تالله إن كانت أمية قد أتت
قتل ابن بنت نبيّها مظلوما
فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها
هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على ألا يكونوا شاركوا
في قتله... فتتبعوه رميما
يا أبا عبد الله، إني أتقرب الى الله والى رسوله، والى أمير المؤمنين، والى فاطمة والى الحسن واليك، بموالاتك، وبالبراءة ممن قاتلك، ونصب لك الحرب وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليكم، وأبرأ الى الله والى رسوله ممن أسس أساس ذلك، وبنى عليه بنيانه، وجرى في ظلمه وجوره عليكم، وعلى أشياعكم، برئت الى الله واليكم منهم، وأتقرب الى الله ثم اليكم، بموالاتكم، وموالاة وليكم، وبالبراءة من أعدائكم، والناصبين لكم الحرب، وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم، إني سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، ووليّ لمن والاكم، وعدوّ لمن عاداكم.
معظم من أرّخ لحياة الامام الحسين صلوات الله عليه وشهادته المفجعة، عقد فصلاً حول تاريخ المرقد الحسيني الشريف، والوقائع التي جرت عليه، من جور الحكام على ذلك القبر الطاهر، كما كان ذلك الاهتمام من قبل الشيخ المجلسي أعلى الله مقامه، في الباب الخمسين من الجزء الخامس والاربعين من مؤلفه القيم (بحار الانوار، الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار)، والشيخ المحدث الفاضل عباس القميّ رضوان الله عليه في كتابه النافع (نفس المهموم ونفثة المصدور) فضلاً عما أورده رحمه الله من أخبار مسندة في كتابه الشهير (سفينة البحار، ومدينة الحكم والآثار).
كما ضمت هذه المصادر وغيرها أحاديث شريفة كثيرة وقصصا من تجارب المؤمنين والثقات بشأن الخصائص التي اختص الله جل جلاله بها تربة قبر الحسين (سلام الله عليه) من استحباب السجود لله عزوجل عليها والاستشفاء بها، ولا يخفى أن من التوحيد الصادق التعبد لله بطاعة أوامره الواردة في احاديث رسوله (صلى الله عليه وآله) من استحباب السجود على التربة الحسينية وليس في ذلك شيء من الشرك كما يزعم جهلة المفترين.
*******
المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة نستمع له من سماحة الشيخ علي الكوراني في حديثه الهاتفي التالي:
المحاور: التوحيد الصادق هو التعبد لله بطاعة اوامره الواردة في احاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لاستحباب السجود على التربة الحسينية وليس في ذلك شيء من الشرك كما يزعم جهلة المفترين، المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة نستمع له من سماحة الشيخ علي الكوراني؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، اتكلم في قصة كنت مع احد اصحابي نصلي في مسجد الامام الحسين (عليه السلام) في القاهرة وكان صاحبي بعيداً عني نسبياً حيث اخرج تربة وكان يصلي عليها، اجتمعوا عليه يناقشوه وانا بقيت جالساً وصاروا اربعة وخمسة وفيهم شيخ ازهري ايضاً يناقشوه حول التربة التي يصلي عليها الا ان جاء شخص ليس عالماً او طالب علم وقف قال: ماذا تتكلمون؟
قالوا: قل لهذا الحاج لماذا يصلي على هذا الحجر.
قال له: ايها الحاج ما هذا الحجر الذي تصلي عليه؟
قال: انا اصلي لله واسجد لله وهذه تربة من تربة كربلاء، قال الله انتم في هذا تتناقشون تعالوا معي، قاموا معه وذهبت معهم الى المدخل الذي جعلوه محراب مسجد الامام الحسين (عليه السلام) في مدخل لضريح المكان الذي جعلوه على مكان رأس الحسين (عليه السلام)، فقال: اقرأوا هنا، قرأنا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) حديث فوق الباب خص ولدي الحسين بثلاث (الائمة من ذريته والشفاء في تربته والدعاء مستجاب تحت قبته)، هذه التربة فيها الشفاء وتقولون له لماذا تسجد عليها اعطنيها يا حاج هذه آخذها انا لبيتي شفاء، اخذها، تغير حال اولئك المناقشين.
قالوا: يا حاج ما عندك منها؟
قال: ما عندي غير هذه التربة.
قالوا: اعطنا جزء منها، قسمها بينهم، الذي يستوعب كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) شفاء وتربة كربلاء شفاء وشفاء تربة كربلاء بمقدار حمصة تذوب في الماء وتستخدم للشفاء، عندنا نحن اكل التراب حرام، لكن في المذاهب الاخرى تأكل التراب بمقدار ما تريد، لماذا ذلك حلال ولما تصل الى كربلاء يكون حرام، فعندنا تربة كربلاء مقدسة وليس عجيباً ان يشفي الله عز وجل من شاء من عباده بها لها كرامات، الشفاء بتربة كربلاء يمكن ان يكون موضوعاً بكتاب وهذا امر واقع وكم من مؤمن اعطوا تربة كربلاء لبعض المخالفين او النواصب وشفي من مرضه ببركة تربة كربلاء، يذوبها في كوب ماء بمقدار الحمصة من تراب كربلاء يجعل الله فيها الشفاء ولماذا لا.
*******
نعود للحديث عن محاولات امحاء أثر قبر مولانا الحسين طبق ما ذكرته المصادر المعتبرة كتب الشيخ الطوسي في أماليه خبراً أسنده الى يحيى بن عبد الحميد الحمّانيّ، وفيه وبّخ والي الكوفة موسى بن عيسى على ما كان من كربه لقبر الحسين (عليه السلام) وجميع أرض الحائر، وحرثها وزرعها.
وروى الطوسيّ أيضاً خبراً آخر أسنده الى ابراهيم الدّيزج ـ وهو يهودي تظاهر بالاسلام، وكان المتوكل العباسيّ قد بعثه لتخريب قبر الامام الحسين (عليه السلام) فقال إبراهيم الديزج هذا يروي: نبشت القبر فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن عليّ، ووجدت منها رائحة المسك، فتركت البارية على حالها، وبدن الحسين على البارية، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، وأمرت بالقبر لتنخره وتحرثه، فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت الى الموضع رجعت عنه، فحلفت لغلماني بالله وبالايمان المغلظة لئن ذكر أحد هذا لأقتلنه!
وعن هشام بن محمد قال: لما أجري الماء على قبر الحسين (عليه السلام)، نضب بعد أربعين يوماً، وامتحى أثر القبر، فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يقبض قبضة ويشم التراب، حتى وقع على قبر الحسين (عليه السلام)، فبكى حين شمّه، وقال: بأبي انت وأميّ، ما كان أطيبك، وأطيب قبرك وتربتك! ثم أنشأ يقول:
أرادوا ليخفوا قبره عن وليّه
وطيب تراب القبر دلّ على القبر
وتلك قصة زيد، رجل من أهل الخير، لقب بـ (المجنون) غيظاً منه، لأنه ذو عقل سديد، ورأي رشيد، وقد أفحم كل لبيب، وقطع حجة كلّ خطيب، وكان لا يعي من الجواب، ولا يمّل من الخطاب. هكذا نقل عنه العلامة المجلسي في (بحار الانوار) يقول فيه:
روي ان المتوكل العباسيّ كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت رسول الله، وهو الذي أمر الحارثين بحرق قبر الحسين (عليه السلام)، وأن يخربوا بنيانه ويحفروا آثاره، وأن يُجروا الماء عليه من نهر العلقمي، بحيث لا يبقى له أثر، ولا يقف له أحد على خبر، وتوعد الناس بالقتل لمن زار قبر الحسين، وجعل رصداً من أجناده وأوصاهم: كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين فاقتلوه، يريد بذلك اخفاء آثار ذرية رسول الله. فبلغ الخبر الى زيد، فسمع بخراب بنيان قبر الحسين وحرث مكانه، فعظم عليه ذلك واشتد حزنه، وتجدد مصابه بسيده الحسين (عليه السلام). وكان مسكن زيد يومئذ بمصر، فلما غلب عليه الوجد لحرث قبر الامام خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه، شاكياً وجده الى ربه، حتى بلغ الكوفة، وكان البهلول يومئذٍ بالكوفة، فلقيه زيد فسلم عليه، فساله البهلول: من أين لك معرفتي ولم ترني قط؟!
قال زيد: يا هذا، إعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.
فسأله البهلول: مالذي أخرجك من بلادك بغير دابة ولا مركوب؟!
قال زيد: ماخرجت الا من شدة وجدي وحزني، وقد بلغني أنّ هذا اللعين (يعني المتوكل) أمر بحرث قبر الحسين (عليه السلام) وخراب بنيانه وقتل زواره، فهذا الذي أخرجني من موطني، ونغص عيشي وأجرى دموعي، وأقل هجوعي.
فقال البهلول: وأنا ـ والله ـ كذلك.
فقال له زيد: قم بنا نمضي الى كربلاء؛ لنشاهد قبور أولاد عليّ المرتضى.
فأخذ كل بيد صاحبه، حتى وصلا الى قبر الحسين (عليه السلام)، فإذا هو قد هدموا بنيانه، وكلما أجروا عليه الماء غار، وحار واستدار، بقدرة العزيز الجبار، فلم تصل قطرة واحدة الى القبر الشريف، فكان إذا جاءه الماء ارتفعت أرضه بإذن الله تعالى.
فتعجب زيد مما شاهده وقال: يا بهلول، «يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
*******