السلام على الابدان السليبة، السلام على العترة القريبة، السلام على المجدلين في الفلوات، السلام على النازحين عن الاوطان، السلام على المدفونين بلا اكفان، السلام على الرؤوس المفرقة عن الابدان، السلام على الدماء السائلات، السلام على الاعضاء المقطعات السلام على الرؤوس المشالات.
اروحك ام روح النبوة تصعد
من الارض للفردوس والحور سجد
ورأسك ام رأس الرسول على القنا
بآية اهل الكهف راح يردد
كتب الخوارزمي وهو حنفي المذهب في كتابه (مقتل الحسين عليه السلام ج2 ص102 من طبعة الزهراء)، روي ان رأس الحسين عليه السلام لما حمل الى الشام، جن عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود، فلما شربوا وسكروا قالوا له: عندنا رأس الحسين.
فقال لهم: أروني اياه، فأروه اياه بصندوق يسطع منه النور الى السماء، فعجب اليهودي، واستودعه منهم فأودعوه عنده، فقال اليهودي للرأس وقد رآه بذلك الحال، اشفع لي عند جدك فانطق الله الرأس وقال: انما شفاعتي للمحمديين ولست بمحمدي.
فجمع اليهودي اقرباءه ثم اخذ الرأس ووضعه في طست وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر، ثم قال لاولاده واقربائه هذا رأس ابن بنت محمد ثم قال: والهفاه لم اجد جدك محمداً فاسلم على يديه، ثم والهفاه! لم اجدك حياً فاسلم على يديك واقاتل دونك، فلو اسلمت الان اشفع لي يوم القيامة فانطق الله الرأس فقال بلسان فصيح: ان اسلمت فانا لك شفيع قالها ثلاث مرات وسكت فاسلم الرجل اليهودي واقرباؤه.
وذكر ابن حجر الهيثمي في كتابه (الصواعق المحرقة ص119 من طبعة حلب) ان راهب دير رأى الرأس المقدس للامام الحسين عليه السلام على رمح، فسأل القوم فعرفوه به، فقال لهم بئس القوم انتم! هل لكم في عشرة آلاف دينار ويبيت الرأس عندي هذه الليلة؟
قالوا: نعم فاخذه وغسله وطيبه، ووضعه على فخذه وقعد يبكي الى الصبح، ثم اسلم، لانه رأى نوراً ساطعاً من الرأس الى عنان السماء، ثم خرج من الدير ونقل هذا الخبر ايضاً الشيخ القندوزي الحنفي في مؤلفه القيم (ينابيع المودة لذوي القربى على الصفحة 325 من طبعة اسلامبول بتركيا) ثم عاد القندوزي على الصفحة 352 لينقل عن ابي مخنف هذا الخبر المفصل، قال: نصبوا الرمح الذي عليه الرأس الشريف الى ان جن الليل، فنظرالراهب الى الرأس المكرم فرأى نوراً قد سطع منه الى عنان السماء ورأى الملائكة ينزلون ويقولون: يا ابا عبد الله عليك السلام.
فبكى الراهب وقال للحرس: ما الذي معكم؟
قالوا: رأس الحسين بن علي.
فقال: من امه؟
قالوا: امه فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى.
قال: صدقت الاحبار، سألوه ما الذي قالت الاحبار؟
قال: يقولون اذا قتل نبي او وصي، او ولد نبي او ولد وصي، تمطر السماء دماً فرأينا السماء تمطر دماً ثم قال: واعجباً من امة قتلت ابن بنت نبيها!
بعدها التفت الى القوم فقال لهم: انا اعطيكم عشرة آلاف درهم، على ان تعطوني الرأس الشريف فيكون عندي فأخذ الرأس المبارك المكرم وجعله في حجره ثم اخذ يقبله ويبكي ويقول: ليت اكون اول قتيل بين يديك، فاكون غداً معك في الجنة، واشهد لي عند جدك رسول الله باني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمداً عبده ورسوله، وحسن اسلامه.
وتبقى كرامات الرأس القدسي لسيد الشهداء ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه قصصاً وثقتها عيون كتب المسلمين، منها (تذكرة خواص الامة / لسبط ابن الجوزي الحنبلي)، و(رشفة الصادي، لابي بكر الحضرمي، لابي بكر الحضرمي الشافعي)، و(انساب الاشراف، للبلاذري)، الذي كتب على الصفحة 238 من الجزء الخامس كتابه هذا ان زوجة خولى الاصبحي رأت من التنور نوراً، فراعها ذلك فلما قربت منه سمعت اصوات نساء يندبن الحسين باشجى ندبه، فحدثت زوجها وخرجت باكية، ولم تكتحل ولم تتطيب، حزناً على الحسين، وكان اسمها (العيوف)، وقد ذكرها ابن كثير الحنبلي الدمشقي في تاريخه (البداية والنهاية ج 8 ص190)، بانها رأت النور يسطع من تحت الاجانة الى السماء وطيوراً بيضاً ترفرف حولها، وكان في الاجانة رأس ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه.
ويوم جيء بالرأس المقدس الى يزيد في قصره، كان قد حضر هناك رسول قيصر فقال: مستغرباً ان عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى، ونحن نحج اليه في كل عام من الاقطار ونهدي اليه النذور ونعظمه كما تعظمون كتبكم، فاشهد انكم على باطل!
فاغضب يزيد ذلك القول، وامر بقتله، فقام رسول قيصر الى رأس الحسين فقبله وتشهد الشهادتين، وعند مقتله سمع اهل المجلس من الرأس الشريف صوتاً عالياً فصيحاً: (لا حول ولا قوة الا بالله)، نقل ذلك ابن حجر الهيتمي الشافعي في الصواعق المحرقة ص 119، والخوارزمي الحنفي في مقتل الحسين ج2 ص72 وغيرها، كما جاء في الخطط المقريزية للمقريزي ج2 ص284 و289، والاتحاف بحب الاشراف للشبراوي الشافعي ص23 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص74 و75، والبداية والنهاية / لابن كثير الحنبلي ج 8 ص204، سير اعلام النبلاء للذهبي الحنبلي ج3 ص216، وغيرها من المصادر الشهيرة ان هنداً بنت عمرو بن سهيل زوجة يزيد بن معاوية حين رأت الرأس الشريف مصلوباً على باب دارها والنور الالهي يسطع منه، ودمه طري لم يجف، ويشم منه رائحة طيبة، دخلت مجلس يزيد مهتوكة الحجاب وهي تصرخ رأس ابن بنت رسول الله على باب دارنا!!
*******