدميه من شدة حر الرمضاء ليتلو عليهم أمر السماء ويتمم تبليغ الرسالة الخاتمة.
إنها الحكمة الإلهية أن يتم التبليغ في هذا المكان وفي هذا الظرف كي يبقى خالداً مترسخاً في وجدان الأمة، حياً في ذاكرتها على مر الزمن حفاظاً على الرسالة السمحاء والأمة الإسلامية الواحدة.
وجمعت الرحال وصنع منها منبر صعد عليه نبي الرحمة الإلهية بعد أن صلى في جموع المسلمين فحمد الله سبحانه وتعالى وأثنى عليه جل شأنه، وقال بصوت رفيع.
"أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب وإني مسؤول وأنتم مسؤولون فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك بلغت ونصحت وجاهدت فجزاك الله خيراً".
قال – صلى الله عليه وآله - : "ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال – صلى الله عليه وآله - : اللهم اشهد، ثم قال – صلى الله عليه وآله - : فإني فرطكم على الحوض وأنتم واردون عليّ الحوض وإن عرضه ما بين صنعاء وبصرى فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى مناد وما الثقلان يا رسول الله؟
قال صلوات ربي عليه وعلى آله: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عزوجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا.
والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فسألت ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب – عليه السلام – وعرفه الناس أجمعون.
فقال سيد البشر: "يا أيها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟"
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال – صلى الله عليه وآله - : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغائب.
ثم لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله بقوله تعالى:
"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً" فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله – : "الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي بعدي".
ثم أمر خاتم الأنبياء – صلى الله عليه وآله – أن تنصب خيمة لعلي – عليه السلام – وأن يدخل عليه المسلمون فوجاً فوجاً ليسلموا عليه بإمرة المؤمنين فقام الحاضرون كلهم بذلك.
أخا الرسول ويا نفس النبي علياً
من فيه قد باهل الرهبان مستبقاً
ويا خليفته حقاً وناصره
ويا وزيره حكاه سيرة، خلقاً
أضحى كهارون من موسى له خلفاً
وكان قدماً الى الإسلام سبقاً
بوركت في بيعة للحق أحكمها
أمين وحي بغير الحق ما نطقا
شكرا لمحبي الخير والإيمان
على حسن المتابعة ورائعها
ومبروك لحضراتكم، مرة أخرى تهنئة خاصة لمستمعينا مستمعاتنا الكرام... بمناسبة هذه الذكرى السعيدة ألا وهي عيد الغدير الأغر..
ونحن برفقة ما قدمناه لكم في برنامج أعلام الهدى وهذه الحلقة الخاصة منه بهذا العيد المبارك..
نرجو لكم من العلي القدير الأعلى أسعد الأوقات وأهنأها ودمتم بألف خير وسرور.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... الى اللقاء.