السلام على الحسين الذي سمحت نفسه بمهجته، السلام على من اطاع الله في سره وعلانيته، السلام على من جعل الله الشفاء في تربته، السلام على الاجابة تحت قبته، السلام على من الائمة من ذريته، السلام على الشفاه الذابلات، السلام على النفوس المصطلمات السلام على الارواح المختلسات، السلام على الجسوم الشاحبات، السلام على الدماء السائلات، السلام على الاعضاء المقطعات، السلام على الرؤوس المشالات.
كان ما كان يوم عاشوراء ثم كان ما كان بعد يوم عاشوراء قتل سيد الشهداء ابو عبد الله الحسين، فكأنما قتل المصطفى اذ كان يقول: حسين مني وانا من حسين، اجل وكأنما اهل البيت هم الذين قتلوا فقد عظمت فجيعته في الملأ يقول الامام الصادق عليه السلام وذلك ان اصحاب الكساء الذين كانا اكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة فلما مضى عنهم النبي صلى الله عليه وآله بقي امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضت فاطمة عليها السلام كان في امير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة فلما مضى امير المؤمنين عليه السلام كان للناس في الحسن والحسين عزاء وسلوة.
فلما مضى الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين عليه السلام عزاء وسلوة فلما قتل الحسين عليه السلام لم يكن بقي من اهل الكساء احد من الناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه اعظم مصيبة وكان امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام قد شاهدهم الناس مع رسول الله صلى الله عليه وآله في احوال في آن يتوالى فكانوا متى نظروا الى احد منهم تذكروا حاله مع رسول الله صلى الله عليه وآله وقول رسول الله له وفيه فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عز وجل ولم يكن في احد منهم فقد جميعهم الا في فقد الحسين عليه السلام، لانه مضى اخرهم فلذلك صار يومه اعظم الايام مصيبة، اجل وفي ذلك يقول الشاعر الاديب:
طف بي على ارض الطفوف وقل لها
مستعبراً اعلمت من بك مودع
فيك الامام ابو الائمة والذي
هو للفضائل والمناقب منبع
مولى بتربته الشفاء، وتحت قبته الدعاء
من كل داع يسمع
فيك الذي فيه النبي موكل
والطهر فاطم والبطين الانزع
فيك الذي اشجى البتول ونجلها
وله النبي وصنوه متفجع
فحياة اصحاب الكساء حياته
وبيوم مصرعه جميعاً صرعوا
تغيرت العوالم بل انقلبت وكانت منها دهشة رهيبة فاضطربت وكانت منها حالات ونواميس غريبة كيف؟ هكذا توالت الاخبار وتواردت الروايات عن صحف وفيرة دونتها ايدي علماء المذاهب الاسلامية عن توثيق واعتماد كان من ذلك ما كتبه الخوارزمي الحنفي في كتابه مقتل الحسين عليه السلام ج2 ص89 طبعة الغري باسناده عن يعقوب بن سفيان قال حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثتنا ام سرق العبدية حدثتني نضرة الازدية قالت لما قتل الحسين مطرت السماء دماً! فاصبحنا وكل شيء لنا مليء دماً!
وكتب محب الدين الطبري الشافعي في ذخائر العقبى لذوي القربى ص144 طبعة القدسي بالقاهرة ذكر ابو نعيم الحافظ في كتابه دلائل النبوة عن نضرة الازدية انها قالت لما قتل الحسين بن علي امطرت السماء دماً، فاصبحنا وجبابنا أي ابارنا وجرارنا مملوءة دماً!
كذا نقل ابن عساكر الدمشقي الشافعي في تاريخ مدينة دمشق ج 2 ص 339 طبعة روضة الشام قال ويقال ان السماء امطرت يومئذ دماً أي يوم قتل الحسين فاصبح اهل ذلك القطر وكل شيء لهم مملوءاً دماً، ومثل ذلك عن دلائل النبوة لابي نعيم الاصفهاني روى ابن حجر الهيثمي المكي الشافعي في الصواعق المحرقة ص 116 لطبعة عبد اللطيف بمصر، والسيوطي الشافعي في الخصائص الكبرى ص 126 طبعة حيدر آباد، وباكثير الحضرمي المكي الشافعي في وسيلة المآل في عد مناقب الآل ص 197 من المخطوطة، والشبلنجي الشافعي في نور الابصار في مناقب آل النبي المختار ص 123 طبعة مصر قال وروي ان السماء امطرت دماً، فاصبح كل شيء مملوءاً دماً.
وقبل ذلك كله قبل ان يتناقل الكثير من هذه الواقعة الرهيبة فتدون عن الافواه بثقة واطمئنان وتوثيق، وقفت العقيلة المكرمة زينب الكبرى في الكوفة بعد شهادة اخيها الامام الحسين عليه السلام، وقد جيء بها وبركب الرسالة وبنات الوحي اسارى فخطبت خطبتها الجليلة تلك وكان ان قالت فيما قالته لهم: ويلكم يا اهل الكوفة، اتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ واي كريمة له ابرزتم؟! واي دم له سفكتم؟! واي حرمة له انتهكتم؟! لقد جئتم شيئاً ادّا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا، ثم قالت لهم وقد ايقنوها حقائق لا تغطى ولا تنكر، ولقد جئتم بها خرقاء شوهاء، كطلاع الارض وملء السماء، افعجبتم ان مطرت السماء دماً؟!
*******