عجباً لمصقول علاك فرنده
يوم الهياج ... وقد علاك غبار
ولاسهم نفذتك دون حرائر
يدعون جدك والدموع غزار
هلا تكسرت السهام وعاقها
عن جسمك الاجلال والاكبار
هل يظن ان واقعة كواقعة الطف، ونازلة كنازلة كربلاء، ومصيبة كمصيبة سيد الشهداء، تجري ثم لا تضطرب النواميس، ولا تتغير الطبائع، ولا تختل الاشياء؟! هذا التساؤل تجيب عليه جملة وافرة من الاخبار الواردة في عيون وثقات كتب المسلمين، نمر عليها، كي تطمئن النفوس والقلوب ان الله تعالى قد غضب يومها، واعلم تبارك وتعالى الدنيا بغضبه، وان الذي قتل هو ولي لله، عظيم شأنه عند الله... وان القوم كانوا اقدموا على امر مهول كادت السماوات ان يتفطرن منه، والارضون ان تنشق له، وكادت الجبال ان تخر من ذلك هدّا! وكان لكل ذلك علامات، وآيات.
في نظم درر السمطين في فضائل المصطفى والمرتضى والبتول والسبطين ـ ص220 من طبعة القضاء، كتب مؤلفه الشيخ جمال الدين محمد بن يوسف الزرندي، الحنفي المذهب، قال: روى ابو الشيخ في كتاب السنة، بسنده انه يوم قتل الحسين، اصبحوا من الغد وكل قدر لهم طبخوها صار دماً، وكل اناء لهم فيه ماء صار دماً!
وروى الهيثمي الشافعي في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص196 قال: عن دويد الجعفي، عن ابيه قال لما قتل الحسين انتهبت جزور من عسكره وهي من الابل ما كمل خمس سنين، فلما طبخت اذا هي دم قال ابن حجر الهيثمي رواه الطبراني ورجاله ثقات.
وفي مؤلفه تاريخ الاسلام ج2ص 348 طبعة مصر روى الذهبي الحنبلي المذهب قال، قال حماد بن زيد، حدثني جميل بن مرة قال اصابوا ابلاً في عسكر الحسين عليه السلام يوم قتل، فنحروها، وطبخوها، فصارت مثل العلقم، ثم رواه الذهبي في كتابه الاخر سير اعلام النبلاء ج3 ص211 من طبعة مصر، فيما زاد ابن حجر العسقلاني الشافي في تهذيب التهذيب ج2 ص353 طبعة حيدر آباد بعد قول حماد مثل العلقم فما استطاعوا ان يسيغوا منها شيئاً.
ثم تناقل الخبر هذا الحافظ السيوطي الشافعي في كتابيه الخصائص الكبرى ج2 ص126 طبعة حيدر آباد وتاريخ الخلفاء ص80 طبعة الميمنية بمصر وقال فيه، ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، كذلك نقله الخوارزمي الحنفي في مقتل الحسين ج2 ص90 طبعة الغري، وابن عساكر الدمسقي الشافعي في تاريخ مدينة دمشق ج4 ص340 طبعة روضة الشام، والشبلنجي الشافعي في نور الابصار في مناقب آل النبي المختار ص123 من طبعة مصر، كلهم عن حماد بن زيد، عن جميل بن مرة، اما سبط الجوزي، الحنبلي، فقد جاء بسند آخر يصل الى ابن مرة لينقل الخبر عن ابي الوصي ومروان بن الوصي انه قال، نحرت الابل التي حمل عليها رأس الحسين واصحابه، فلم يستطيعوا اكل لحومها، وكانت امرَّ من الصبر!
وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ج2ص90 ومجمع الزوائد للهيثمي ج9ص196 وغيرهما ان الابل المنهوبة من عسكر الامام الحسين عليه السلام صار لحمها مثل العلقم وكانوا يرون النار تخرج منها.
ونعود الى نظم درر السمطين فنقرأ على الصفحة 220 من طبعة القضاء، قول الزرندي الحنفي، وروي ايضاً بسند الى حمامة بنت يعقوب الجعفية قالت: كان في الحي رجل ممن شهد قتل الحسين، فجاء بناقة من نوق الحسين، فنحرها وقسمها في الحي، فالتهبت القدور ناراً، فاكفيناها، أي قلبناها على الارض.
وكتب البيهقي وهو علم من اعلام السنة، في كتابه المحاسن والمساوئ على الصفحة 62 من طبعة بيروت قال وكانت معه أي مع الرجل المشار اليه ابل، فجزروها فصارت جمرة في منازلهم!
وكتب الطبراني في المعجم الكبير بسند ينتهي الى دويد الجعفي عن ابيه قال لما قتل الحسين رضي الله عنه، انتهبت جزور من عسكره، فلما طبخت اذا هي دم فاكفوها! روى عنه بعين ما تقدم الحافظ الهيثمي الشافعي في مجمع الزوائد ج9 ص196 طبعة مكتبة القدسي في القاهرة... ثم قال معلقاً ورجاله ثقات، كذلك روى الهيثمي في مجمعه هذا عن الحافظ ابن عساكر الدمشقي الشافعي من كتابه الشهير تاريخ مدينة دمشق ج4 ص340 من طبعة روضة الشام قال، وقال حميد الطحان: كنت في خزاعة فجاؤوا بشيء من تركة الحسين أي المنهوبة فجعلوه على جفنة وهي القصعة الكبيرة فلما وضعت صارت ناراً.
وفي رواية اخرى اكثر تفصيلاً، قيل لهم: ننحر او نبيع؟
فقالوا: انحروا.
قال الراوي: وهو حميد الطحان فجلست عند جفنة فلما جلست فارت الجفنة ناراً.
وكانت هذه وغيرها آيات مشيرة الى المصاب ذلك المصاب العظيم لابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه.
*******