السلام عليك يا سيد شباب اهل الجنة اذ سرت في اولادك واهاليك، وشيعتك ومواليك، وصدعت بالحق والبينة، ودعوت الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وامرت باقامة الحدود والطاعة للمعبود، ونهيت عن الخبائث والطغيان، فواجهوك بالظلم والعدوان وبدأوك بالحرب، فثبت للطعن والضرب، فلما رأوك ثابت الجأش، غير خائف ولا خاش، نصبوا لك غوائل مكرهم، وقاتلوك بكيدهم وشرهم.
السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة اخرى من هذا البرنامج نفتتحها بالاشارة الى انه قد تواترت في كتب الحديث والسيرة انباءات رسول الله صلى الله عليه وآله واخباراته بشهادة سبطه الحسين، وان الامين جبرئيل عليه السلام قد اتاه بتربة حمراء من موضع مصرع الحسين وشهادته، هكذا روت عشرات المصادر منها المستدرك على الصحيحين للحاكم النسابوري الشافعي وتاريخ دمشق لابن عساكر من ترجمة حياة الشافعي وتاريخ دمشق لابن عساكر من ترجمة حياة الامام الحسين عليه السلام، ومقتل الحسين للخوارزمي الحنفي والبداية والنهاية لابن كثير ومجمع الزوائد لابن حجر الهيثمي والخصائص الكبرى للسيوطي والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي وغيرها كثير عن الصحابة الاوائل، منهم انس بن مالك وابو امامة، وام المؤمنين ام سلمة، وام الفضل بنت الحارث، وزينب بنت جحش وعائشة وابن عباس وغيرهم كثير، نقف على واحدة من رواياتهم ينقلها لنا الطبراني في معجمه الكبير وابن حجر في مجمع الزوائد والمتقي الهندي في كنز العمال والمحب الطبري في ذخائر العقبى والسيوطي في الخصائص الكبرى وغيرهم عن ابي وائل شقيق بن سلمة عن ام سلمة قالت كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وآله في بيتي فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان امتك تقتل ابنك هذا من بعدك، واومأ بيده الى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله ووضع الحسين على صدره.
ثم قال جبرئيل لرسول الله: وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ويح كرب وبلاء قالت ام سلمة، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ام سلمة، اذا تحولت هذه التربة دماً، فاعلمي ان ابني قد قتل قال الراوي شقيق فجعلتها ام سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر اليها كل يوم وتقول ان يوماً تحولين دماً ليوم عظيم!!
وهكذا نجد هذه الرواية ونظائرها في الصراط السوي في مناقب آل النبي للشيخاني القادري والمواهب اللدنية للقسطلاني، والطبقات الكبرى لابن سعد ومسند احمد بن حنبل وغيرها الا اننا هنا سنقف على المصادر الاخرى التي تكمل المشهد الذي عرض لنا في بيت ام سلمة رضوان الله عليها وذلك في تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني الشافعي وذخائر العقبى للمحب الطبري وتاريخ الخلفاء وسير اعلام النبلاء للذهبي ومرآة الجنان والكامل ومقتل الحسين للخوارزمي وغيرها جاءت هذه المصادر لتذكر ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد رأته ام سلمة في منامها اشعث مغبراً وعلى رأسه التراب فقالت له يا رسول الله ما لي اراك اشعث مغبراً؟!
فقال لها: ولدي الحسين وما زلت احفر القبور له ولاصحابه.
تقول ام سلمة: فانتبهت فزعة ونظرت الى القارورة التي فيها تراب ارض كربلاء فاذا بالتراب يفور دماً.
اجل وهو التراب الذي دفعه النبي صلى الله عليه وآله الى ام المؤمنين ام سلمة، وامرها ان تحتفظ به فلما رأته وقد صار دماً يفور في القارورة علمت ان اليوم العظيم الذي انبأها به رسول الله صلى الله عليه وآله قد حل، وكان يوم عاشوراء وكانت فاجعة طف كربلاء ويعني ذلك ان حبيب رسوله قد قتل، فصرخت ام سلمة وهي المتيقنة من انباءات رسول الله فلما سمع ابن عباس بكاءها وهي ام المؤمنين اسرع الى بيتها يسألها الخبر، فاعلمته بان ما في القارورة من تراب صار دماً يفور.
وتفد علينا مجموعة من المصادر وافرة تذكر رؤيا اخرى، ولكنها لابن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وآله ففي تاريخ دمشق لابن عساكر والكواكب الدرية للمناوي وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي والخطط المقريزية للمقريزي ومسند احمد بن حنبل وغيرها، ان ابن عباس رأى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامه يوم عاشوراء وهو اشعث مغبر، وبيده قارورة فيها دم، فسأله ابن عباس بأبي انت وامي يا رسول الله ما هذا؟!
فأجابه: هذا دم الحسين واصحابه، لم ازل التقطه منذ اليوم، ولا تعارض بين الروايتين، فقد تعددت آيات المصاب وتنوعت، حيث اظهر الله جل جلاله بعد شهادة الامام الحسين صلوات الله عليه بينات كثيرة شاهدها الجميع وتيقنها حتى صارت حجة الهية بالغة تحكي اعظم الظلم قد وقع على اقدس حرمات الله يومها، فكانت اليقظة وكان الانتباه، وكانت الدهشة وكان الذهول، وكانت الحيرة بعد ذلك والحجة والتكليف كل شيء اصبح جلياً واضحاً ان الله قد غضب، وان علامات غضبه سرت في الافاق وارتسمت امام العيون والعقول وثبتت عند الضمائر ان واقعة مهولة وقعت:
الله أي دم في كربلاء سفكا
لم يجر في الارض حتى اوقف الفلكا
واي خيل ضلال بالطفوف عدت
على حريم رسول الله فانتهكا
مقتل ترك الالباب حائرة
وبالعراء ثلاثاً جسمه تركا
*******