ويل لأهل النفاق، وويل للمنقلبين على اعقابهم، والقاتلين لآل النبي، والممهدين لقتالهم.. الذين رخصوا لأهل الشبهة في قتل أهل بيت الصفوة، وابادة نسلهم، واستئصال شأفتهم، وسبي حرمهم، وقتل انصارهم، وقطع ذكرهم، يا مواليَّ يا اهل بيت رسول الله، لو عاينكم المصطفى وسهام الامة مغرقة في اكبادكم، ورماحهم مشرعة في نحوركم، وسيوفهم مولفة في دمائكم! نعم، هذا هو الذي جرى وكان، من قوم لم يرقبوا في نبي الله ولا في آله الا ولا ذمة، ولا عهداً ولا ميثاقاً، ولا شرعاً ولا خلقاً، فقتلوا وسلبوا، وسبوا ونهبوا، واقصوا وحبسوا وشردوا، وكان منهم ما كان في عاشر محرم كربلاء الطف من تمزيق للجسد الزاكي لسيد شباب اهل الجنة ابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، وتقطيع لاوصال أهل بيته واصحابه، بالسيوف والرماح والسهام والحراب، افيكون ذلك ولا غضب الهياً يبين او يظهر، ولا علامة تلفت وتنبه! لنقف عند الاخبار الواردة في كتب المسلمين، حتى نتبين الامر على حقيقته وواقعيته.
عن (حياة الحيوان للدميري) نقل الشيخ عثمان دده الحنفي سراج الدين العثماني في كتابه (تاريخ الاسلام والرجال ص386) هذا النص التأريخي: ثم ان عبيد الله بن زياد جهز عليَّ بن الحسين ومن كان معه من حرمه، بعدما فعلوا ما فعلوا، الى يزيد بن معاوية وهو يؤمئذ بدمشق مع الشمر بن ذي الجوشن في جماعة من اصحابه، فساروا الى ان وصلوا الى دير في الطريق فنزلوا فوجدوا مكتوباً على بعض جدرانه:
اترجو امة قتلوا حسيناً
شفاعة جده يوم الحساب؟!
فسألوا الراهب عن السطر ومن كتبه؟!
فقال: مكتوب هاهنا من قبل ان يبعث نبيكم بخمسمائة عام.
ونقل عين ما تقدم عن (تاريخ الاسلام والرجال) احمد بن داود الدينوري في كتابه الشهير (الاخبار الطوال ص109 من طبعة القاهرة)، والشيخ حسين بن محمد الديار بكري في كتابه (تأريخ الخميس ج2 مص299ـ من طبعة الوهبية بمصر).
كذا روى الخبر بعين ما تقدم الشبلنجي الشافعي في كتابه (نور الابصار في مناقب آل النبي المختار ص122 من طبعة القاهرة)، والكنجي الشافعي في (كفاية الطالب في مناقب علي بن ابي طالب ص290 من طبعة الغري) ولكن بهذا السند: اخبرنا المفتي ابو نصر هبة الله، اخبرنا علي بن الحسن الحافظ، اخبرنا ابو المعالي عبد الله بن احمد الحلواني، اخبرنا ابو بكر بن خلف، اخبرنا السيد ابو منصور ظفر بن محمد بن احمد الحسني، اخبرنا ابو الحسين علي بن عبد الرحمان بالكوفة، اخبرنا ابو عمرو احمد بن حازم الغفاري، اخبرنا سعيد التغلبي، اخبرنا ابو اليمان عن امام لبني سليم، عن اشياخ له قال: غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوباً:
اترجو امة قتلت حسيناً
شفاعة جده يوم الحساب؟!
فقلت للروم منذ كم كتب هذا في كنيستكم؟
فقالوا: قبل مبعث نبيكم بستمائة عام.
قال الكنجي الشافعي: هذا رواه ابن عساكر في تاريخه بطرق شتى.
وكتب البدخشي الحارثي، وهو من علماء السنة في كتابه (مفتاح النجا في مناقب آل العبا، على الصفحة 135 من هذا المخطوط)، قال: واخرج الحاكم في اماليه عن انس بن مالك، ان رجلاً من اهل نجران احتفر حفيرة فوجد فيها لوحاً من ذهب فيه مكتوب:
اترجو امة قتلت حسيناً
شفاعة جده يوم الحساب؟!
ويتكرر هذا الخبر وامثاله وقريب منه في مصادر المسلمين، وبصور عديدة، فالطبراني في "المعجم الكبير" يروي عن زكريا بن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمان الازدي، عن السري، بن منصور عن ابيه، عن ابن لهيعة، عن ابي قبيل انه قال: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما احتزوا رأسه، وقعدوا في اول مرحلة يشربون النبيذ يتحيون بالرأس، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط فكتب بسطر من دم:
اترجو امة قتلت حسيناً
شفاعة جده يوم الحساب؟!
فهربوا وتركوا الرأس، ثم رجعوا.
وفي رواية محب الدين الطبري على الصفحة 144 من كتابه "ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى ـ طبعة مكتبة القدسي بالقاهرة"، فبينما هم كذلك اذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد، وروى ذلك باسناد آخر الخوارزمي الحنفي في "مقتل الحسين عليه السلام ج2 ص93"، وابن العربي في "محاضرة الابرار ج2 ص160 طبعة مصر"، والكنجي الشافعي في "كفاية الطالب ص291 طبعة الغري"، وابن عساكر الشافعي في "تاريخ مدينة دمشق ج4 ص342 طبعة روضة الشام"، ومحمد بن احمد بن قايماز الدمشقي في "تاريخ الاسلام ج3 ص13 طبعة مصر"، والهيثمي الشافعي في "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج9 ص199 طبعة القدسي بالقاهرة"، وابن كثير الحنبلي الدمشقي في "البداية والنهاية ج8 ص200 طبعة القاهرة"، وابن حجر المكي الشافعي في "الصواعق المحرقة ص116 طبعة مصر"، والسيوطي الشافعي في "الخصائص الكبرى ج2 ص127 طبعة حيدر آباد بالهند"، وعبد الوهاب الشعراني في "الطبقات الكبرى ج1 ص23 طبعة القاهرة"، وباكثير الحضرمي في "وسيلة المآل في عد مناقب الآل ص197 من طبعة مكتبة الظاهرية بالشام"، وابن الصبان المالكي في "اسعاف الراغبين".
فيما حدث الشيخ البهائي في كشكوله، ان اباه الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي دخل مسجد الكوفة فوجد فص عقيق مكتوب عليه:
انا در من السما نثروني
يوم تزويج والد السبطين
كنت اصفى من اللجين بياضاً
صبغتني دماء نحر الحسين
*******