السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم بأنوار الهداية القرآنية المفعمة بكل خير.. معكم في وقفة أخرى في رحاب الآيات الكريمة الناطقة ببيان وسائل حفظ الحياة الطيبة الكريمة للفرد والمجتمع.
ومن هذه الوسائل إجتناب كل ما من شأنه إثارة الشحناء والبغضاء بين الناس، تابعونا مشكورين.
قال الله الرحيم بعباده في الآية الحادية عشر من سورة الحجرات؛
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ".
وهكذا تحذرنا هذه الآية الكريمة من ثلاثة ممارسات تنغص على الإنسان الحياة الطيبة الكريمة، الأولى هي السخرية بالآخرين سواءً كانت لعيب ظاهري في الخلق أو لفقر أو لخطأ في قول أو عمل.
فالسخرية من شأنها أن تثير في قلب الآخرين كوامن العزة بالإثم أو البغض لمن سخر منه وتربص الدوائر به لكي ينتقم منه فيسخر منه كما سخر، وفي ذلك هدر للطاقات وإثارة للنزاعات التي قد تبدأ بأمور صغيرة وتنتهي إلى عواقب وخيمة على الجميع.
أما الممارسة الثانية التي تنهى عنها هذه الآية الكريمة فهي المشار إليها في قوله عزوجل (ولا تلمزوا أنفسكم) ومعنى اللمز هو إشهار معايب الآخرين، والآية الكريمة تشير بلطافة إلى أن لمز المسلم للمسلم إنما هو لمز لنفسه لأن المسلمين كيان واحد فلمز أي منهم لمز للجميع، هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن إشهار أي فرد لعيوب الآخرين يدفعهم في النهاية إلى تقصي عيوبه وفضحه بها، وبالتالي يكون لمزه للآخرين مقدمة لأن يلمز نفسه، وهذا من أبلغ الكلام.
أيها الأكارم، أما الممارسة الثالثة التي تنهى عنها الآية الكريمة المتقدمة فهي التنابز بالألقاب ومعناه ذكر الإنسان للآخرين بما يكرهونه من الأسماء والألقاب أو إطلاق ألقاباً غير محببة على الآخرين فيها تحقير لهم، وأسوء هذه الألقاب ما كان فيه مظاهر للفسق.
وفي كل ذلك تكدير للقلوب وإثاره البغضاء والأحقاد، لأن الإنسان يحب أن يذكر بالخير والجميل من الصفات والألقاب ويكره أن يذكر بأضدادها، وقد ورد في سيرة النبي وأهل بيته – عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام – أنهم كانوا يذكرون الناس بأحب الأسماء والألقاب إليهم تطييباً لقلوبهم وتعليماً للناس أن يجتنبوا كل ما يبعث الكراهية وينغص الحياة الطيبة الكريمة؛ وفقنا الله وإياكم للإقتداء بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
وإلى لقاء آخر من برنامج (آيات ناطقة) دمتم في رعاية الله سالمين آمنين والحمد لله رب العالمين.