رضيعة الوحي.. شقيقة الهدى
ربيبة الفضل ... حليفة الندى
ربة خدر القدس والطهارة
في الصون والعفاف والخفارة
فانها تمثل الكنز الخفي
بالسر والحياء والتعفف
مليكة الدنيا... عقيلة النسا
عديلة الخامس من أهل الكسا
شريكة الشهيد في مصائبه
كفيلة السجاد في نوائبه
ما ورثته من نبي الرحمه
جوامع العلم اصول الحكمه
سر ابيها في علو الهمه
والصبر في الشدائد الملمه
ثباتها ينبي عن ثباته
كأن فيها كل مكرماته
قد تكون الهجرة من ضرورات حفظ النفس، ولكن هجرة زينب العقيلة (عليها سلام الله) هجرة رسالية، فيها حفظ الرسالة والدفاع عنها وصونها، وفيها من التكاليف الالهية التي تؤدي ثمارها في المستقبل ولو بعد حين.
فرافقت اخاها الحسين سيد شباب اهل الجنة - صلوات ربنا عليه- الى مكة ثم الى العراق حيث كربلاء، فصحبته في سفره الخطير صحبة من تقصد مشاطرته في انقاذ الدين وخدمته وترويج أمره، وهي تعينه في رعاية شؤون العيال من الاطفال والنساء، ولتبقى معه وبعده... تشهد واقعة الطف العظمى بجميع فصولها المفجعة الرهيبة، ثم تجمع اليتامى والأرامل وهم أسارى وتصبرهم فيستظلون بها، وتمضي معهم في ذلك الركب الكئيب الى الكوفة ثم الى الشام، وهي كالجبل الأشم، بعد ان تخوض واقعة يوم عاشوراء، فتنقل للناس المشاهد المهولة، وتبين لهم الاهداف المقدسة التي خرج من اجلها الامام الحسين (عليه السلام)، والمهم في ذلك انها اظهرت العزة الالهية وهي تقوم بهذه المهمة فلم تسمح لكل ما نزل بها وبأهل بيتها من عظائم المصيبات ان يؤثر عليها، وهذا من عظيم اخلاقها (سلام الله عليها) نسعى لتسليط المزيد من الضوء عليه في حوارنا التالي مع الشيخ علي الكوراني:
*******
سلام من الله عليكم احباءنا ورحمة منه وبركاته وسلام على ضيف البرنامج الشيخ علي الكوراني:
المذيع: سماحة الشيخ في ضمن رعايتها العقيلة زينب لمسيرة السبايا ظهرت عليها حالة من العزة غير مألوفة في مواكب السبايا وحالات الاسر ما هو تفسيركم لهذه الحالة؟
الشيخ علي الكوراني: تفسير هذه الحالة امر اولاً يجب ان نعرف ان ابناء فاطمة الزهراء (عليها السلام) المباشرين لهم خصوصية وامتياز ومن خصوصياتهم انهم لا يدخلون النار يعني لا تمسهم النار كلهم في الجنة، هذه تدلنا على ان نوعيتهم نوعية خاصة، انما صاروا اهلاً للجنة بأنه محكوم عليهم بأنهم لن يعملوا ما يوجب اثمهم ودخولهم النار معناه انهم نوعيتهم خاصة، اذن من ناحية ابناء فاطمة المباشرين كلهم المعصوم منهم وغير المعصوم كلهم في هذه الدرجة ثم عندنا انها بنت امير المؤمنين وعلي (عليه السلام) وهذه متولدة من اجتماع النورين، النور الذي افترق في عبد الله وابي طالب اجتمع في علي وفاطمة (عليها السلام) اذن نستطيع ان نقول ان شخصية الصديقة الطاهرة زينب (عليها السلام) مأخوذة من امير المؤمنين ومن الصديقة الزهراء (عليها السلام)، عندما اسمع عن السيدة زينب من الخطباء يتأثر الانسان لكن هي اعلى من هذا بكثير مثلاً حالة الاباء تأبى ان الاولاد يأخذون الصدقات وان تأخذ منهم التمر هو الف باء النبي (صلى الله عليه وآله) عندما كان في يده الامام الحسن واخذ تمرة وهو طفل نزعها من فمه، هذه واجبات بينما القيم اعلى، كانت تعيش في عالم اعلى، القادة، الرؤساء، الجنود كلهم صغار في عينها، كذلك يزيد عندما تقول له لا استطيع ان احترمك بالفعل ماذا ترى هي معناه هي باي جو تعيش، خذ مجموعة الصفات والقيم في الزهراء (عليها السلام) معرفتها لله، عبادتها، شجاعة امير المؤمنين (عليها السلام)، في الواقع زينب تجسيم للزهراء وامير المؤمنين (عليه السلام)، مجسم صغير لهذين العظيمين لذلك وفي اي جانب بلاغتها لما تقرأ خطبها ترى انها تغرف من اي بحر، بحار من المعاني ومن المطالب ومن النور، لما تتصرف لما تتكلم وحتى لما تبكي وتتفاعل كلها معناها ان شخصية الصديقة الطاهرة زنيب تحتاج الى دراسة، هؤلاء الذين يدرسون الشخصيات من نصوصهم واعمالهم يعني مجموعة الاعمال والنصوص، العلماء يحللون ويجدون انها راقية وفوق النوعيات العادية وهذا ليس غريباً مادامت هي بنت امير المؤمنين وبنت الزهراء (عليهما السلام).
المذيع: الشيخ علي الكوراني بقي سؤال لنا حول دورها في حفظ الامام زين العابدين (عليه السلام) لو سمحتم نوكله للحلقة القادمة.
*******
لقد أبلغت زينب العقيلة كل اهداف الحسين الشهيد من بعده، فكانت حلقة الوصل بين كربلاء والاجيال اللاحقة الممتدة الى يومنا هذا والى ما يشاء الله تبارك وتعالى. فتكون سلام الله عليها قد ادخلت السرور على اخيها ابي عبد الله سيد الشهداء في حياته، وعلى روحه الطاهرة بعد شهادته.
وطالما سعت العقيلة المكرمة زينب ... وبكل اخلاص، في حفظ اخيها الحسين، في مواقف عديدة وعصيبة، فعاضدته في سفرها الى كربلاء، وآزرته واعانته، ثم احاطته بمحبتها الاخوية الشفيقة، فعند شهادة علي الاكبر كان هنالك موقف حزين مفجع تداركته زينب الكبرى، فروي انها علمت ان الحسين اذا رأى ولده الاكبر موزراً على الارض، ووقف عند جسده المقطع ارباً ارباً، لفارقت روحه الحياة، فخرجت (عليها السلام) من الخيام ووصلت الى جسد الشهيد علي الاكبر ابن اخيها الحبيب قبل ان يصل اليه ابوه الحسين (سلام الله عليه) لتواسيه قبل ان يقف على ذلك الجسد الطاهر، ولتشغله عنه شيئاً ما، ومع ذلك رئي ابو عبد الله الحسين يجود بنفسه على ولده الاكبر حزناً عليه وهو يراه بتلك الحالة وكان اشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان سلواه عن فراق جده المصطفى.
وكان من تسلية زينب العقيلة (عليها السلام) لأخيها الامام الحسين (عليه السلام) ومواساتها له ان تقبلت كل وصاياه التي اوصاها بها وائتمنها عليها، فهنيء بذلك وسعد، وقد امرها بالصبر وشد على قلبها بدعائه لها، واكد وصاياه لها لتتقوى بذلك على تحمل الرزايا والبلايا العظمى التي ستنهال عليها كالسيل الجارف، فكان عليها ان تنهض بالنيابة الخاصة عن اخيها، وتحفظ ابن اخيها العليل زين العابدين، وترعى العيال في تلك الواقعة العصيبة، وتضحي وتواسي، وتعمل بما اوصاها اخوها وامام زمانها الحسين بعد شهادته، ونزول النكبة الكبرى... فكانت تراجعه في حياته، ثم لم تطق فراقه، فراجعته وهو طريح الثرى بعد شهادته...
لم انس لا والله زينب اذ مشت
وهي الوقور اليه مشي المسرع
تدعوه والاحزان ملء فؤادها
والطرف يسفح بالدموع الهمع
انعم جواباً يا حسين أما ترى
شمر الخنا بالسوط الم اضلعي
فأجابها من فوق شاهقة القنا
قضي القضاء بما جرى فاسترجعي
وتكفلي حال اليتامى وانظري
ما كنت اصنع في حماهم فاصنعي
*******