السلام عليك يا صاحب المصيبة العظمى التي جلت في السموات والارض فقد ناجزوك القتال، وعاجلوك النزال، ورشقوك بالسهام والنبال، وبسطوا اليك اكف الاصطلاح، ولم يرعوا لك ذماماً، ولا راقبوا فيك آثاماً، في قتلهم اولياءك، ونهبهم رحالك، وانت مقدم في الهبوات، ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات، فاحدقوا بك من كل الجهات، واثخنوك بالجراح، وحالوا بينك وبين الرواح.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته، واهلاً بكم في سابعة حلقات هذا البرنامج الذي نعرض فيه لبعض ما ذكره مصادر اهل السنة مما ظهر من آيات مصاب الحسين عليه السلام، وهي علامات مؤشرة منبئة عن غضب الجبار جل وعلا وسخطه على كل من قاتل الحسين وقتله، او امر بذلك او رضي به، او بايعه ثم خذله!
ولقد سبقهم الامام الحسين الى النصيحة، فخطب فيهم منبهاً لهم على ما اقدموا عليه، فنادى بهم يوم عاشوراء: ايها الناس اراكم قد اجتمعتم على امر قد اسخطتم الله فيه عليكم، واعرض بوجهه الكريم عنكم، واحل بكم نقمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد انتم، اقررتم بالطاعة وآمنتم بالرسول محمد صلى الله عليه وآله، ثم انكم زحفتم الى ذريته وعترته تريدون قتلهم.
اجل، فكان منهم القتل بعد النكث والغدر والخيانة، وكان من الله عز شأنه السخط والاعراض عنهم بوجهه الكريم، واحلال نقمته عليهم.. ولكن هل كان ذلك السخط الالهي والنقمة الالهية من ظواهر، او مشاهد او مظاهر؟! نعم، وهذا ما ستجيب عليه الاخبار بشواهدها، وشهودها، فالى ذلك.
في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى كتب محب الدين الطبري المكي الشافعي قال: روي من طريق ابن بنت منيع، وعن مروان مولى هند بنت المهلب قال: حدثني بواب عبيد الله بن زياد انه لما جيء برأس الحسين بين يديه، رأيت حيطان دار الامارة تسايل دماً.
وعن الذخائر اخذ ابن عساكر الدمشقي الشافعي في منتخب تاريخ دمشق وباكثير الحضرمي الشافعي المكي في وسيلة المآل في عدِ مناقب الآل اما بن حجر الهيثمي الشافعي، فقد ذكر في الصواعق المحرقة هذه العبارة، لما جيء برأس الحسين الى دار ابن زياد، سالت حيطانها دماً! ثم نقل نص هذه العبارة الشيخ سليمان القندوزي الحنفي.
وقد كان لابن حجر الهيثمي المكي الشافعي سند اخر في هذا الخبر، ذكره في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد حيث كتب وروي باسناده عن ابي غالب قال: حدثني بواب عبيد الله بن زياد انه لما جيء برأس الحسين فوضع بين يديه، رأيت حيطان دار الامارة تتسايل دماً.
واذا بقينا مع ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد، واضفنا اليه الكامل في التأريخ لابن الاثير ومقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي فاننا سنقرأ هذا الخبر العجيب، وقد اتفقت عليه المصادر السنية والشيعية ورواتها وهو: انه خرجت نار من بعض جدران قصر الامارة وقصدت عبيد الله بن زياد والي يزيد على الكوفة فقال ابن زياد لمن حضر عنده اكتمه، وولى هارباً من النار، فتكلم الرأس الشريف للامام الحسين عليه السلام بصوت جهوري الى اين تهرب يا ملعون؟ فان لم تنلك ـ أي النار ـ في الدنيا، فهي في الآخرة مثواك! ولم يسكت الرأس حتى ذهبت النار، فأدهش من في القصر.
ونقرأ في لطائف المعارف للثعالبي وتاريخ الخلفاء للسيوطي الشافعي وتذكره خواص الامة لسبط ابن الجوزي وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر والصواعق المحرقة وذخائر العقبى والكامل في التاريخ ومجمع الزوائد ومقتل الحسين للخوارزمي والبداية والنهاية لابن كثير الحنبلي وغيرها من المصادر ان عبد الملك بن عمير اللخمي قال: رأيت في قصر الامارة رأس الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام عند عبيد الله بن زياد على ترس، ورأيت رأس عبيد الله بن زياد عند المختار الثقفي على ترس.
وفي خبر آخر، تنقل هذه الكتب المعروفة، انه لما رجع ابن زياد من معسكره بالنخيلة، بعد واقعة كربلاء ودخل قصر الامارة ووضع امامه رأس الحسين الشريف، سالت حيطان القصر دماً، وخرجت نار من بعض نواحي القصر وقصدت سرير عبيد الله بن زياد، فولى هارباً منها ودخل بعض بيوت القصر، أي بعض حجره، فتكلم الرأس الازهر بصوت جهوري سمعه ابن زياد وبعض من حضر الى اين تهرب؟! فان لم تنلك في الدنيا فهي في الاخرة مثواك! ولم يسكت حتى ذهبت النار، ادهش من في القصر لهذا الحادث الذي لم يشاهده مثله.
نعم لم يشاهد مثله، ومع ذاك لم يرتدع عبيد الله بن زياد، بل اذن للناس اذناً عاماً وامر بأدخال السبايا، سبايا البيت النبوي، فادخلت عليه حرم رسول الله يستعرض بشماتة، كما لم يرتدع ابن زياد ولم يعتبر مما جرى من الانتقام الالهي من قتله سيد الشهداء، فقد روى المحب الطبري الشافعي في ذخائر العقبى انه لما قتل الحسين وجيء برأسه الى ابن زياد قال: ايكم قاتله؟
فقام رجل فقال: انا قتلته قال ابو معشر نقلاً عن بعض شيوخه ان الرجل بعدما حكى على ابن زياد كيفية قتله للحسين اسود وجهه.
*******